الروائي ” شكري المبخوت ” الفائز بالبوكر يخص “المواطن ” بأول لقاء موسع‬

الأربعاء ٩ سبتمبر ٢٠١٥ الساعة ١٢:١٦ صباحاً
الروائي ” شكري المبخوت ” الفائز بالبوكر يخص “المواطن ” بأول لقاء موسع‬

فازت رواية “الطلياني” للكاتب التونسي شكري المبخوت مؤخرًا بالجائزة العالمية للرواية العربية “بوكر” في دورتها الثامنة، وتُعد الرواية أول الأعمال الروائية لـ”المبخوت”، وتدور أحداثها في تونس من خلال بطلها وهو طالب اسمه عبدالناصر الطلياني، حيث يستخدم الروائي تاريخ بطله في النضال السياسي، وتستعرض الرواية تاريخ تونس الحديث بكل تعقيداته، وخاصة فترة الانقلاب الذي قام به زين العابدين بن علي على نظام الحبيب بورقيبه في أواخر الثمانينيات من القرن الماضي.
وُلد شكري المبخوت في تونس عام 1962م، ويشغل حاليًّا منصب رئيس جامعة منوبة (شمال تونس)..
صحيفة “المواطن” الإلكترونية، وبحكم إيمانها بدور المثقفين في العالم العربي كان لها قصب السبق على مستوى وسائل الإعلام المحلية في التحدُّث بتوسع مع الأديب والروائي التونسي شكري المبخوت الفائز بجائزة البوكر العالمية للرواية العربية 2015م.
– بدايةً حدِّثنا عن نشوء علاقتك مع الأدب والرواية.. خاصة وقد عُرفتم بعملكم الأكاديمي في الجامعة.
ليس في الأمر أي سرّ؛ فأنا درست اللغة والأدب العربيّين، وبحوثي الأكاديميّة لم تخرج عن هذا المجال، والواقع أنّني مثل كثيرين لم أكن أرى العلاقة بين الأدب والبحث في أساسها المتين. توهّمت لفترة أن البحث العلميّ يقتضي الصرامة والدقّة والمنهجيّة، في حين أن الأدب انسياب وتدفّق وتحليق في عوالم الخيال. لكنّ تجربتي في كتابة الرواية برهنت لي أنّ الأدب أيضًا يقتضي تلك الصرامة والتخطيط والتدقيق، وربّما يسّرت لي تجربتي البحثيّة مثل هذا الانضباط الذي يتطلّبه بناء عالم روائيّ.
– نود إعطاءنا نبذة مختصرة أشبه بالتشويقة عن رواية “الطلياني” لمن لم يقرأها حتى الآن.
ليس أفضل من قراءة الرواية، فإذا وجد القارئ هوى في نفسه فليواصل مطالعتها، وإذا وجدها مملّة ثقيلة فلْيلق بها بظاهر اليد. الأدب محاورة لا ينفع فيها الإغراء. إنّه جدّ لا يقبل الخداع والتلاعب بنفوس الناس ووجدانهم.
– بعض المثقفين أبدوا تحفظًا حول مدى أحقية فوز العمل الأول لأي روائي بجائزة ضخمة مثل (البوكر)، مرجحين كفة الروائيين الذين لهم أكثر من عمل للفوز.. كيف ترد على ذلك؟!
يحقّ للجميع أن يرى في الأدب والفنّ رأيًا مغايرًا لما تراه اللجان، ويحقّ لهم أن ينقدوا الجوائز ومعاييرها في التقييم. هذا أمر لا رأي لي فيه. فقط أشير إلى أن فوز الطلياني رغم أنّها رواية بِكْر ليست بدعة لمن يعرف تاريخ الجوائز في العالم، ومنها جائزة (البوكر مان) الإنجليزية. على كلّ حال ليست الكتابة الأدبيّة مجموعة أعمال وتدريبات نكتب بعدها بالضرورة عملًا جيدًا.
– بعض المثقفين أيضًا وصف جائزة (كتارا) للرواية بأنها جائزة “أرامل البوكر”، وأنها أشبه بالترضية للروائيين الذين تجاهلتهم البوكر أو لم يحالفهم الحظ بالفوز بها؛ ما رأيك؟ وهل تتفق مع ذلك؟
هل هو استنقاص من جائزة كتارا وهي في دورتها الأولى أو استنقاص من الروائيّين الذين حازوا عليها ومن بينهم من له تجربة طويلة وأعمال روائيّة مميّزة؟
هذه “النميمة الثقافيّة” لا أراها جديرة بمثقّف يحترم نفسه ويحترم جهود المؤسّسات الجادّة في تطوير الأدب الروائيّ وغير الروائيّ في العالم العربيّ.
– هل أغرتك أصداء البوكر في التفكير بكتابة روايات أخرى جديدة؟ أم تود التريث وتأجيل ذلك إيمانًا منك بأن المهمة أصبحت الآن صعبة كون أول رواية لك قد فازت بها؟
لم أكتب “الطلياني” للبوكر، ولن أكتب لأيّ جائزة، وإنّما هو مشروع أدبيّ أخذ في التبلور بقطع النظر عن الحصول على البوكر.
نعم الحصول على الجائزة العالميّة للرواية العربيّة حدث مهمّ، ولكنّني لست صيّاد جوائز. ستصدر لي قريبًا عن (دار العين) المصريّة مجموعة قصصيّة كتبتها بعد الرواية ولي رواية أخرى من المرجّح صدورها في السنة المقبلة.
– مَنْ مِن زملائك الروائيين الستة الذين وصلوا معك للقائمة القصيرة للبوكر أحسست بأنه الأقرب للفوز بالجائزة؟ وهل قرأت رواياتهم جميعًا؟
ألاحظ فحسب أنّ الروايات الستّ قد فازت بالبوكر. ولكلّ رواية مميّزاتها ومناخها وأسلوبها. وهي تدلّ بتنوّعها واختلافها على خبرة وجهد يعكس وجوهًا من تطوّر السرد الروائيّ العربيّ. أحببت في كلّ رواية منها جانبًا أو أكثر. المهمّ أنني كنت سعيدًا، وأنا الآتي من بعيد إلى عالم الرواية بالانتماء إلى عائلة القائمة القصيرة للبوكر لسنة 2015م.
– كيف تقيِّم مستوى الرواية في العالم العربي؟ ومن يلفت نظرك من الروائيين العرب عمومًا، والخليجيين خصوصًا؟
لا ريب في أنّها رواية تتطوّر بشكل كبير فنيًّا ومضمونيًّا، ويكفي دليلًا على ذلك الاهتمام الذي أضحت تجده لدى القرّاء والناشرين. أما الكتّاب الذين لفتوا نظري فكثيرون أخشى ألّا تحيط بهم إجابتي هذه، ورغم ذلك أحبّ أعمال ربيع جابر مثلًا، وأبهرتني عوالم حمّور زيادة، وأكبر ظنّي أن للسنعوسي وليحيى مقاسم في الرواية الخليجيّة مستقبلًا مشرقًا.
– من الروائيين العالميين الذين شكلوا تاريخ الرواية من وجهة نظرك؟ وما هي أبرز الروايات التي قرأتها وأثّرت فيك؟
ما حقّقته الرواية العالميّة أمر مدهش فاتن حقًّا، سواء في مواطنها الأولى الكبرى مثل روسيا وفرنسا وبريطانيا وفي بعض البلدان الأوروبيّة (إسبانيا وإيطاليا)، أو في مراكز أخرى مثل الأمريكتين وبعض بلدان آسيا كاليابان والهند. لذلك يصعب حصر الروائيّين الذين شكلوا تاريخ الرواية أو دفعوا بها إلى آفاق جديدة أو أثّروا فيّ شخصيًّا دون غيرهم. سؤالك صعب وإن كانت لبعض شخصيّات الطلياني خصوصًا رئيس تحرير جريدة الحكومة التي اشتغل فيها البطل مواقف من الرواية تمثّل في جانب كبير منها مواقفي أنا.
– شخصية روائية شدتك وتتذكرها دومًا. وشخصية روائية أخرى تستحق أن تكون بطلًا قوميًّا.
شخصيّات كثيرة لأنّ جلّ الروايات الفاتنة تخلق أنماطًا من الشخصيّات مهمّة تمثّل بالسرد مرايا للإنسان في تعقّده، وعلى تنوّع هذه الشخصيّات وتناقضها أحيانًا فإنّ ما يشدّ فيها هو تردّدها وتذبذبها وجراحاتها وأوجاعها وهشاشتها. لذلك يصعب أن نجد شخصيّة جديرة بأن تكون بطلًا قوميًّا. فالرواية وتحديدًا الرواية التي أحبّها لا تصنع أبطالًا قوميّين بقدر ما هي نقد للتماسك الكاذب وأرشفة لوجع الإنسان في بحثه عن حرّيّته الفرديّة.
– هل أنت مع تحويل الرواية إلى السينما؟
الاقتباس السينمائيّ تأويل ما للنصّ الروائيّ، ولست أراه من باب الوفاء لنصّ أصليّ موهوم، فالمخرج حرّ في تعامله مع الرواية بعيدًا عن منطق المطابقة أو الخيانة، فللسينما منطقها وقيودها كما للرواية، ورغم ذلك فعدة أعمال نجحت في بناء عالم مرئيّ ساحر انطلاقًا من أعمال روائيّة مهمّة، وأبرزتها بطريقة جذّابة، والشواهد كثيرة في هذا الباب.
– في الختام نود أن تغرد لهؤلاء (أي في 120 كلمة فقط أو أقل).
# نجيب محفوظ: المعلّم أبدًا. أسئلة الفيلسوف الهادئ في ثنايا السرد المشوّق.
# الطيب صالح: لولاه لما عرفنا روح السودان سرديًّا.
# جابريل ماركيز: الساحر الذي يخرج من قبعة اليوميّ حمامات السرد العجيبة.
# سعود السنعوسي: مزيد من الملح على الجرح والآتي أجمل ولا ريب.
# أحلام مستغانمي: سؤال الشعر في الرواية.
# حمور زيادة: كتابة فاتنة بروح محلّيّة محبّبة وأفق إنسانيّ رحب.
# واسيني الأعرج: نجم الرواية العربيّة الجميل، وهو جدير بذلك.