القذف بالحذاء.. وسيلة معاصرة للتعبير عن الرأي لها جذور تاريخية

السبت ٢٠ يونيو ٢٠١٥ الساعة ١:٢٢ مساءً
القذف بالحذاء.. وسيلة معاصرة للتعبير عن الرأي لها جذور تاريخية

قامت صحفية يمنية برشق قيادي حوثي بالحذاء أثناء حديثه في مؤتمر صحفي على هامش محادثات جنيف، وأظهر تسجيل لحظة إلقاء الصحفية، ذكرى العراسي، الحذاء صوب القيادي حمزة الحوثي، رئيس الوفد الحوثي في محادثات جنيف، الذي كان يتحدث عن منجزات مليشياته في قتال الشعب اليمني.
ووصفت العراسي أثناء قذفها الحذاء الحوثيين بأنهم “مجرمون وكلاب ويقتلون الأطفال” في اليمن بحسب التسجيل.
شاهد التسجيل
وقام ناشط جنوبي آخر يدعى فرج العولقي برمى حذاء آخر على المنصة قبل أن يتدخل رجال الأمن.
الخطوة الجريئة لاقت استحساناً جماهيرياً واسعاً، فقد عرض رجل أعمال سعودي مبلغ مليون ريال سعودي مقابل شراء حذاء العراسي، كما عرض الشيخ القبلي، أحمد العواضي، مبلغ مليون ريال لشراء الحذاء، وقال: “من يخبر بنت عدن الحرة التي قذفت وفد الانقلابيين بحذائها أنني مستعد لشراء حذائها الذي هو أطهر من وجيههم بمليون ريال”؟.
– من يشتري حذاء منتظر؟
الحادثة أعادت للذاكرة حادثة أشهر وقعت في العاصمة العراقية بغداد، حين أجاد العراقي منتظر الزيدي تصويب رميته بالحذاء تجاه الرئيس الأمريكي الأسبق، جورج بوش، أثناء مغادرته مؤتمراً صحفياً في بغداد في 14 ديسمبر/كانون الأول، أثناء زيارة وداع للعراق عام 2008، فأصابت إحدى الفردتين علم الولايات المتحدة الأمريكية خلف بوش، بعد أن تفادى الحذاء بسرعة فائقة، إلا أن التاريخ والعالم سطرا قصة منتظر، وحظي حذاؤه بشهرة عالمية من يومها.
شاهد التسجيل
في حين أقدم شاب عراقي يوم الأربعاء 6 فبراير/شباط 2013، على رمي الحاكم المدني الأمريكي السابق للعراق، بول بريمر، بحذائه، ولم يكن مسرح الأحداث هذه المرة في العراق، وإنما في لندن، حيث ظهر مقطع مصور يتحدث فيه بريمر، في لقاء نظمته جمعية “هنري جاكسون” داخل إحدى قاعات مجلس النواب البريطاني، وحضره صحفيون وسياسيون وعدد من أبناء الجالية العراقية، وكان بينهم الشاب ياسر السامرائي، وحينها طلب إذناً ليطرح سؤالاً على بريمر، ثم عاجله بفردة حذاء، تفاداها بريمر لضعف الضربة. وقال السامرائي حينئذ له: “اللعنة عليك وعلى ديمقراطيتكم المزيفة..دمرتم بلدي ولن تفلتوا”، فرد عليه بريمر وهو يضحك: “عليك بتحسين تصويبك إذا أردت القيام بخطوة من هذا النوع″.
– الأصل التاريخي
الحذاء…أصبح تعبيراً شعبياً عن حالة غضب تنتاب صاحبها تجاه قضايا مختلفة، استخدمه الساسة قديماً، وسيتخدمه الأشخاص في التعبير عن مواقفهم تجاه سياسيين سواء بشكل مباشر عند حضورهم لقاءات جماهيرية أو أثناء مرور مواكبهم، وفي أحيان كثيرة غير مباشرة من خلال رشق صورهم.
– القصة بدأت عند “خورشوف”
في 12 أكتوبر/تشرين الأول 1960، وأثناء جلسة تحضيرية للجمعية العمومية للأمم المتحدة، ظهر السكرتير الأول للحزب الشيوعي في الاتحاد السوفيتي السابق، نيكيتا خورشوف، وهو يضرب بحذائه على منصة الأمم المتحدة، اعتراضاً على الخطاب الذي ألقاه رئيس الوفد الفليبيني، لورنزوسومولونج، الذي أكد فيه تأييد بلاده استقلال دول أوروبا الشرقية عن موسكو.
شاهد التسجيل
– أحمدي نجاد الإيراني..ونفحة حذاء سورية
لم تسلم إيران ورئيسها السابق، أحمدي نجاد، من الرشق بالحذاء خلال زيارته التاريخية لمصر، وذلك على يد شاب سوري حاول الهجوم عليه أثناء خروجه من مسجد الحسين في القاهرة، إلا أن الأمن المصري حال دون ذلك، وسرعان ما ألقى القبض عليه.
شاهد التسجيل
– هيلاري كلينتون لم تسلم من حذاء أمريكي
ويوم الخميس 10 أبريل/نيسان 2014، رشقت امرأة وزيرة الخارجية الأمريكية السابقة، هيلاري كلينتون، بحذاء أثناء إلقائها كلمة في فندق بمدينة لاس فيغاس بولاية نيفادا الأمريكية، إلا أن كلينتون انحنت وتفادت الحذاء.
شاهد التسجيل
– لماذا يرشق الناس الرؤساء والمسؤولين بالحذاء؟
يقول عبد الرحيم محمد، استشاري التخطيط الاستراتيجي وقياس الأداء المؤسسي، إن تغيراً في المفاهيم والقيم ووسائل التعبير طرأ حتى بات الناس يستخدمون الحذاء للتعبير عن رفضهم، وهذا له عدة أسباب؛ أهمها الرغبة في التحرر وكسر الروتين، والتعبير عن مكنون الشخصية وما بها من انفعالات وأحاسيس داخلية، كما أنها أصبحت أسهل وأسرع وأقوى وسيلة للتعبير عن حالة الغضب والرفض.
وأضاف محمد أن من بين الوسائل، أيضاً، إصابة الأجهزة والمؤسسات بالصمم وعدم قدرتها على سماع مطالب الناس، بالإضافة إلى الاعتقاد بأن هذه الوسيلة سوف تكسر الحواجز والقيود في ظل غياب قنوات التواصل مع المسؤولين ووجود البطانة السيئة، كما أن في الحذاء القديم المتهالك رسالة إلى المسؤول للدلالة على حالة البؤس والقحط.
– الحذاء..إشارات ودلالات في الثقافات التاريخية
عند البحث عن دلالات الحذاء في الثقافات التاريخية، فإن هناك بعض الإشارات تدل على قوة هذا الرمز، حيث تقول فايقة شيرازي، أستاذة دراسات الشرق الأوسط في جامعة تكساس: “قد يكون السبب هو الترتيب الجسدي من الرأس وحتى القدمين، فالرأس في الأعلى يشير إلى علو المرتبة، في حين أن القدمين في الأسفل تلامسان الأرض، وتعبران عن الدونية”، لافتةً إلى أنه عادة ما كان الناس حفاة في الماضي، وهو ما قد يشير إلى انخفاض المرتبة.

تعليقك على الخبر
لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني | الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *
  • أبو نجم : عصام هاني عبد الله الحمصي

    التعبير عن الضرر عبر التاريخ لها أساليب لا تحصى .