أخطاؤنا بين الستر والفضيحة

الإثنين ١٤ أبريل ٢٠١٤ الساعة ١٢:٠٠ صباحاً
أخطاؤنا بين الستر والفضيحة

فضل الستر:

الستر في اللغة: تغطية الشيء.

وعرفه الحافظ ابن حجر-رحمه الله–فقال: أي: إذا رآه على قبيحٍ لم يُظهِره للناس.

وقد رغب ديننا السمح في خلق الستر، فعن أبي هريرة رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ((من ستر مسْلماً ستره الله في الدنيا والآخرة)). أخرجه مسلم.

وقال الفضيل بن عياض- رحمه الله -: “المؤمن يستر وينصح، والفاجر يهتك ويعير”.

ومن الستر الذي أمرنا الله به ستر الإنسان على نفسه؛ وعدم المجاهرة بذنبه، كما قال- صلَّى الله عليْه وسلَّم-: ((كل أمتي معافى إلا المجاهرين، وإن من المجاهرة أن يعمل الرجل بالليل عملاً ثم يصبح وقد ستره الله، فيقول: عملت البارحة كذا وكذا، وقد بات يستره ربه ويصبح يكشف ستر الله عنه)).

مواقع التواصل بين الستر والفضيحة:

 

لقد كاد هذا الخلق العظيم أن يغيب عن أذهان الناس بعد دخولهم في شبكة الإنترنت، وخصوصاً بعد شيوع الأجهزة الذكية ومواقع التواصل الاجتماعية.

فليس سراً أن نجد أعلى مواقع الشبكة دخولاً، وأكثر المقاطع شيوعاً، ما صدره أصحابه بفضيحة فلانٍ أوفلانةٍ، ولم يعد من المستغرب دخول الناس في سباق محموم لنشر تلك الفضائح بشتى الطرق.

ولو لم يكن من عقوبة الله لهؤلاء الذين يتتبعون عورات المسلمين إلا أن يفضحهم الله، لكفى بها عقوبة زاجرة للكف عن هذا الخلق الذميم، فعن أبي بزرة الأسلمي مرفوعا: ((يا معشر من آمن بلسانه، ولم يدخل الإيمان قلبه لا تغتابوا المسلمين، ولا تتبعوا عوراتهم، فإنه من يتّبع عوراتهم يتّبع الله عورته، ومن يتّبع الله عورته يفضحه في بيته)). رواه أبو داود، وأحمد وصححه الألباني.

وقد قال الشاعر:

قضى اللهُ أنَّ (البغيَ) يصرعُ أهلَهُ * * * وأنَّ على (الباغِي) تدورُ الدوائرُ

ومَن يحتفِرْ بئراً ليـوقعَ غيـرَهُ * * * سَــيُوقَعُ في البئرِ الذي هو حافِرُ

الستر الممنوع والفضح المشروع:

ومع كل ما تقدم لابد أن نعلم علم اليقين: أن من الستر ما هو ممنوع وأن من الفضح ما هو مشروع، قال النووي – رحمه الله -: “الستر على من ليس معروفًا بالأذى والفساد”.

لذلك أجاز العلماء فضح المجاهر بفساده أو ببدعته، كالمجاهر بشرب الخمر وغيره، كما قال الإمام أحمد- رحمه الله-: “إذا كان الرجل معلِنًا بفسقه فليس له غيبة”، ويدخل في ذلك إقامة الحدود والتعزيرات على المستحقين لها.

وقال النووي-رحمه الله-في رياض الصالحين: “باب ما يباح من الغيبة”: اعلم أن الغيبة تباح لغرض صحيح شرعي ، لا يمكن الوصول إليه إلا بها ، وهو ستة أسباب – ثم قال:

الرابع: تحذير المسلمين من الشر ونصيحتهم ؛ وذلك من وجوه : منها : جرح المجروحين من الرواة والشهود، وذلك جائز بإجماع المسلمين، بل واجب للحاجة.

ومنها: إذا رأى متفقهاً يتردد إلى مبتدع أو فاسق يأخذ عنه العلم ، وخاف أن يتضرر المتفقه بذلك، فعليه نصيحته، ببيان حاله، بشرط أن يقصد النصيحة”.

عجيبة من عجائب بعض الناس:

تسابقهم للفضيحة في ريال أو عقار، أو لفضيحة المسؤولين والموظفين.

ثم سكوتهم في نفس الوقت عن الذين أفسدوا الدين وأخربوا الدنيا.!!!

والسلام

تعليقك على الخبر
لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني | الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *
التعليق
الاسم
البريد الإلكتروني

  • غادة

    مقال جمييل ونافع ، نفع الله بكم

  • غادة

    مقال نافع وجمييل نفع الله بكم

  • منيرة

    مقال مهم جداً خصوصاً في هذا الوقت .. بارك الله في جهودكم ونفع بكم الإسلام والمسلمين

  • حامد المبارك

    مقال علمي رائع ومفيد ،

    ومسدد ياشيخ ،

    بارك الله فيكم ونفع

  • منصووور

    اللهم استر علينا في الدارين

    جزاك الله خيرا يا شيخ

  • حسن ابوغشام

    إذا كان الخطأ شخصي فالستر مطلوب
    أما إذا كان الخطأ يتعدى الى المجتمع فالستر يشجع على استمرار الخطأ
    فإذا كان الخطأ في حق الامة أو الدين فالستر خيانة

  • علي الشمري

    بارك الله فيك ياشيخ .

  • غير معروف

    جعلك في الجنة والديك.