الروائي “حمور زيادة” الفائز بجائزة نجيب محفوظ يفتح قلبه لـ”المواطن”

الأحد ٢١ ديسمبر ٢٠١٤ الساعة ١٠:٢٢ صباحاً
الروائي “حمور زيادة” الفائز بجائزة نجيب محفوظ يفتح قلبه لـ”المواطن”

أُعلنت في الحادي عشر من هذا الشهر، والذي يتصادف مع تاريخ ميلاد الأديب المصري الشهير نجيب محفوظ، العربي الوحيد الحائز على جائزة نوبل العالمية للأدب عام 1988، الرواية الفائزة بالجائزة السنوية في دورتها 19 والتي تحمل اسمه، وقد فازت رواية “شوق الدرويش” للروائي السوداني حمور زيادة بالجائزة كأول سوداني ينال هذا الشرف.
وتدور أحداث الرواية -كما جاء في بيان الجامعة الأمريكية بالقاهرة، والتي تتبنى الجائزة وتشرف عليها- في مدينة الخرطوم في أواخر القرن الـ18، وتروي أحوال السودان قبيل وأثناء الثورة المهدية، ومن خلال نسيج روائي يقوم على 3 أشخاص يطرح حمور زيادة، أسئلة جدلية تتعلق بالحياة والموت والحب والحرية.
صحيفة “المواطن” الإلكترونية -وبحكم إيمانها بدور المثقفين والمثقفات في العالم العربي- كان لها السبق على مستوى وسائل الإعلام المحلية في التحدث إلى الأديب والروائي السوداني الفائز بجائزة نجيب محفوظ للرواية 2014 حمور زيادة، من خلال اللقاء التالي:

بداية حدثنا عن البدايات والنشأة، وبداية العلاقة مع الأدب والرواية؟
ولدت بالخرطوم، في السودان، فأنا ابن وحيد لمحامٍ وسياسيٍّ، وأمٍّ محبة للأدب، نشأت في بيت محب للقراءة والاطلاع، وربيت على هذا كنمط حياة طبيعي، وكنت محظوظاً بوجود جِدة تتقن الحكي والقص، حيث كانت جدتي لأمي تحكي لي الحكايات الشعبية، وتنغمها بصوتها العذب، وهذا ما فتح أمامي عالماً واسعاً من الخيال.

صف لنا شعور الفوز بجائزة نجيب محفوظ للرواية، وهل توقعت ذلك؟
لم أتوقع الفوز قط، وقد كانت الجائزة مفاجأة بالنسبة لي، وهي مفاجأة مبهجة بالتأكيد، فهي روايتي الثانية، والمفاجأة جاءت من حيث كوني لا أحب التوقف عند العمل الذي أصدره طويلاً، حيث أظن دائماً أن دور الكاتب وعلاقته بالعمل تنتهي حين صدور الكتاب من المطبعة، أما عملية تسويقه ومتابعته فهي شأن الناشر، لذلك كنت مهتماً بالتركيز على عمل جديد، وحين أتت الجائزة كانت خبراً مفرحاً.

هل لنا معرفة نبذة مختصرة عن روايتك الفائزة ” شوق الدرويش “؟
من الصعب على الكاتب أن يقدم نبذة عن عمله، هذا أمر أشبه بـ” التلخيص”، لكن دعنا نقول إنها رواية تدور أحداثها في نهاية القرن التاسع عشر في السودان، في فترة الدولة المهدية والغزو المصري الإنجليزي.

كيف تقيم مستوى الرواية في العالم العربي، ومن يلفت نظرك من الروائيين العرب عموماً، والسعوديين خصوصاً؟

فن الرواية في العموم فن جديد وناشئ عند العرب، لقد شغفهم الشعر زماناً طويلاً، لعل الرواية العربية لم تكمل القرن بعد، لكنها رغم ذلك تنطلق من تراث حكائي، وواقع به كثير من السحر والشغف والتعقيدات، ربما واحدة من مشاكل الرواية العربية اليوم أنها أصبحت شعبية جداً من حيث الكتابة لا القراءة، لدينا عدد كبير جداً من الكتّاب الروائيين، بشكل ما كل شخص يحاول كتابة رواية واحدة على الأقل. هذا ليس عيباً بالتأكيد، لكنه في نفس الوقت يثير القلق أن تكون الرواية مجرد “موضة ” تأخذ وقتها ثم تتلاشى أو تتراجع، وفي ظل هذا الزخم الإنتاجي أقرأ للكثيرين، لكن يظل لمثل واسيني الأعرج، وبهاء طاهر، وربيع جابر، وحنا مينا وعبدالعزيز بركة ساكن، وحجي جابر مكانة مميزة، وطبعاً قبلهم أساتذة الرواية أمثال نجيب محفوظ والطيب صالح.
مَن الروائيون العالميون الذين شكلوا تاريخ الرواية من وجهة نظرك؟
على المستوى العالمي هناك أسماء مهمة، مثل ديسو تفيسكي، وهيمنجاوي، وماركيز، ويوسا. هذه أسماء مهمة وعلامات في الرواية. بعد قرون ستصبح هذه الأسماء أساطير مثل شيكسبير والمتنبي، أما على مستوى الرواية العربية فبالتأكيد يرجع لنجيب محفوظ جزء كبير من فضل تأسيس الرواية العربية المعاصرة، ودفعها إلى مكان مميز في العالم.

ما أبرز الروايات التي قرأتها وأثرت فيك؟
هذا أمر من الصعب تحديده؛ لأن التأثير يختلف بحسب المرحلة العمرية والظروف التي تُقرأ فيها الرواية، فمثلاً قرأت ” اللص والكلاب ” لنجيب محفوظ وأنا دون العاشرة من عمري، وهزتني جداً وفتحت أمامي عالماً لم أكن أتخيل أنه موجود في عالم الراوية.

لكن هل فهمت اللص والكلاب جيداً في تلك السن؟!
لا أظن.. رواية ” وقائع موت معلن ” لغابريل ماركيز كانت فتحاً مختلفاً بعد حوالي 15 عاماً على قراءة اللص والكلاب، وأثرت فيّ جداً بأسلوبها السردي، ثم جاءت رواية ” مئة عام من العزلة ” لتفتح عالماً مختلفاً من الحكي.

شخصية روائية شدتك وتتذكرها دوماً؟ وشخصية روائية أخرى تستحق أن تكون بطلاً قومياً؟
هناك أكثر من شخصية أتذكرها لعل أبرزهم سانتياجو نصّار، بطل رواية “وقائع موت معلن” الرجل الذي كان سيموت بعد ساعات وهو لا يعرف ذلك وكل القرية تعلم أن مصيره قد تحدد وهو لا يحسب لذلك حساباً، وحين أتت ساعة القدر كانت أمه أقرب الناس لقلبه هي من دفعه للموت وهي تظن أنها تنقذه. هذه شخصية لا يمكن أن تنساها بسهولة.
أما من يستحق أن يكون بطلاً قومياً فهو مصطفى سعيد بطل رواية “موسم الهجرة إلى الشمال” للطيب صالح، هذه الشخصية – لو كنا أكثر صراحة مع أنفسنا – هي بطل كل عربي وتعبر عن أزمته تجاه نفسه ورؤيته للعالم. مصطفى سعيد شخصية مأزومة وغير سوية. لكنه في المقابل يمثل جميع مواطني بلادنا.

هل أنت مع تحويل الرواية إلى السينما؟
السينما منافس قوي للرواية وبشكل ما قد تقضي السينما على القراءة في العقود القادمة ما لم تحدث معجزة، لكن هذا لا يعني أنها ليست فناً عظيماً مبهراً. وتحويل الرواية إلى السينما لا يقتل بالضرورة الرواية نفسها أو يضرها، لأن السينما غالباً ما تقدم نصاً مختلفاً وقراءة بصرية للعمل، وهناك أعمال روائية قتلت الأفلام التي تحولت إليها. مثل ” الحب في زمن الكوليرا ” وعلى العكس هناك أفلام قضت تماماً على الروايات التي اقتبست منها. مثل ” الأب الروحي” و” فورست جامب ” لا أعتقد أن أحداً قرأ الروايتين، ولو فعل ذلك أحد اليوم فلن يجد فيهما متعة آل ” باتشينو ” و” مارلون براندو ” و” توم هانكس ” في المقابل روايات نجيب محفوظ عاشت بجوار أفلامه دون أية مشكلة.

مَن هم الروائيون الذين تتمنى الوصول إلى إبداعاتهم؟
لا أشغل نفسي بهذا الأمر لن أصل إلى أكثر مما أقدر عليه لذلك لا أحاول المقارنة أو الطموح لمكانة روائي بعينه، أنا ما أنا عليه فقط لدي مشروعي الروائي ولدي أدواتي وسأصل فقط إلى حيث يمكن أن يوصلني ذلك، لن أتعداه ولن أقف قبله، وحيث يكون ذلك سأكون راضياً عن نفسي.

كيف ترى مستقبل القراءة في الوطن العربي خاصة مع غزو وسائل التواصل الحديثة؟
لا أقدر أن أحمّل وسائل التواصل الحديثة اللومَ، فهي لم تجبر أحداً على ترك القراءة أو أن يمل من قراءة المطولات، هي مجرد وسيلة متاحة للتواصل الإنساني، لكن بشكل ما أثّرت في كل ما حولها. وربما انعكس ذلك سلباً على القراءة. لكن في النهاية لا يمكن معاندة الواقع أو الزمن نحن نتحرك لدخول واقع جديد ومواقع التواصل وشبكات الإنترنت هي أحد أسسه الرئيسية؛ لذا علينا أن نتواءم مع ذلك وأن نكف عن القلق الزائد.

ختاماً هل مِن كلمة أخيرة نختم بها هذا اللقاء الشيق؟
من الصعب أن يطلب من كاتب كلمة أخيرة، حيث سيكون دائماً لدى الكاتب ما يقوله ربما لولا الموت لما صمت الكتّاب أبداً ولا توقف عن الثرثرة!
لكن دعني أتمنى.. حيث سأتمنى للرواية السعودية التطور ومزيداً من الحراك، فهي تأتي في قلب الأرض التي قدمت للعرب الشعر في مزاج يحب القوافي والأفكار المغزولة على الأوزان، وفي واقع اجتماعي شديد الدقة والحرج، لذلك فإن تحدياتها عظيمة، ومن هنا فأنا أقدم لها صادق الدعوات والأمنيات بالنصر.

 

حمور (3)

حمور (2)