“المواطن” تقرأ منحنيات العلاقات #السعودية الأمريكية عبر التاريخ ( الحلقة الثانية)

الجمعة ٤ سبتمبر ٢٠١٥ الساعة ٤:٢٧ صباحاً
“المواطن” تقرأ منحنيات العلاقات #السعودية الأمريكية عبر التاريخ ( الحلقة الثانية)

لخّص الباحث البريطاني دي. سي. وات في مقال نشره بمجلة “آسيا الوسطى الملكية” في عام 1963، ما قام به من دراسة لسياسة الملك عبدالعزيز الخارجية خلال الفترة من 1936 و1939، بأنه تمكن من تحقيق الضغط على عدد من الدول الكبرى آنذاك، وعلى رأسها الولايات المتحدة الأمريكية، من خلال اتخاذ سياسة “إثارة المنافسة بين تلك الدول من أجل الاستجابة لاحتياجاته. وبالفعل، كان الأسلوب السياسي الذي كان يقوم به الملك المؤسس في علاقاته مع الدول رغم تنافرها وتناقض مصالحها في المنطقة العربية والخليجية، على الصراحة وعدم الارتباط بدولة معينة على حساب مصالح بلاده أو علاقاته مع الآخرين.سلمان-الحزم-تغطية-المواطن

ويمكن القول إنه من خلال استعراض السياسات الخارجية لعدد من الدول العربية في تلك الفترة المبكرة من ثلاثينات القرن الماضي، نجد أنه من النادر أن تجد دولة تمتعت بتلك الاستقلالية في سياستها الخارجية، أو حظيت بعلاقات واسعة مع عدد كبير من الدول ذات المصالح، أكثر مما حدث مع السعودية، وهي في بدايات حضورها الدولي والبحث عن الاعتراف بها كدولة.

وبالفعل، بدأت علاقة المملكة العربية السعودية بالولايات المتحدة مستقلة عن أي تطور في موازين القوى آنذاك، التي ظهرت بشكل واضح أثناء الحرب العالمية الثانية. كما أنها بدأت من خلال بحث الحكومة السعودية بقيادة الملك عبدالعزيز، عن تأسيس علاقات دبلوماسية مع جميع الدول التي لها وزنها السياسي والاقتصادي. كما أن السعي نحو تأسيس تلك العلاقات في تلك الفترة المبكرة، تم في وقت لم يكن النفط فيه عنصراً في معطيات العلاقات بشكل مطلق.

لهذا السبب، استثمر فؤاد حمزة الذي كان يقوم بإدارة الشؤون الخارجية آنذاك، طلب الولايات المتحدة الأمريكية في عام 1928 من جميع الدول المستقلة والمرتبطة بعلاقات معها، إلى توقيع اتفاقية باريس للتخلي عن الحرب الموقعة في 27 أغسطس 1928، حيث أرسل في ذلك العام رسالة إلى وزير الخارجية الأمريكي، لتأسيس علاقات متبادلة بين البلدين، بما يمكن الدولة السعودية الجديدة من الانضمام إلى اتفاقية باريس. و قد وجهت الخارجية الأمريكية سفيرها في مصر، حتى يبلغ مبعوث الملك عبدالعزيز في مصر بشكل غير رسمي مشاعر الصداقة الأمريكية نحو الدولة السعودية.

ومنذ تلك الخطوة الأولى، بدأت العديد من التحركات لتشجيع أمريكا على تأسيس علاقات مع السعودية، بدءاً من نائب القنصل الأمريكي في عدن، الذي حث حكومته في عام 1930 على الارتباط بعلاقات مع الملك عبدالعزيز لأهميته، ومروراً بأمين الريحاني، وانتهاءً بعبدالله فيلبي الذي كتب للسفارة الأمريكية بمصر قائلاً: “لن تمتعضوا من قيامي بتذكيركم بتأسيس العلاقات مع الملك عبدالعزيز باعتباري صديقاً للعرب، وممثلاً ووكيلاً لعدد من الشركات التجارية الأمريكية البارزة مثل فورد وستاندارد أويل وفايرستون وسنجر وغيرها”، كما قام تشارلز كرين بالكتابة إلى الحكومة الأمريكية، يدعوها إلى تأسيس علاقات مع السعودية.

وعندما قامت الولايات المتحدة بتقييم العلاقات الدولية للسعودية، وجدت أنها مرتبطة بالعديد من الدول سواء باتفاقيات دبلوماسية أو حتى تجارية، مثل اتفاق الملك عبدالعزيز مع ألمانيا عام 1929، نتيجة لذلك بعثت الخارجية الأمريكية معاون الملحق التجاري بالإسكندرية رالف تشيزبروف إلى جدة صيف 1930، من أجل تقيم الأوضاع والكتابة عن انطباعاته. وظل تشيزبروف في جدة 8 أيام، وأعد تقريراً وافياً في بيروت بعنوان “المصادر الاقتصادية والأنشطة التجارية لمملكة الحجاز ونجد وملحقاتها”، بحسب ما وثقته دارة الملك عبدالعزيز، وكان التقرير متفائلاً بمستقبل العلاقات التجارية بين الدولتين وفقاً للمعاينة المباشرة.

وفي عام 1931، تحركت الخارجية الأمريكية نحو تأسيس العلاقات مع السعودية، وتحدث وزير الخارجية الأمريكي نفسه مع الرئيس هوفر، الذي أصدر أوامره بالبدء في التحضير لتأسيس تلك العلاقات. وفي العام نفسه، استلم حافظ وهبة وزير الملك عبدالعزيز المفوض في لندن رسالة من مستشار السفارة الأمريكية بلندن،  تأكد من خلالها استعداد الحكومة الأمريكية لتأسيس علاقات دبلوماسية وتوقيع اتفاقية بهذا الشأن مع السعودية. وفي 14 أبريل 1931، أصدرت الولايات المتحدة قرارها بالاعتراف بالدولة السعودية تمهيداً لتأسيس علاقات دبلوماسية.

سلمان-الحزم-تغطية-المواطن