خبير اقتصادي: أسعار النفط سترتفع خلال عام ونصف

الإثنين ٧ مارس ٢٠١٦ الساعة ٨:٣٣ مساءً
خبير اقتصادي: أسعار النفط سترتفع خلال عام ونصف

قال د. محمد العريان كبير المستشارين الاقتصاديين في شركة “أليانز”: إن الوقت قد حان لتقليص الاعتماد المفرط على البنوك المركزية، لكنه يعتقد أن الأوضاع السياسية والاقتصادية في كلٍّ من أمريكا وأوروبا تُحبط هذا التوجه. وتوقع أن أسعار النفط ستكون أعلى بعد 12 إلى 18 شهرًا.

وأشار “العريان”- في مقابلة خاصة مع قناة “العربية”- إلى أن سياسات البنوك المركزية أصبحت أقل فاعلية من ذي قبل، مؤكدًا أن الاقتصاد الأمريكي استطاع التغلب على التباطؤ العالمي واضطرابات الأسواق. وقال: أمريكا ستنمو هذا العام بين 2 إلى 2.5%.

واعتبر “العريان”- وهو عضو المجلس الاستشاري للبنك المركزي المصري- أن الاقتصاد الأمريكي تمكن من أن يتغلب على تحديين قويين: الأول هو تباطؤ الاقتصاد العالمي، لاسيما اقتصادات الدول النامية. أما الثاني فهو انتقال العدوى إلى الاقتصاد الأمريكي من اضطرابات الأسواق المالية.

وقال: إن ما تشير له الأرقام باستمرار هو أن الاقتصاد الأمريكي قادر على تحقيق مستويات نمو تتراوح بين 2 إلى 2.5% بالرغم من التحديات. وهذه هي الأخبار الجيدة. بطبيعة الحال مستويات النمو تلك لا تشكل “انطلاقة”، فهي غير كافية، لكنها تبقى أفضل من مستويات النمو في كل من أوروبا واليابان.

وفي حال استمر هذا الحال- وهذا ما يتوقعه “العريان”- فإن البنك الفدرالي سيقوم برفع نسب الفائدة هذا العام مرتين. فهذا بنكٌ مركزيٌّ راغبٌ في إعادة السياسة النقدية إلى طبيعتها بوتيرة بطيئة وحذرة. وفي حال استمرينا على هذه الوتيرة فإن الفدرالي مستعد وقادر على رفع نسب الفائدة، ليس بأربع مرات التي توقعها الفدرالي قبل عدة أشهر، ولكن أتوقع رفعها هذا العام مرتين.

سياسات البنوك المركزية

ورأى أن اجتماع مجموعة العشرين كان واضحًا جدًّا. كما أن الاعتماد الزائد على سياسات البنوك المركزية يشكّل خطرًا، ولقد آن الأوان أن يتم تسليم المسؤولية إلى ردٍّ متكامل. فالأمر بات واضحًا: لا نستطيع الاستمرار بالاعتماد بهذا الشكل المبالغ به على البنوك المركزية. لكن الأوضاع السياسية في كلٍّ من أمريكا وأوروبا تحبط هذا التوجه. لذا من المتوقع أن يستمر هذا الاعتماد المفرط. حتى إن الصين قامت بعد يومين من استضافتها لاجتماع مجموعة العشرين وأصدر بيانها الختامي، باتخاذ المزيد من المحفزات النقدية عن طريق بنكها المركزي!

وتساءل “العريان”: هل يتم اليوم استنزاف السياسة النقدية؟ ويتابع قائلًا: برأيي أنها تصبح أقل فاعلية. والآن نرى مجموعتين من البنوك المركزية حيث أصبحت السياسة النقدية أقل فاعلية. الأولى تتسم بتراجع الرغبة. فالفدرالي غير راغب في الاستمرار بانتهاج سياسات نقدية غير تقليدية. فهو متخوف من الأضرار والآثار الجانبية لمثل هذه السياسة. أما المجموعة الثانية فيتعلق الأمر بعدم القدرة. والمركزي الياباني خير مثال؛ فعندما قام مؤخرًا بخفض الفائدة إلى منطقة السالب، تفاجأ بارتفاع سعر صرف الين بدلًا من تراجعه! وبانخفاض أسواق الأسهم بدلًا من صعودها! لذا مع تزايد عدد البنوك المركزية غير الراغبة أو غير القادرة على مواصلة سياساتها النقدية تلك، لن نستطيع الاستمرار بالاعتماد بشكل كامل عليها.

تعريف العاصفة المتكاملة

وحول مخاطر الاقتصاد العالمي ومن منطلق الأسواق المالية، وليس من منطلق سياسي أو جيوسياسي. كما يقال، حاول “العريان” تعريف العاصفة المتكاملة بأنها تفاعل ثلاثة عوامل مختلفة في نفس الوقت تجعل من النتيجة متقلبة وتوقعها أمر صعب. ومن هذا التعريف، فإن العوامل الثلاث حاليًّا هي: النمو الاقتصادي العالمي المنخفض: خاصة خطر إمكانية وليس احتمالية، تباطؤ الصين بشكل حاد. هذا هو الخطر الأول. هذه ليست الاحتمالية المرجحة، لكنه أحد المخاطر. أما الخطر الثاني هو أن نكتشف أن فاعلية البنوك المركزية قد تلاشت. وأن البنك أصبح غير قادر على اقتراض النمو والعوائد المالية من المستقبل.

ويقول “العريان”: إن الخطر الثالث هو نقص ما أسميه “رأس المال الصبور”. فهذه الأيام لا يوجد ما يكفي من رؤوس الأموال طويلة الأجل ليتخذوا المراكز المقابلة للمتداولين. لذا ما نحصل عليه هي اضطرابات حادة في الأسواق. على سبيل المثال، تحرك مؤشر داو حونز بأكثر من واحد في المائة في الجلسة الواحدة خلال ثمانين في المائة من جلسات هذا العام. هذا يشكل نحو ضعف معدل نفس الفترة قبل عام. لذا نحن نشهد تزايدًا في التقلبات المالية. وخطورة هذا أن تنتقل العدوى من الأسواق المالية إلى النشاط الاقتصادي العام. لذا ألخّص إجابتي: التباطؤ الاقتصادي العالمي، سياسات البنوك المركزية، والاضطرابات المالية هي أكبر المخاطر في رأيي التي تواجه الأسواق والاقتصادات العالمية.

وحول توقعات أسعار النفط في سياق الأفق الزمني متوسط المدى، قال “العريان”: إذا افترضنا مدة زمنية تتراوح بين 12 إلى 18 شهرًا، فالإجابة هي أن الأسعار ستكون أعلى وقتها مقارنة بمستوياتها اليوم. ويتابع قوله: لماذا؟ لأننا سنرى تدميرًا هائلًا للقدرات الإنتاجية الذي لم يحصل بعدُ. إلى جانب تعافي الطلب بسبب انخفاض الأسعار. وأضيف إلى ذلك أن الأسعار بالغت في انخفاضها. لماذا؟ بسبب تغيّر النظام في تحديد الأسعار والناتج عن فقدان دور المنتج المرجِح.

الجنيه المصري

وحول أهم تحدٍّ يواجه مصر، بشأن تراجع قيمة عملتها ونقص الدولار، قال “العريان”: إن منظومة سعر الصرف تشكل إحدى الأدوات الاقتصادية. والمؤسف في مصر أن مجتمع الأعمال والإعلام يناقش سعر الصرف بمعزل عن كل المتغيرات الأخرى! ما يجب أن نعيه جيدًا، هو في حال تحركنا على صعيد سعر الصرف فقط، فالمكاسب ستكون قليلة والتكاليف ستكون كبيرة. لذا يجب أن نعي أننا لا نستطيع التحرك على صعيد إحدى السياسات من دون سياسات أخرى داعمة. وهذا أمر في غاية الأهمية. ثانيًا، المشكلة الرئيسية في مصر هي ليست سعر الصرف، بل هي أحد أعراض المشكلة الحالية، وهي أن مصر لا تنتج ما يكفي حاليًّا لسد احتياجاتها المحلية. لذا الحل في مصر هو اتخاذ إصلاحات هيكلية لزيادة الإنتاجية. إلى جانب إطلاق العنان لطاقات شعبها الكامنة، لاسيما الشباب.

وخلال استعراضه للحلول المقترحة في مصر قال “العريان” إن الحل يكمن أيضًا في إدارة أفضل للطلب؛ للتأكد من ألا يقوم القطاع العام بمزاحمة القطاع الخاص. إضافة إلى تنسيق أفضل بين السياسات المختلفة. هذا هو الإطار الذي يجب أن يتم من خلاله مناقشة سعر الصرف. لكنه من المؤسف أن الموضوع أصبح موضوعًا مستقلًّا عن غيره، وكل الدول الأخرى تجمع أنه لا يمكن مقاربة هذا الموضوع بهذه الطريقة.

واعتبر أن من الصعب الحديث عن حلول لمسألة سعر الصرف في مصر من دون معرفة كيف سنتحرك على صعيد السياسات الثلاث الأخرى. لأنه بالإمكان أن تتعايش عدة أنواع من أنظمة سعر الصرف مع تلك السياسات. لذا قُل لي ماذا ستفعل على صعيد الإصلاحات الهيكلية، وإدارة الطلب، والتنسيق بين السياسات المختلفة، وحينها سيكون باستطاعتي أن أقول لك ما هي منظومة سعر الصرف الأنسب في ضوء ذلك.