تخفيض سن الزواج الى 9 سنوات يفجر جدلا في الشارع العراقي

الأربعاء ١٩ مارس ٢٠١٤ الساعة ٨:٢٥ مساءً
تخفيض سن الزواج الى 9 سنوات يفجر جدلا في الشارع العراقي

أثار قانون الاحوال الشخصية الجعفرية “الشيعية” الذي صادق عليه مجلس الوزراء العراقي الشهر الماضي واحاله الى مجلس النواب لمناقشته، خاصة البنود المتعلقة بحقوق المرأة وتقليص سن زواج الفتيات إلى تسع سنوات بدلا من 18 ، موجة من الجدل في الشارع العراقي.

وتنص أبرز بنود مشروع هذا القانون على تحديد عمر الزواج للفتاة بتسعة أعوام، ولا يبيح الزواج من غير المسلمات إلا مؤقتا، علما بأن قانون الأحوال الشخصية العراقي لسنة 1959 حدد سن الزواج للفتاة بـ18 عاما.

كما ينص القانون الجديد على أن الفقه الجعفري في الشريعة الإسلامية هو الحاكم للعراقيين الشيعة في الأحوال الشخصية، مثل الزواج والطلاق والمواريث والتبني.

وكان حسن الشمري وزير العدل العراقي والقيادي في حزب الفضيلة الاسلامي، دافع في اكثر من مناسبة عن القانون الذي قدمه الى مجلس الوزراء، وقال انه غير ملزم للطوائف والديانات الاخرى في العراق، كما انه يترك الخيار للاسرة في تزويج الفتاة في سن التاسعة من عدمه.

كما دافع النائب عمار طعمة رئيس كتلة الفضيلة النيابية، عن القانون وقال في بيان صدر عن مكتبه أن “الحديث عن طائفية في القانون لا أساس له، لأنه يتعامل مع واقع قائم أصلا ويتسم بالتعدد دينيا ومذهبيا وقوميا”.

واضاف ان “دستور العراق يضمن حرية الفرد في تنظيم شئونه الشخصية على مستوى العقيدة وتطبيقاتها”.

الا ان القانون واجه موجة انتقادات واسعة من منظمات حقوقية وانسانية بجانب رفض واضح من مرجعيات دينية شيعية وناشطات في مجال حقوق المراة والطفل، كما خرجت تظاهرات في عدة مدن عراقية تطالب مجلس النواب بعدم المصادقة عليه.

وقال المحامي طه مزعل الحمداني: إن مشروع قانون الأحوال الجعفرية هو الأكثر خطورة في هذه المرحلة التي تشهد صراعات وخلافات طائفية نحن في غنى عنها ونحاول الخروج منها.

واضاف: “انا أسأل من قدم مشروع هذا القانون وهو وزير العدل حسن الشمري ومن سانده من حزب الفضيلة الاسلامي، لماذا هذا الإصرار على تمرير هذا القانون؟ خاصة أنه رفض من المرجعية الدينية، فضلا عن الرفض الشعبي والاممي له”.

وتابع الحمداني: “الهدف من هذا القانون هو انتخابي ودعاية لوزير العدل وحزبه ولتفتيت البنية القانونية والاجتماعية”، مؤكدا ان تمرير هذا القانون في مجلس النواب سيحدث فوضى في التشريعات وستطالب كل طائفة وقومية بأن يكون لها قانون خاص وهذا سيؤدي بالمحصلة الى تفتيت المجتمع العراقي الذي عرف على مر التاريخ بقوة نسيجه الاجتماعي”.

واوضح ان قانون الأحوال الشخصية النافذ يعد حاميا لحقوق الجميع، ومنها الطائفة الجعفرية، مؤكد انه لم يسجل اي مؤشر سلبي اجتماعي او ديني، منذ تاريخ صدور قانون الاحوال الشخصية عام 1959.

وخلص الى القول ان القانون النافذ نجح في جمع الاحكام الشرعية، وصاغها على شكل قواعد قانونية من جميع المذاهب السائدة في العراق وبوجه خاص من المذهب الجعفري، مشددا على ان قواعد الاحوال الشخصية تمس كل مواطن منذ ولادته وحتى مماته ولابد ان تراعى هذه النقطة عند التعامل معها.

اما شيماء عادل ناشطة في مجال حقوق المرأة فقالت: “في الوقت الذي نحن بامس الحاجة فيه الى تشريع قوانين تحفظ حقوق المرأة وكرامتها فوجئنا بقيام مجلس الوزراء بالمصادقة على قانون يبيح للرجال ان يتزوجوا من الفتيات القاصرات ويستمتعوا بالمرأة ويتعاملوا معها كما لو كانت جارية وليس زوجة”.

واضافت: “هذا القانون مرفوض شكلا ومضمونا من مختلف الفعاليات النسائية، لأنه كتب لدوافع سياسية وانتخابية”، مشيرة الى ان الناشطات في مجال حقوق المرأة سيواصلن تنظيم وقفات احتجاجية ضد القانون حتى الغائه.

وقالت هناء ادور الناشطة النسوية وعضو شبكة النساء العراقيات: “هذا القانون يعد انتهاكا لكرامة المرأة والطفولة البريئة وتقسيم المجتمع طائفيا وهو يهدد وحدة العراق ونسيجه الاجتماعي”، لافتة إلى أن “مشروع هذا القانون هو جريمة ضد الإنسانية وهو يهدد الأمن الإنساني للمرأة والطفل وإهانة للعراق وتفتيت لمفاهيم القوانين في البلد”.

ووصفت القانون بأنه “إساءة للمذهب الجعفري والدين الإسلامي، وانه جاء كدعاية انتخابية وله أغراض سياسية وحزبية وطائفية ومحاولة إيهام الطائفة الشيعية بان هذا القانون شرع من أجلهم ولكسب أصواتهم”.

واعربت بعثة الامم المتحدة في العراق (يونامي)، عن قلقها من تبني العراق قانون الاحوال الشخصية الجعفرية.

وقال نيكولاي ملادينوف رئيس البعثة في بيان صدر عن مكتبه، ان “دمج المرأة بشكل كامل في المجتمع العراقي هي إحدى العوامل الاساسية في تحقيق الاستقرار والديمقراطية”، مبينا أنه “لا يمكن لاي مجتمع ان يطلق على نفسه مجتمعا شاملا اذا لم يعامل فيه الرجل والمرأة بشكل متساو أمام القانون وإذا لم تتم فيه تلبية حقوق المرأة التي ضمنها لها الدستور”.

وأعرب ملادينوف عن قلق الأمم المتحدة “من قيام مجلس الوزراء مؤخرا بتبني قانون الاحوال الشخصية الجعفرية الذي يعرض وحدة التشريع الوطني للخطر”، مؤكدا أنه “قد يساهم في تفتيت الهوية الوطنية”.

وأكد أن “هذا القانون سيكون له مردود عكسي على المكتسبات المنجزة لحماية وتطوير حقوق النساء والإناث التي يحميها الدستور”، داعيا مجلس النواب العراقي إلى أن “يراعي عند تشريع أي قانون أعلى معايير حقوق الإنسان وان تكون متناغمة مع الأعراف الدولية”.

وتابع ملادينوف أن “العراق يعتبر من الدول الموقعة على قانون(سيداو) الذي يدعو الى نبذ العنف والتمييز ضد المرأة وقانون حقوق الطفل (CRC)”، لافتا إلى أن “الامم المتحدة لا تزال ملتزمة بدعمها لجهود الحكومة والمجتمع المدني لتعزيز دور المرأة وضمان مساواة جنسها في القانون والعمل”.

كما شدد في الوقت ذاته على أن “تحقيق المساواة والعدالة للمرأة يؤدي الى تقدم المجتمع بأكمله”.

اما منظمة هيومن رايتس ووتش فقد دعت الحكومة العراقية إلى سحب مشروع قانون الأحوال الشخصية الجعفري، وضمان حماية الإطار القانوني العراقي للسيدات والفتيات، بما يتماشى مع التزامات العراق الدولية.

وقال نائب المدير التنفيذي لقسم الشرق الأوسط وشمال إفريقيا جو ستورك في بيان له: “من شأن تبني القانون الجعفري أن يمثل خطوة كارثية وتمييزية في ما يتعلق بسيدات العراق وفتياته، فهذا القانون الخاص بالأحوال الشخصية لن يعمل إلا على تكريس انقسامات العراق، بينما تزعم الحكومة تأييد الحقوق المتساوية للجميع”.

وأشارت المنظمة إلى أن من شأن مشروع القانون أن يغطي المواطنين والمقيمين الشيعة داخل العراق، وهم غالبية، ويشتمل على بنود تحظر على رجال المسلمين الزواج بغير المسلمات، وتقنن الاغتصاب الزوجي، من خلال التصريح بأن المعاشرة الزوجية حق للزوج، بصرف النظر عن رضا الزوجة، وتمنع السيدات من مغادرة المنزل من دون إذن أزواجهن.

وحذرت المنظمة من أن مشروع القانون ينتهك اتفاقية القضاء على كل أشكال التمييز ضد المرأة (سيداو)، التي صادق عليها العراق في عام 1986 وذلك عبر منح حقوق أقل للسيدات والفتيات بناء على نوعهن الجنسي، كما أنه وينتهك أيضا اتفاقية حقوق الطفل، التي صادق عليها العراق في 1994.

وكانت الحكومة العراقية وافقت على مشروع قانون الاحوال الشخصية الجعفري في 25 فبرايرالماضي بحضور وزير حقوق الانسان العراقي محمد شياع السوداني، ثم أحالته للبرلمان.

وتسبب هذا الأمر في اندلاع احتجاجات واسعة بالعراق نددت بمشروع القانون، معتبرة أنه يفتت وحدة البلاد ويوفر إطارا شرعيا للممارسة الطائفية وينتهك حقوق المرأة والطفل.

1