40 يوماً في البحر قبل أن يصل الروهنجيا إلى مخيمهم

الإثنين ٢٥ مايو ٢٠١٥ الساعة ١١:٠٦ مساءً
40 يوماً في البحر قبل أن يصل الروهنجيا إلى مخيمهم

أخذ محمود ياسين يتوسل إلى المهربين راكعا ليرأفوا بزوجته. فقبل شهر من الوضع، لم تعد تحتمل الحرمان والضربات التي توجه إلى الزوجين أسيري سفينة قبالة سواحل ميانمار، مثل مئات المهاجرين الآخرين لمدة أربعين يوما.
وقال الشاب البالغ من العمر 24 عاما والعائد إلى المخيم الواقع على الساحل الغربي لميانمار حيث يعيش منذ ثلاث سنوات: «كانت غائبة عن الوعي وقالوا: إنهم سيقومون بإلقائها في البحر». وأضاف: «ركعت وأخذت أتوسل إليهم لذلك لم يقوموا برميها».
وسمحت مبادرته بإنقاذ بيبي نو اشا. وعندما اكتشف الناس في المخيم أن رحلة الزوجين تحولت كابوسا، جمعوا أموالا لدفع فدية يطالب بها المهربون وأفرج عن محمود ياسين وزوجته.
وكل سنة ومثل هذين الزوجين يقوم آلاف من الروهنجيا المضطهدين في ميانمار، والبنغاليين الذين يهربون من البؤس، بالإبحار للوصول إلى ماليزيا. وهم ينطلقون على متن زوارق صغيرة تقودهم إلى سفن أكبر تتوجه إلى الجنوب عندما تمتلئ.
لكن منذ بداية مايو، تفككت العصابات السرية للتهريب تحت وطأة السياسة القمعية الجديدة لتايلاند، وعلق آلاف المهاجرين في خليج البنغال.
وقال محمود ياسين: «كان هناك عدد كبير من السفن في البحر. ثلاث سفن تقل حوالي 400 أو 500، و600 شخص ما زالوا ينتظرون». وتحدث عن الضرب الذي يتعرضون له ونقص الغذاء والمياه والرعب الذي يفرضه المهربون في المراكب.
وكانت المفوضية العليا للاجئين التابعة للأمم المتحدة حذرت الثلاثاء من وجود ألفي مهاجر على الأقل بينهم نساء وأطفال مهددون بالجوع والعنف على قوارب هائمة قبالة ميانمار منذ أكثر من أربعين يوما. ويطالب المهربون بما بين 200 و300 دولار ليسمحوا لهم بمغادرة السفن. أما ماليزيا فتتحدث عن سبعة آلاف شخص.
ومثل محمود ياسين وبيبي نو اشا، نجح حوالي مئة شخص على ما يبدو في الوصول إلى البر في الأيام الماضية. وعاد الزوجان إلى مخيم انوك سان بيا بالقرب من أكياب غرب ميانمار وإلى كوخهما السابق المتداعي. وكانا يأملان في إنهاء حياة البؤس التي يعيشانها. فالزوجان يقيمان في غرفة صغيرة مع ثمانية أشخاص آخرين، وياسين بلا عمل منذ ثلاث سنوات، وهما يواصلان بالكاد حياتهما معتمدين على الحصص الغذائية التي تقتصر على بعض المواد الأساسية.
ويضم المخيم الذي أقيم قبل ثلاث سنوات بعد أعمال العنف الدينية التي هزت ولاية أراكان وأسفرت عن سقوط مئتي قتيل، أكثر من 140 ألف نازح.
وقال ياسين: «إذا ذهبنا إلى ماليزيا فسنستطيع أن نأكل. هنا ليس لدينا أي شيء، لا عمل». وأكد أن أصدقاء له تمكنوا من الاستقرار في ماليزيا.
وتدفع الظروف المعيشية البالغة القسوة للروهنجيا – البالغ عددهم نحو 1.3 مليون نسمة في ميانمار ويواجهون أعمال عنف دينية – إلى محاولة الانتقال إلى هذا البلد ذي الغالبية المسلمة، ويعد من البلدان الأكثر ازدهارا في جنوب شرق آسيا.
وترفض حكومة ميانمار الاعتراف بالروهنجيا كمجموعة إثنية، معتبرة أنهم مهاجرون غير شرعيين من بنجلادش المجاورة، وإن كانوا يقيمون في ميانمار منذ أجيال. وهم لا يملكون أي وثائق ولا يستطيعون دخول المدارس أو النظام الصحي أو سوق العمل.
وتؤكد السلطات أن الوضع في المخيم تحسن خصوصا بفضل وصول الكهرباء أخيرا.
وتواجه ميانمار التي دخلت سنة انتخابية حاسمة بعد عقود من الحكم العسكري صعودا في النزعة القومية البوذية، ولا يجرؤ أي سياسي على الخوض في قضية الروهنجيا التي تشكل مجازفة سياسية.
وحتى أونغ سان سو تشي حائزة نوبل للسلام وحاملة راية الديمقراطية في البلاد، تلتزم الصمت حيال هذه القضية خوفا من أن تثير استياء أنصارها ذي الغالبية البوذية.