رسوم الأراضي.. 4 أعوام من المداولات بدأت بنداءات مواطنين وانتهت بقرار #سلمان_الحزم

الثلاثاء ٢٤ نوفمبر ٢٠١٥ الساعة ١:٤٤ صباحاً
رسوم الأراضي.. 4 أعوام من المداولات بدأت بنداءات مواطنين وانتهت بقرار #سلمان_الحزم

قطع ملف إقرار فرض الرسوم على الأراضي البيضاء شوطًا كبيرًا من حياة السعوديين، بدءًا من الخطوات الأولى في دراساته وتداولاته بشكل رسمي تحت قبة الشورى، والعقبات والتحوّلات فيه، حتى تم إقراره أمس من مجلس الوزراء، بما يصل لأربعة أعوام، إقرارًا جزئيًّا؛ إذ يحتاج لموافقة أخرى من مجلس الوزراء لاحقًا على اللائحة التنفيذية النهائية بعد ١٨٠ يومًا من الآن، ثم يحتاج لـ١٨٠ يومًا أخرى لتطبيقه فعليًّا على أرض الواقع.

أصوات مواطنين
وبدأت ولادة أولى ملامح هذا القرار التاريخي بالمتعسّرة في ٢٠١٠م حين تلقى فيها مجلس الشورى أولى أوراق الملف، وبدأ التجميع لها، وبعد أشهر بالفعل قُدّمت دراسة رسمية للتصويت عليها داخل المجلس، وحظيت بتصويت الأغلبية.

زكاة الأراضي
وكشف بعد ذلك- وتحديدًا في منتصف ٢٠١2م- الدكتور مجدي حريري عضو مجلس الشورى وقتها أن الملف بدأ بأصوات مواطنين وصلت للمجلس من أجل حل مشكلة غلاء الأراضي وفك الاحتكار عنها؛ ليقوم المجلس برفع توصية إلى خادم الحرمين الشريفين ضمن إطار نظام تطوير الزكاة الجديد، تدعو إلى فرض ضريبة بنسبة تحصيل تقدر بـ15% إلى 20%، على الأراضي البيضاء غير المطورة.
وأضاف حينها: أنهم قاموا بالفعل بإصدار قرار ينص على أن كل مَن لديه أرض أعدّها للتجارة أُخذت منه زكاة بشرط توفُّر عشرة ضوابط، والزكاة التي وضعت ليست بالكبيرة فالنسبة التي وُضعت هي 2.5%، من قيمة الأرض.. ولكن في ظل عدم تطبيق القرار وبالنظر إلى الضريبة التي تطبق على الأراضي في أكثر دول العالم وهي بين 15 و20%، قمنا أيضًا برفع توصية إلى خادم الحرمين ضمن إطار نظام تطوير الزكاة الجديد لتصبح النسبة بين 15 و20%، وهذا النظام- إن صدر- سيعالج كثيرًا من الأخطاء.

هيئة كبار العلماء
وظل الحديث متقطعًا منذ ذلك الحين ومتأرجحًا ما بين إقرار الزكاة أو الرسوم على الأراضي البيضاء حتى دخلت وزارة الإسكان على الخط في تصريح مقتضب ونشر في ٣/ ١/ ١٤٣٥هـ لوزير الإسكان السابق شويش الضويحي بأن وزارة الإسكان تدفع باتجاه إقرار فرض رسوم على الأراضي البيضاء، حيث قدمت الوزارة دراسة مستفيضة في هذا الجانب أيدت فيها سرعة إقرار هذا المطلب؛ لما له من أثر إيجابي للحد من ارتفاع أسعار الأراضي واحتكارها. وجاء ذلك خلال حضور وزير الإسكان الجلسة العادية الخامسة لمجلس الشورى التي عقدها ذلك الوقت برئاسة رئيس المجلس الشيخ عبدالله آل الشيخ.
ودافع مستميتًا وقتها “الضويحي” للحصول على تأييد لذلك القرار من هيئة كبار العلماء إذ كان الحديث يتمحور حول فرض الزكاة ويتعيّن على صدور القرار موافقة من هيئة كبار العلماء، لكن الهيئة بعد مناقشتها الملف بداية العام الماضي بحضور وزيري الإسكان والعدل، وبرئاسة مفتي عام المملكة، الشيخ عبدالعزيز آل الشيخ، رأت تأجيل اتخاذ قرار في الحكم الشرعي بشأن فرض الرسوم، وأحالت الدراسة إلى المجلس الاقتصادي الأعلى الذي يرأسه خادم الحرمين الشريفين الملك عبدالله بن عبدالعزيز- وقتها- لأخذ مرئياته حول ما إذا كان القرار، حال صدوره، سيخفِّض أسعار العقار من عدمه ثم يعود الموضوع إلى “كبار العلماء” لمناقشته في دورة الهيئة اللاحقة.

ترقّب وتوجّس
ودارت موجة ترقّب بعد تأجيل هيئة كبار العلماء لهذا الملف، لكن عادت الآمال تتجدد حين خرجت التصريحات من الهيئة أنهم لم يرفضوه رفضًا قاطعًا، وإنما تم إحالته للمجلس الاقتصادي الأعلى الذي كان برئاسة الملك عبدالله- يرحمه الله- واستمر الترقب حتى ١٣/ ٩/ ٢٠١٤م، وأكَّد وقتها عضو هيئة كبار العلماء الشيخ عبدالله المنيع أنه لا حاجة لفرض رسوم على الأراضي البيضاء؛ كون الزكاة بديلًا يكفل مصالح البلاد.
وقال “المنيع”، حسبما نقلت عنه صحيفة “مكة”: إنه أبدى رأيه في الموضوع، وإنه لا توجد حاجة لفرض رسوم على الأراضي البيضاء، طالما يوجد بديل شرعي معتمد وهو الزكاة التي فيها إبراءٌ للذمة؛ حسب تعبيره.
ونفى الشيخ “المنيع” حينها ما تم تداوله حول معارضته إقرار رسوم على الأراضي البيضاء، موضحًا أنه لم يصدر حتى الآن شيء في الموضوع حتى يكون هناك موافقون للقرار ومعارضون له؛ حيث إن الموضوع أُحيل للمجلس الاقتصادي الأعلى الذي يرأسه الملك، لدراسة الموضوع.

المجلس الاقتصادي
ومع تشكيل المجلس الاقتصادي والتنموي الذي يترأسه ولي ولي العهد صاحب السمو الملكي الأمير محمد بن سلمان عاد ملف الرسوم إلى الواجهة وبقوة من جديد، وبدأ التحرك فيه بخطوات متسارعة؛ إذ وافق مجلس الوزراء قبل عدة أشهر على ما رُفع إليه من دراسة مشروع الترتيبات التنظيمية لفرض رسوم على الأراضي البيضاء الذي أشرف على إعداده مجلس الشؤون الاقتصادية والتنمية.

مهلة ٣٠ يومًا لـ”الشورى”
وقبل ما يزيد على شهر أحال مجلس الوزراء برئاسة خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبدالعزيز، مشروع الترتيبات التنظيمية لفرض رسوم على الأراضي البيضاء، إلى مجلس الشورى، ووجه بالانتهاء من دراسته خلال 30 يومًا.
وأوضح حينها وزير الثقافة والإعلام، الدكتور عادل الطريفي، أن مجلس الوزراء اطلع على مشروع الترتيبات التنظيمية لفرض رسوم على الأراضي البيضاء، الذي أشرف على إعداده مجلس الشؤون الاقتصادية والتنموية، والذي يهدف إلى تقليل تكلفة الحصول على المسكن الملائم، وبخاصة لذوي الدخول المحدودة أو المنخفضة، ولاستكمال الإجراءات النظامية وجّه المجلس بإحالة المشروع إلى مجلس الشورى لدراسته وفقًا لنظامه، كما وجّه المقام الكريم بأن ينتهي مجلس الشورى من دراسته خلال 30 يومًا؛ ليقوم الشورى خلال الأسبوع الماضي بإعادة الملف مرّة أخرى للوزراء الذي أصدر اليوم موافقته على ما اشتمل عليه من دراسة وتوصيات نهائية من “الشورى”.

التطبيق بعد عام
ويطبق القرار فعليًّا بعد ٣٦٠ يومًا من الآن؛ إذ يقضي النظام بأن تُعد وزارة الإسكان اللائحة التنفيذية له بالتنسيق مع الجهات ذات العلاقة، وتصدر بقرار من مجلس الوزراء خلال 180 يومًا من تاريخ صدور النظام، وأن يُعمل بهذا النظام بعد 180 يومًا من تاريخ نشره في الجريدة الرسمية.

الأراضي السكنية والسكنية التجارية
ويفرض النظام رسمًا سنويًّا على كل أرض فضاء مخصصة للاستخدام السكني أو السكني التجاري، داخل حدود النطاق العمراني، مملوكة لشخص أو أكثر من ذوي الصفة الطبيعية أو الصفة الاعتبارية غير الحكومية؛ وذلك بنسبة 2.5% من قيمة الأرض، على أن تحدد اللائحة التنفيذية للنظام معايير تقدير قيمة الأرض، والبرنامج الزمني لتطبيق الرسم بشكل تدريجي، والضوابط اللازمة لضمان تطبيق الرسم بعدالة ومنع التهرب من دفعه، وتودع مبالغ الرسوم والغرامات المُحَصّلة من مخالفي النظام في حساب خاص لدى مؤسسة النقد العربي السعودي، يُخَصَّص للصرف على مشروعات الإسكان، وإيصال المرافق العامة إليها، وتوفير الخدمات العامة فيها.