دراسة حول “الأوقاف” تكشف مفاجآت.. سوء إدارة وفساد مالي

الثلاثاء ٩ فبراير ٢٠١٦ الساعة ١٢:٤٣ صباحاً
دراسة حول “الأوقاف” تكشف مفاجآت.. سوء إدارة وفساد مالي

كشفت دراسة بحثية حول واقع الأوقاف في المملكة إحصاءات ذات دلالة، ومؤشرات عن مشكلات الأوقاف. وخلصت إلى عدد من التوصيات؛ لمعالجة معوقات تطور القطاع.

وتأتي هذه الدراسة فيما استكملت لجنة الأوقاف بالغرفة التجارية الصناعية في الرياض استعداداتها لتنظيم “الملتقى الثالث للأوقاف”، الذي يُعقد بقاعة الملك فيصل للمؤتمرات بفندق إنتركونتننتال الرياض 14- 15 فبراير 2016. ويناقش الملتقى عبر خمسة محاور و15 ورقة عمل و4 ورش عمل، أنظمة الأوقاف، ومعوقات الاستثمار في القطاع وتنميته وتطويره، والإشكالات الإدارية.

ويتوقع المتابعون لواقع قطاع الأوقاف، أن الدراسة التي أجرتها لجنة الأوقاف بغرفة الرياض ستحدث أصداء واسعة في أوساط المشاركين في الملتقى؛ كون نتائجها لامست نقاطًا مهمة وقضايا حساسية في شؤون قطاع الأوقاف.

وجاءت توصيات الدراسة شاملة ومباشرة؛ حيث دعت إلى ضرورة العمل على إعداد تشريعات وتنظيمات مطمئنة للواقفين والجهات الوقفية تحفزها وتلزمها بالإفصاح المالي، وفصل الجوانب الإدارية للأوقاف عن الجوانب الرقابية ليبقى دور الوزارة والهيئة دورًا رقابيًّا على الأوقاف، دون التدخل في شأن الإدارة للأوقاف. وبرزت من خلال الدراسة الحاجة إلى إيجاد تنظيمات وتشريعات تقضي بتكليف مدعي عام للأوقاف ترفع عن طريقه الدعاوى لدى الجهات القضائية، إلى جانب اشتراط لوائح الحوكمة في شرط الواقف وتشكيل مجلس للرقابة ومجلس للنظارة.

وقد توزعت العينة المستهدفة بالدراسة البحثية على ثلاث مناطق إدارية (المنطقة الوسطى، المنطقة الغربية المنطقة الشرقية)، وشملت تسع مدن رئيسية هي: الدمام، الخبر، الأحساء، الرياض، بريدة، عنيزة، جدة، مكة، المدينة المنورة.

ودارت أسئلة الاستبانة التي أعدتها لجنة الأوقاف بغرفة الرياض حول ستة محاور: المحور الأول: المشاكل الخاصة بالجوانب المعرفية، المحور الثاني: المشاكل المختصة بالأنظمة التشريعات والجهات الحكومية والقضائية، المحور الثالث: المشاكل الخاصة بالجوانب الإدارية، المحور الرابع: المشاكل الخاصة بالواقفين وما يتعلق بهم، المحور الخامس: المشاكل الخاصة بالنظار وما يتعلق بهم، والمحور السادس اختص بمشكلات متفرقة.

وشارك بالإجابة عن أسئلة الاستبانة 85 مشاركًا ممن لهم علاقة بالوقف، سواء كانوا واقفين أو مسؤولي مؤسسات وقفية أو نظارًا أو غير ذلك، وقد تنوعت مؤهلاتهم وتخصصاتهم وأعمارهم.

وأكدت الدراسة أهمية العمل على نشر الوعي الشرعي بالوقف عن طريق الدورات الشرعية، والإعلام، وتفعيل دور وزارة الأوقاف والهيئة والجهات الأهلية المختصة بالوقف في هذا الجانب، وسن قوانين واضحة وصريحة ونشرها بما يزيل التخوف الحاصل من الإجراءات القانونية لدى بعض الواقفين، وتحديث الإجراءات والأنظمة القضائية للوقف بما يتناسب ويتواكب مع التطبيقات المعاصرة للوقف من شركات وأسهم ونحوها، ويخدم دورها الوقفي.

وأوصت الدراسة بوضع معايير واضحة ومنضبطة في اختيار إدارات الأوقاف يراعى فيها توفر الكفاءة الإدارية، وحثت على إبراز النماذج الناجحة للأوقاف التي تعتمد المعايير المحاسبية والتحليل المالي والمحاسبي باستخدام النسب والمعايير والمؤشرات، وتفعيل الحوكمة ومجالس الرقابة على الأوقاف، واعتماد محاسب قانوني لكل وقف على حدة.

ومن توصيات الدراسة البحثية وضع آلية رسمية أو أهلية أو خاصة لمتابعة عمل النظّار ومحاسبتهم على التقصير، وترويج ثقافة النظارة الجماعية التي تتولى فيها النظارة جهات قادرة على إدارة الوقف، بخلاف الأفراد، وتوعية النظار بأن النظارة تكليف وليست تشريفًا، وتحديد المدة الزمنية للدورات الإدارية للنظار، بحيث لا تتجاوز على سبيل المثال أربع سنوات؛ أسوة بمجالس إدارات الشركات.

ولفتت الدراسة إلى أهمية سن وتشريع عقوبات رادعة للمعتدين على الأوقاف؛ فغاية ما في هذا الجانب هو اجتهادات تعزيرية ترجع لاجتهاد القضاة، وتفعيل دور الهيئة بحيث تساهم في الرفع بهذه التعديات إلى الجهات القضائية.

ومن النتائج الإحصائية التي خلصت إليها الدراسة أن 82.3% ممن شملتهم الاستبانة يرون أن من الأسباب الرئيسية لمشكلات الوقف وجود ضعف بالمعرفة الشرعية للوقف. ويرى 89.4% وجود ضعف بالمعرفة القانونية فيما يخص الوقف. وقال 68.2%: إن اجتهاد بعض المحاكم الشرعية الذي لا يخدم الدور الاستثماري والتنموي للأوقاف، هو أحد مشكلات الأوقاف، وأشار 76.5% إلى وجود تعقيدات في أذونات البيع والشراء لاستثمار الأوقاف.

وعبر 72% ممن شملتهم الدراسة عن رأيهم بالقول: إن من الأسباب الرئيسة لمشكلات الوقف الخارجية (خارج كيان الوقف) إشراف وزارة الأوقاف.

وكشفت الدراسة مؤشرًا أكثر تأثيرًا وهو ما ذهب إليه 84% ممن شملتهم الاستبانة: “من الأسباب الرئيسية لمشكلات الوقف الخارجية (خارج كيان الوقف) الأنظمة والقوانين”. وأوضح القائمون على الدراسة أن هذه النسبة العالية تجعل من هذه المشكلة إحدى أكبر مشاكل الوقف إن لم تكن أكبرها، لاسيما مع قدم الأنظمة الوقفية وقصورها عن مواكبة العصر، والغموض والتداخل الذي يكتنف بعض موادها، والانطباع العام بعدم تحقيقها للمقاصد من الوقف.

ووافق 81.1% ممن شملتهم الاستبانة على أن سوء الإدارة له أثره في انخفاض عوائد الوقف. وفيما رأى معظم من شملهم البحث أن الوقف يعاني من مشكلتين إداريتين رئيسيتين: قلة الخبرة والكفاءة الإدارية لدى إدارات الأوقاف؛ مما أثر سلبًا في العوائد الوقفية.

وتوصلت الدراسة إلى أن 54.1% من المبحوثين يعيدون مشكلات الوقف إلى عدم تعامل إدارات الأوقاف بأسلوب الإفصاح عن حساباتها وميزانياتها. وتشير الدراسة إلى أن من التطبيقات المعززة لهذا الرأي وجود بعض مظاهر الفساد المالي في بعض الأوقاف، والأسباب الفردية في النظارة، وعدم تحري بعض الواقفين في اختيارهم للنظار ومجالس النظارة، وعدم وجود تشريعات مطمئنة لإدارات الأوقاف تدفعها إلى الإفصاح عن حساباتها وميزانياتها.. وامتدادًا لهذا المشروع قال 48.2% ممن شملتهم الاستبانة: إن من مشكلات الوقف عدم التعاقب الدوري للنظار؛ مما يضعف دور الأوقاف.