ندوة الحج الكبرى تولي اهتماماً بتداعيات مشروعات توسعة الحرم

الخميس ٥ سبتمبر ٢٠١٣ الساعة ٩:٠٣ مساءً
ندوة الحج الكبرى تولي اهتماماً بتداعيات مشروعات توسعة الحرم

كشفت ندوة الحج الكبرى -التي تنطلق في دورتها الـ”38″ غرة شهر ذي الحجة المقبل- عن وصول أعداد المشاركين فيها إلى 200 مشارك هذا العام من كل أنحاء العالم الإسلامي، بعد أن وجهت وزارة الحج دعواتها للمفكرين والمثقفين البارزين الذين سيقدمون أطروحاتهم وخبراتهم وأبحاثهم خلال مشاركتهم في أعمال الندوة.

وتستمر أعمال الندوة على مدى ثلاثة أيام تأكيداً للدور الشامل الذي يتضمنه مفهوم الحج بصفته تجمعاً دينياً وعلمياً يتم عبره التعارف والتواصل الديني والمعرفي بين المسلمين من مشارق الأرض ومغاربها.

الدكتور-هشام-العباسوأوضح مدير عام ندوة الحج الكبرى الدكتور هشام بن عبدالله العباس، أن الندوة التي تتخذ من “فقه الأولويات في الحج” موضوعاً لدورتها هذا العام تركز على الاستجابة لدعوة المملكة بتقليل أعداد الحجاج بسبب مشروعات التوسعة التي تشهدها الحرمين الشريفين، ولذلك جاء اختيار هذا الموضوع الذي سيعمم بين المسلمين كحاجة علمية وعملية، والتأكيد على أهمية الأخذ به في الحج وشعائره لأدائها بيسر وأمن واطمئنان، وبيان الصلة بينه في الحج وبين مقاصده وإظهار العلاقة بين فقه الأولويات في العبادات والصدقات وتحقيقه ثواب الفرد وحماية الجماعة ودفع الضرر عنها، كما يقلل فقه الأولويات في الحج من مشكلات الحج والحجيج، وبخاصة مشكلة الزحام.

وأشاد بمتابعة وزير الحج -الدكتور بندر بن محمد حجار- وتوجيهاته؛ لأن تبرز الندوة الدور الثقافي والحضاري الذي تضطلع به المملكة لخدمة الحج والحجيج، والتأكيد على الدور الثقافي والحضاري للمدينة المقدسة وأبنائها عبر العصور المختلفة، وإظهار الإنجازات والمشروعات الرائدة والتطورات المتلاحقة في الحرمين الشريفين لخدمة المسلمين، خصوصاً في عهد خادم الحرمين الشريفين الملك عبدالله بن عبدالعزيز -حفظه الله- وترسيخ مبدأ الحوار الفكري الهادئ لقضايا الأمة الإسلامية، من خلال موسم الحج، عبر تواجد هذه الأعداد الغفيرة من الحجيج.

وأكد أن انطلاق الندوة من رحاب مكة المكرمة، وقلب العالم الإسلامي يعطيها ثباتاً في بحث شؤون الحج، بعد أن قاربت على الأربعة عقود من الزمان، مشيراً إلى أنها في هذا العام، ومن خلال الموضوع الذي تطرقه تبين للمسلمين من كل أنحاء العالم أن الحكمة تقتضي مراعاة الأولويات، لتحقيق مقاصد الشرع في حفظ الدين والنفس والعقل والعرض والمال، وبهذا تتحقق للفرد سعادته وطمأنينته ويتحقق للمجتمع أمنه وسلامته واستقراره وتقدمه.

وشدد على أن فقه الأولويات هو من أهم ما تحتاجه الأمة في هذا العصر لتنظيم أداء شعيرة الحج وتيسير إقامتها على أحسن الوجوه بما يحقق مقصد الشارع من تشريعها مع حفظ أمن الحج والحجيج وإظهار موسم الحج بالمظهر الديني والحضاري اللائق بدين الإسلام وبأمة محمد -صلى الله عليه وسلم- التي هي خير أمة أخرجت للناس.

وقال: لهذا وقع اختيارنا على موضوع “فقه الأولويات في الحج”، ليكون موضوع ندوة هذا العام لتأصيل مفهوم الأولويات وبيان شروطه وضوابطه وأهميته في هذا العصر الذي تكاثرت فيه الواجبات، وازدحمت فيه المسؤوليات وكثرت في أعداد الحجيج، وليكون سبباً لنشر ثقافة فقه الأولويات بين المسلمين بعامة والحجاج منهم بخاصة، لتكون عوناً لهم على أداء عباداتهم وطاعاتهم بوعي وبصيرة وبأمان واطمئنان.

وأضاف أن ندوة الحج الكبرى تستضيف ثلة من العلماء والفقهاء والباحثين المتميزين، ليشاركوا في تجلية هذا الموضوع ودراسته من جميع جوانبه، وبخاصة في ما يتعلق منها بأداء فريضة الحج دون انغلاق ولا جنوح ولا تفريط.

ولخص الدكتور العباس الأهداف الرئيسية للندوة في تأصيل فقه الأولويات، وتعميقه وتعميمه بين المسلمين، كحاجة علمية وعملية، والتأكيد على أهمية الأخذ بفقه الأولويات في الحج وشعائره لأدائها بيسر وأمن واطمئنان وبيان الصلة بين فقه الأولويات في الحجّ، وبين مقاصده وإظهار العلاقة بين فقه الأولويات في العبادات والصدقات وتحقيقه ثواب الفرد وحماية الجماعة ودفع الضرر عنها، والتحقق من أن فقه الأولويات في الحج يقلل كثيراً من مشكلات الحج والحجيج، وبخاصة مشكلة الزحام وإبراز المفهوم الإسلامي الأصيل للتدين والعبادة الذي يراعي الظروف، والأحوال من غير تنطع ولا انحلال، وإثبات عظمة الشريعة الإسلامية ومرونة فقهها بما احتواه من قواعد وآليات فعالة تضمن ثبات المقاصد والمبادئ، وتراعي الظروف والأوضاع والإمكانات إلى جانب إثراء الفقه الإسلامي ومكتبته ببحوث علمية رفيعة لنخبة من علماء العالم الإسلامي في هذا الموضوع المهم.

وحدد محاور الندوة في أربعة محاور، يحمل الأول منها عنوان “فقه الأولويات.. مفهومه وأبعاده”، الذي يندرج تحته مفهوم فقه الأولويات عامّة، وفي الحج خاصة وضوابطه وشروطه وأدلته ومعايير الترجيح بين الأقوال في فقه الأولويات ومسالك العلماء في ذلك، وبيان وجوه الأولوية والتفاضل بين حج النفل والتصدق بتكاليفه، والآثار المترتبة على تقديم حجّ النفل على الصدقة، وبالعكس على الحجاج والمجتمع وفقه الأولويات في المفاضلة بين الصلاة في المسجد الحرام، وفي مساجد مكة المكرمة عموماً في موسم الحج.

ويشمل المحور الثاني “فقه الأولويات في مناسك الحج” ويتضمن أثر فقه الأولويات في تحقيق مقاصد الحج في الواجبات والسنن وأولوية أدائها، وتكرار الحج وأخبار السلف في ذلك جمعاً ودراسة وبياناً للحكم وبيان أحكام التوكيل في حجّ النفل، وأثر ذلك في تيسير أداء المناسك وحلّ مشكلة الزحام ومراتب أداء العبادات في الحج واجبات وسنناً مع ملاحظة سعة خلاف الفقهاء في أحكام المناسك، وأثر ذلك وفقه الأولويات في الترتيب بين حقوق الله تعالى وحقوق العباد في المناسك.

وركز المحور الثالث على “الآثار التطبيقية لفقه الأولويات في الحج”؛ حيث تطرق للقواعد الفقهية في فقه الأولويات المتعلقة بالمصالح العامة والخاصة، والتمثيل لها من أحكام الحج وتطبيقات فقهية واقعية في فقه الأولويات في الحج وآثارها، والآثار التعبدية والحضارية لفقه الأولويات في الحج والآثار الإيجابية في أولوية حجّ المستطيعين صحة وزاداً.

وزارة-الحجوحدد المحور الرابع “جوانب تطبيقية مضيئة من فقه الأولويات في المشاعر المقامة” عنواناً له والمخصص لدراسة تاريخية واقعية لأعداد الحجاج من حجة الوداع إلى يومنا هذا، والموازنة بينها، وأثر توسعة المسعى والمطاف ومرمى الجمرات وتوسعة الحرمين في فقه الأولويات في الحج، ودور حكومة خادم الحرمين الشريفين في ذلك، ودور علماء الإسلام ودعاته في نشر ثقافة فقه الأولويات، وبيان الوسائل الناجحة في ذلك، ومؤسسات الطوافة، ومكاتب شؤون الحجاج في تطبيق فقه الأولويات بين الحجيج والطرق الصحيحة المتبعة في ذلك.

ونوّه -في هذا الصدد- بحرص وزارة الحج من خلال الندوة على التواصل العلمي البنّاء مع المؤسسات والمحافل العلمية والباحثين المتخصصين في معظم دول العالم، وتحقيق مزيد من التكامل والتآخي والتعارف بين أبناء الأمة الإسلامية، وإرساء قواعد العمل الجماعي الموحد لأبناء العالم الإسلامي في الرد على الشبهات التي تحوم حول العقيدة والأمة والثقافة والتعريف بإنجازات الوزارة لخدمة الحج والحجاج، وذلك إسهاماً منها في تنفيذ سياسة الدولة الهادفة لتقديم أفضل الخدمات للحجاج والعمار والزوار.

وعدَّ ندوة الحج الكبرى أحد تقاليد الوزارة لإبراز مفهوم هذا المنسك العظيم، ولارتباط المسلمين بمكة المكرمة منذ بزوغ فجر الإسلام إلى الوقت الحاضر، ما جعل لها تأثيرات ثقافية قيّمة، وحرصها على تهيئة وتنظيم تلك اللقاءات العلمية والثقافية عبر هذا المحفل الإسلامي، وتوفير متطلباتها بشكل دائم ومستمر، بهدف إتاحة الفرصة لكل المهتمين والمتخصصين في العالم الإسلامي للقاء في ما بينهم، وتدارس ومناقشة القضايا المختلفة ذات الصلة بالحج والحجيج، التي تهم المجتمع الإسلامي في كل أرجاء العالم، وتبادل الخبرات والتجارب لمواجهة الأخطار التي تهدد العقيدة والأمة والثقافة؛ حيث تأتي هذه اللقاءات المعرفية، لتتيح لكل المهتمين والمتخصصين في العالم الإسلامي تدارس ومناقشة القضايا المختلفة ذات الصلة بالحج والحجاج، التي تهم المجتمع الإسلامي في كل أرجاء العالم، وتهيئ لهم تبادل الخبرات والتجارب لمواجهة التحديات التي تهدد العقيدة والأمة والثقافة.