الشثري: الأمن في الأوطان أعظم أهمية من الماء والغذاء

الإثنين ٢٢ ديسمبر ٢٠١٤ الساعة ٢:٤٣ مساءً
الشثري: الأمن في الأوطان أعظم أهمية من الماء والغذاء

أوضح الدكتور أحمد بن عبد العزيز الشثري عضو هيئة التدريس بجامعة سلمان بن عبد العزيز، أن الأمن في الأوطان أعظم أهمية من الماء والغذاء والدواء، حيث لا يمكن طلب الرزق والمعيشة إلا بتحقق الأمن، ولا يمكن الاستقرار في الديار والعيش في المساكن إلا بتحقق الأمن.
وجاء ذلك خلال محاضرة بعنوان (الأمن الفكري ضرورة شرعية) نظمتها كلية إدارة الأعمال بحوطة بني تميم، ضمن حملة وطننا أمانة، والتي تقيمها محافظة حوطة بني تميم بإشراف من إمارة منطقة الرياض.
وعدد الشثري وسائل حفظ أمن الخلق والعباد والبلاد، ومن أهمها السمع والطاعة لولاة الأمور في غير معصية الله تعالى، حتى ولو صدر منهم أو في سياستهم ما لا يرضاه الناس، فإنه يجب على الخلق الاقتداء بهدي سيّد المرسلين في حثّه على التحلي بالصبر والمصابرة، لأجل نجاح وحدة الكلمة في ديار الإسلام، لأن نفع الحكام وفائدة ولايتهم وسلطتهم على البلاد؛ لاتقارن بشقِّ عصاهم والخروج عليهم إذا أخطأوا أوجاروا.
وأضاف:” ومن قواعد الشريعة أن (درء المفاسد مقدّم على جلب المصالح)، مبيناً أن النبي صلى الله عليه وسلم أرشد الخلق إلى دواء الصبر لاجتماع كلمة أهل الإسلام، ففي صحيح البخاري من حديث أبي سعيد الخدري عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال: (ما أعطي أحد عطاء خيراً وأوسع من الصبر)، وفي الصحيحين عن ابن عباس رضي الله عنهما أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: (إنكم سترون بعدي أثرة وأموراً تنكرونها، قالوا فما تأمرنا يارسول الله؟ قال: أدوا الحق الذي عليكم، وسلوا الله الذي لكم)، وفي حديث أنس رضي الله عنه لما شكا الناس إليه ما يلقون من الحجاج بن يوسف الثقفي، قال: (اصبروا…)، وفي صحيح البخاري من حديث ابن عباس رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: (من رأى من أميره شيئًا يكرهه، فليصبر فإن من فارق الجماعة شبراً فمات، فميتته جاهلية)، وفي صحيح البخاي من حديث أنس رضي الله عنه أن النبي صلى الله عيه وسلم قال: (اسمعوا وأطيعوا وإن استعمل عليكم عبد حبشي كأن رأسه زبيبه)، ورُوِيَ: (سِتُّونَ سنةً مع إمامٍ جائرٍ خيرٌ من ليلةٍ واحدةٍ بلا إمامٍ)، وقال عبدُ اللَّهِ بنُ المبارَكِ رحمه الله:
إنَّ الخلافةَ حبلُ اللَّهِ فاعتصِمُوا … … مِنه بعُروتِه الوُثْقى لمَن كَانَ
كم يَدفعُ اللَّهُ بالسُّلطانِ مُعضِلَةً … … عن دِينِنا رَحمةً مِنه ودُنيانَا
لولا الخلافة لم تُؤمَنْ لنا سُبُلٌ … … وكان أَضْعفُنا نَهْباً لأَقْوانَا
وقال شيخ الإسلام ابن تيمية في عقيدة أهل السنة والجماعة: (ويرون إقامة الحج والجهاد والجمع والأعياد مع الأمراء أبراراً كانوا أو فُجارًا).
وقال الدكتور الشثري: ولأجل حفظ وحدة الجماعة؛ فقد حذّر النبي صلى الله عليه وسلم من حمل السلاح على أهل الإسلام في ديار الإسلام، فقال عليه الصلاة والسلام في صحيح البخاري عن ابن عمر مرفوعًا: (من حمل علينا السلاح فليس منا)، وفي صحيح البخاري عن أبي هرير، قال: قال عليه الصلاة والسلام: (لا يشير أحدكم على أخيه بسلاح، فإنه لايدري لعلّ الشيطان ينزغ في يده فيقع في حفرة من النار).
وأوضح أن من وسائل حفظ أمن الجماعة الاعتصام بجماعة المسلمين، وولي أمر المسلمين فإنهم العصمة من الفتن، قال تعالى: (وإذا جاءهم أمر من الأمن أو الخوف أذاعوا به، ولو ردّوه إلى الرسول وإلى أولي الأمر منهم؛ لعلمه الذين يستنبطونه منهم….)، وفي صحيح البخاري حديث حذيفة بن اليمان لمّا سأل النبي صلى الله عليه وسلم عن الشر مخافة أن يدركه، قال في آخر الحديث فما تأمرني يارسول الله؟، قال: (الزم جماعة المسلمين وإمامهم).
وشدد الدكتور الشثري على أن من واجب حفظ الأمن النصح والتعاون بين أهل الإسلام، يقول شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله لما ذكر أصول أهل السنة والجماعة قال: (ثم هم مع هذه الأصول يندبون إلى أن تصل من قَطعك وتعطي من حرمك وتعفو عن من ظلمك)، ومن النصح كذلك تقديم النصح والتوجيه لكل من استرعاه الله رعية على بلاد الإسلام، وبحمد الله بلادنا المملكة العربية السعودية قد قامت وأسِّست على التوجيه والنصيحة، والأمر بالمعروف والنهي عن المنكر، والجميع في بلادنا يستمعون إلى النصيحة ابتداءً من قائد الدولة وولي أمرها، إلى أصغر موظف في الدولة، خاصة إذا صدرت تلك النصيحة بحكمة من قلب ناصح مشفق، وقد التزم صاحبها بآداب النصح والتوجيه، متأسيّن بقوله عليه الصلاة والسلام: (الدين النصيحة، قلنا لمن يارسول الله، قال: لله ولكتابه ولرسوله ولأئمة المسلمين وعامتهم).
وقال الدكتور أحمد الشثري بأنه يجب الوفاء بالبيعة لولي الأمر في ديار الإسلام، فإن الناس لا يصلحون ولا يمكن أن يعيشوا فوضى لا سراة لهم، وفي صحيح البخاري من حديث عبادة بن الصامت رضي الله عنه قال: (بايعنا رسول الله صلى الله عليه وسلم على السمع والطاعة في منشطنا ومكرهنا وعسرنا ويسرنا وأثره علينا، وأن لا ننازع الأمر أهله إلا أن تروا كفراً بواحاً)، وأول ما حصلت الفتن في هذه الأمة بسبب نقض البيعة، وهتك السدّ المنيع والحصن الواقي لهذه الأمة بعد نبيها محمد صلى الله عليه وسلم، وقد حصل ذلك بسبب الخروج على ولي أمر المسلمين فانفتح باب الشر، وذلك بمقتل أمير المؤمنين الخليفة الراشد عمر بن الخطاب رضي الله عنه، ففي صحيح البخاري عن حذيفة رضي الله عنه أن عمر سأله عن الفتن التي تموج كموج البحر، فقال يا أمير المؤمنين ليس عليك بها بأس، بينك وبينها باب مغلق، فقال عمر رضي الله عنه يكسر أم يفتح؟ قال بل يكسر، قال عمر رضي الله عنه إذاً لا يغلق أبدًا، والباب المغلق هو عمر رضي الله عنه، فبكسر الباب ومقتله رضي الله عنه حصل من الفتن والخروج على الحكام والخلفاء من بعده عثمان وعلي رضي الله عنهما؛ ما تسبب في إراقة دماء أهل الإسلام، وشقِّ عصاهم وهتك أعراضهم وحرماتهم.
وحذّر الدكتور الشثري من جماعات الغلو والتطرّف التي تخرج على الحكام بسبب الغلو في الدين، لذلك حذرت الأدلة وتواترت على التحذير من الغلو في الدين والخروج على الحاكم تطاولاً وغلواً، فقال تعالى: (يا أهل الكتاب لا تغلوا في دينكم ولا تقولوا على الله إلا الحق)، وقال تعالى: (يا أهل الكتاب لاتغلوا في دينكم غير الحق)، وقال عليه الصلاة والسلام محذراً من الغلو: (إياكم والغلو فإنما أهلك من كان قبلكم الغلو)، وفي صحيح البخاري عن أبي سعيد الخدري رضي الله عنه قال: بينما نحن عند رسول الله صلى الله عليه وسلم وهو يقسم قسمًا أتاه ذو الخويصرة، فقال يا رسول الله اعدل فقال ويلك، ومن يعدل إذا لم أعدل قد خبت وخسرت إن لم أكن أعدل، فقال عمر يا رسول الله إئذن لي فيه، فأضرب عنقه، فقال دعه، فإن له أصحاباً يحقر أحدكم صلاته مع صلاتهم، وصيامه مع صيامهم، يقرأون القرآن لا يجاوز تراقيهم، يمرقون من الدين كما يمرق السهم من الرمية).
وأضاف الدكتور الشثري: وما رأيناه في الديار والبلاد من حولنا من القتل والتدمير والمجازر البشعة التي حصلت بسبب تلك الثورات البائسة على الحكام، مما حصل بسببها من استرخاص للدماء وأكلٍ للأخضر واليابس، وقد بيّن النبي صلى الله عليه وسلم، أنه بسبب ضياع ولاية أهل الإسلام في آخر الزمان، يكثر القتل، وتراق الدماء حتى لايدري القاتل لم قَتل، ولا المقتول لم قُتل، وقد بيّنه المصطفى صلى الله عليه وسلم، ففي صحيح البخاري عن أبي هريرة، عن النبي قال: (يتقارب الزمان وينقص العمل ويلقى الشح وتظهر الفتن ويكثر الهرج، قالوا يارسول الله وما الهرج قال القتل القتل).
وفي نهاية محاضرته؛ دعا الدكتور الشثري أن يحفظ الله بلادنا وبلاد المسلمين من مضلات الفتن، ما ظهر منها وما بطن، ويحفظ إمامنا ووليّ أمرنا، ويأخذ بناصيته للبر والتقوى، ويحقن دماء المسلمين.