الفقيد #عبدالله_الجريد .. ذكاء وفصاحة خطفت كل مَن قابله

الإثنين ٣٠ نوفمبر ٢٠١٥ الساعة ١:٥٤ مساءً
الفقيد #عبدالله_الجريد .. ذكاء وفصاحة خطفت كل مَن قابله

قال والد عبدالله الجريد –رحمه الله-: إن ابنه رغم مشكلاته الصحية، كان يمتاز بفصاحة اللسان وذكاء متقد، دفع كل مَن يراه إلى حبه.
وأشار الوالد -في حوار أجرته معه “المواطن“- إلى علمه ووالدته بمرض ابنهما قبل حتى ميلاده، لافتاً النظر إلى أنه خلال فترة الحمل أخبرهم الطبيب أن ابنهما “مريض بالصلب المشقوق”.
وأضاف الوالد: “بعد ولادته في مستشفى الملك فيصل التخصصي -نظراً لتعسر حالة الولادة- ظهرت إصابة جديدة وهي (الاستسقاء الدماغي)”.
ويتذكر الوالد قبل أن يضيف “بعد مرور ما يقارب 12 يوماً من ولادته -رحمه الله- تم سحب المياه من دماغه، وأصبح ابني يزور مستشفى الملك فيصل التخصصي بشكل متكرر 4 مرات شهرياً حتى ظهرت لديه مشكلة بالكُلْية”.
وتابع “بالرغم من مرض ابني إلا أني لما أشاهده يوماً يعاني من المرض وحجم المعاناة، بل كان دوماً يعمل على إسعادنا وإثارة البهجة في البيت رحمه الله”.

موقف الأمير سلطان بن عبدالعزيز رحمه الله مع الجريد
عن هذا الموقف الشهير قال الوالد: “خلال هذا الموقف كان ابني يبلغ من العمر 4 سنوات ونصف، أثناء زيارة الأمير سلطان لحائل، وبالتحديد عندما وضع حجر الأساس لمركز الأمير سلمان بن عبدالعزيز؛ لذوي الاحتياجات الخاصة”.
واستطرد: “ابني عبدالله تحدث مع الأمير -رحمهما الله- كابن مع والده وقال له (فينك ليش تأخرت أنا انتظرك لي ساعة) فابتسم الأمير”.
وأكمل “كان ابني متعلقاً مثله كمثل أي طفل بالأشياء البسيطة كالمفتاح والجوال وغيرها من الأشياء التي تُلهي الأطفال وقال له الأمير سلطان -رحمه الله- أنت معك جوال وبعد ذلك قام الأمير بإهدائه سبحته”.
وواصل حديثه للمواطن “لم ألقن عبدالله أي شيء ولم يحفظ أي كلمات قبل مقابلة الأمير، حيث إن كل الحديث الذي شاهده كافة أطياف المجتمع مع سموه كان بكل عفوية، وعندما شاهد الأمير سلطان قام بوضع يده على وجه سموه وهذا يعني حب ابني لمن يراه”.
وأردف “بعد ذلك أمر الأمير -رحمه الله- بعلاج عبدالله في ألمانيا وكان ذلك في أواخر عام 2005 م وكان وضع عبدالله الصحي سيئاً للغاية داخلياً، وبعد مرور ما يقارب شهرين سافرنا لعلاجه”.

الشيخ الصغير
تحدث والد عبدالله عما حدث لهم عند مغادرتهم إلى ألمانيا لعلاجه قائلاً: “وفقنا -ولله الحمد- بأطباء عند وصولنا وأحبوه بشكل كبير، حيث إن عبدالله كان يحب أن يلبس “الغترة” وهو صغير، وأطلق عليه الأطباء هناك الشيخ الصغير”.
وأردف “بعد ذلك تم إجراء عملية له بكُليته اليمنى وتم تنظيف الكلية اليسرى له، وبعد ذلك تحسنت حالته وبعد مرور أيام من إجراء العملية عُدنا لعلاج العمود الفقري حيث تحسنت حالته الصحية بشكل كبير بعد إجراء العملية”.

عبدالله والمدرسة
وعن وضع عبدالله الدراسي قال الوالد: “كان المعلمون يتعاملون معه بشكل جميل ومحبوب ووصل ابني قبيل وفاته للفصل الأول الثانوي”.
وأضاف “كنت بشكل يومي أذهب له إلى المدرسة عند حوالي الساعة 9.30 لحاجة عبدالله للقسطرة بعد كل ثلاث ساعات، حيث إن عبدالله يأكل أكلاً معيناً كالحلى وبشكل بسيط، ولا يأكل اللحوم أو المربى ولا يشرب المشروبات الغازية أو الألبان”.

أمنية الوالد مع ولده
أعرب والد عبدالله عن أمنيته وتخطيطه لحياة عبدالله مستقبلاً، مضيفاً “لكن قدر الله سبق كل شيء.. كنت أتمنى أن يُكمل دراسته بالخارج حتى يكمل تعليمه وعلاجه؛ لكون هناك مراكز متخصصة لعلاج مثل حالة عبدالله”.
واستدرك قليلاً ليضيف “عبدالله محبوب إعلامياً بشكل كبير وكان يأخذ مساحة أي حفل له دون ملل من أي شخص أو كَلل”.

صبْر عبدالله
وعند نقطة صبر عبدالله قال والده في حواره لـ”المواطن”: إن ابنه كان صابراً على المرض ولم يتحدث لي عن مرضه، أو حتى عندما يشاهد أحداً يمشى وهو لا يستطع المشي مثلهم لا يتضجر أبداً، ومن المواقف التي مرّ عبدالله بها في المرحلة الابتدائية قال له أحد الأطفال كلمة بما معناها أنت ليس لديك القدرة أن تذهب للحمام، فأسرَّها ابني ولم يحزن”.

خبر الوفاة “تحطم قلبي”
وقال عندما وصلنا إلى ألمانيا منذ ما يقارب 18 يوماً لعلاجه تغيُّر الجو كان له أثر وبشكل كبير في إصابته بفيروس والتهاب بالرئة التي على إثرها أُدخل المستشفى، ولكن منذ أن أدخل المستشفى وحتى وفاته كان في عدم وعي بشكل كافٍ، حيث إنه يقوم ويعود إلى حالته الأولى والتي لا يشعر فيها بشيء”.
وأكمل “تعلّقي به كان بشكل كبير ولكن بعد أن أخبروني عن وفاته ذكرت الله، ولكن في داخلي تحطم قلبي”، مضيفاً ” أجريت لعبدالله عدد 18 عملية في محاولة منا ومن المستشفى لعلاجه وإعادته ليمارس حياته الطبيعية وبإذن الله مأجور عليها، ولكن خيرة الله أفضل”.
وتوقف هنا والد عبدالله ليكفكف الدموع مع نبرات الحزن التي لا تتوقف وأنا أتحدث معه عن عبدالله، وقد شعرتها وبشكل كبير.
وأردف عاش “ابني عبدالله في حياته محبوباً ولكن قُدرة الله فوق كل شيء ووردتني عدة اتصالات من كافة أنحاء المملكة للتعزية في ابني ومن أناس لا أعرفهم”.
وقدّم الوالد شُكره لكل مَن قدم له التعازي من قريب أو بعيد ومنهم صاحب السمو الملكي سلطان بن سلمان والأمير سلمان بن سلطان والأميرة عتاب.

معلمو عبدالله يتحدثون عنه
وتحدث لـ “المواطن” أحدُ معلمي عبدالله -رحمه الله- ويُدعى جزاع بن مرزوق العديم، وهو معلم لمادة الحديث بمتوسطة المتنبي بحائل قائلاً: “كان عبدالله -رحمة الله عليه- شخصاً اجتماعياً محباً يتعرف على كثير من الناس، ولكنه لا يرتاح بالحديث والأخذ والعطاء إلا مع طلاب فصله، وكان بشوش الوجه يتقبل آراء المعلمين والطلاب بكل سَعة وسرور، وأكمل: عبدالله لا يحب أن يعارض أحداً أو يتحدث في أحد، كان مكانه بالفصل في الصف الأول”.
وقال العديم: “إذا بدأت الشرح ينصت ويستمع إلى الشرح، وكان يتحمس أن يُضيف لي معلومات في طريقة الشرح والمواضيع، وكان قبل الدرس بيوم يحضر الدرس في منزله ويشارك معي المعلومات في شرحها للطلاب، مضيفاً والله ثم والله ما اشتكيت منه لغياب أو مشاغبة أو عدم إحضار الكتاب أو التأخر بحل الواجبات”.
وتابع “كان لا يريد الناس أن ينظروا إليه بعين الشفقة والرحمة، وكان يتحدث إليّ ويقول: أنا مثلي مثل زملائي الطلاب وطموحي يتعدى طموحهم، وبإذن الله سوف أتعالج وأقوم معافًى وأشارك مع أصدقائي في دوري المدرسة”.
وعن ميول عبدالله الرياضي قال العديم: كان يشجع نادي الهلال ويكره التعصب الرياضي.
وأكمل: كان عبدالله يحضر الطابور الصباحي حيث إنه لا يحب الأكل إلا من يد أبيه، وأضاف: “لم أذكر أن والد عبدالله قد تأخر أو لم يحضر لعبدالله يوماً وكان يعتبر المعلمين كإخوة كبار له حيث إنه يفرح إذا تحدث المعلمون معه ومازحوه”.
واختتم العديم حديثه لـ “المواطن” عن حياة عبدالله: لا أنسى ابتسامته التي تستقبلنا كل صباح، لا أنسى دعمَ والده الذي يحضر يومياً ليقوم بإفطاره داخل المدرسة.
وواصل: “لا أنسى شُكره لزملائه بالفصل ومساعدته في كثير من الأحيان.. لا أنسى كلامه في نهاية العام بأنه سيشتاق لنا، والآن نحن مَن نشتاق له، لا أنسى حماسته للمرحلة الثانوية وكان يرى نفسه أبعد من ذلك ولكن أمر الله قد نفذ”.

الطفل عبدالله الجريد (4)

الطفل عبدالله الجريد (3)

الطفل عبدالله الجريد (1)