يزيد بن محمد يكتب: #داعش وإستراتيجية تحويل المقدس إلى مدنس

الإثنين ١٠ أغسطس ٢٠١٥ الساعة ١٠:٣٣ مساءً
يزيد بن محمد يكتب: #داعش وإستراتيجية تحويل المقدس إلى مدنس

تحت عنوان “إستراتيجية تحويل المقدَّس لمدنَّس”، ناقش الكاتب يزيد بن محمد قضية تنظيم داعش الإرهابي، محاولًا الغوص في عقلية التنظيم وطريقة تجنيده لعناصره وتشكيله لعقول أتباعه في المملكة العربية السعودية، وكيف نجح في تجاوز عيوب تنظيم “القاعدة”.
وفي مقاله المنشور في صحيفة “الوطن” قال الكاتب يزيد بن محمد: “لا شك أن هناك منظومة تفكير محترفة تضع إستراتيجية داعش، خصوصًا في حربه الشعواء ضد السعودية. هذه المنظومة درست جيدًا الانتقال الكامل لتكوين العقل السعودي والتأثير عليه من المسجد والمنزل والصحافة والتلفزيون إلى الإعلام الجديد، وخصوصًا (تويتر)”.
ولأنه واضح أيضًا أن داعش ذراع مكمِّل لفوضى الشرق الأوسط، وهدفه الأساسي خلخلة الدولة الكبرى المستقرة في المنطقة، والتي لو سقطت لاكتمل مشروع الفوضى؛ فقد درس مخططو داعش جيدًا عيوب الجيل الأول من الإرهابيين من “القاعدة” الذين على الرغم من إجرامهم كان لبعضهم سقف في الإرهاب، وكانت لهم مساجلات فكرية مع مشايخ، وهذا يعني أنهم يعودون لما يظنونه مرجعية دينية لأعمالهم، يحاورون حولها. فاتخذوا قرارًا واضحًا أن السعودي لابد أن يحطم جميع الأسقف؛ كي لا يناقش المتعاطفون الجدد شرعية أعمالهم.. فقتل الداعشي السعودي والده، وهذا ما لا يصدَّق في المجتمع السعودي!! فحطم بذلك سقف أن الوالدين خط أحمر، وأن لهم طاعة حتى في موضوع الجهاد. وفجّر الداعشي السعودي نفسه في المساجد أكثر من مرة؛ فحطّم سقف حرمة المساجد والمصلين!! وبذلك لم يعُد في السعودية مقدَّس للمنضمين الجدد.. بعيدًا عن قتل النفس الذي حذّر منه علماؤنا الثقات منذ عقود. وتجاوز الداعشيون الآن جدله.
نحن أمام معضلة اجتماعية أولًا وثانيًا وثالثًا. فلم يعُد السعودي يستقي توجهاته الاجتماعية من العائلة والمسجد، ومن قرأ إدارة التوحش ومن شاهد أفلام داعش البشعة يعرف أنهم قوم يطبقون حرفيًّا غزو العقل. ويعرفون كيف يعظمون بعض الدوافع الإنسانية المكبوتة لدى السعوديين ويصقلونها. نحن أمام غزو خارجي بقيادة مشبوهة مختفية مجهولة، تتمتع بشبكة كبرى من التواجد التكنولوجي، استنفرت كل طاقاتها بعد أن نجحت السعودية في عاصفة الحزم وحجّمت من دور الميليشيا في الجزيرة العربية.
وأن تخوض السعودية حربًا وتنتصر فتلك كارثة على أيديولوجيا داعش ومنهج الإقناع لديهم؛ ما يضر كثيرًا بحلفائهم الذين يتبادلون معهم المصالح. ليت يوسف السليمان قبل أن يسلك طريق الضلال والخزي وسفك الدماء سأل من أعطاه الأمر: متى يلتحق بنا قائدنا إبراهيم العراقي (أكرم الله كنية أبي بكر عنه) في الجنة ويفجِّر نفسه؟ ليته فعلها.. أو سأل: كيف يصل الإرسال الإلكتروني إلى الرقة (عاصمة داعش) عبر شبكات اتصالات النظام السوري؟! ليته سأل.
“داعش” استوعب الدرس في تعامله مع السعوديين.. اغزهم بسرعة ولا تدعهم يفكرون، فإذا فكروا سألوا ولا قيادة منهم؛ فالقائد يكشف المستور، أما المنضمون الجدد فلم يعُد أمامهم مقدَّس، فقد تم تحويله لمدنَّس. إنها حرب عقول.. وسيُهزمون في النهاية- بإذن الله.