بين طرفي الحقيقة ضاع الحق ومصلحة الوطن

الأحد ٣ أبريل ٢٠١٦ الساعة ١:٠٦ مساءً
بين طرفي الحقيقة ضاع الحق ومصلحة الوطن

عن ماذا سأكتب اليوم ؟ هل سأكتب عن المياه وأزمة ا(السيفون) التي جبت ما قبلها من مشاكل وأزمات، وكأن المواطن المسكين لم يعد ينقصه من المشاكل إلا مشكلة تتعلق بأساس الحياة الماء .

أم سأخوض في المشاكل القديمة المستعصية على الحل والتي تزداد كل يوم تعقيدا وتأزما . بدءا من أزمة الإسكان التي إنتقلت من تحد بسيط بداية التحول الحضاري قبل أربعين سنة إلى أزمة تستعصي على الحل ، كل ذلك بدون أسباب إقتصادية أو بيئية أو موضوعية حقيقية واضحة ، ولا أحد يعرف لها سببا جوهريا غير الفساد .

أم أتحدث عن أزمة الصحة ووزارتها مقبرة الوزراء ، فما دخلها وزير وخرج منها وهو راضٍ عن نفسه ، أو أحد راضٍ عنه ، وأشهر ضحاياها الدكتور غازي القصيبي رحمه الله . ذلك القطاع الذي لا يُدري ماذا يحدث داخله ، فمع كل ما يضخ فيه من أموال يزداد سوءا على كافة المستويات .

أم أخصص مقالي عن التعليم ومشاكله التي لها أول وليس لها أخر ، فثلث ميزانية الدولة كل عام لم تحسن من تعليمنا ما يستحق الذكر .

أم سأنقض على ناقلنا الوطني المدلل -الخطوط السعودية- الذي غدى إبنا عاقا رغم الدلال ، وليت الأمر إقتصر على خسائره الفلكية بدون معرفة السبب ، بل بتردي خد ماته من نقص شديد في الرحلات إلى التأخر في المواعيد إلى سوء التنظيم داخل المطارات وليس إنتهاء بمشاكل ضياع وإتلاف الأمتعة .

كل تلك الصور القاتمة وأكثر منها تطالعنا بها الأخبار والمقالات والصحف ورسائل مواقع التواصل الإجتماعي كل يوم ، وكأن الجميع في سباق محموم على من يكون الأقدر في رسم أقبح صورة عن الحياة التي نعيشها ، حتى يُخيل للقارئ أننا نعيش في الصومال أو أفغانستان أو العراق . ووصل الأمر ببعض الكتاب والمغردين أنه لم يعد يكتب حرفا واحدا فيه صورة جميلة عن أي شيء ؛ ولو بُعث الحطيئة بينهم لخجل من نفسه ولعد هجائياته في الزبرقان مديحا ، مقابل ما يُكتب عن بعض الوزراء والمسؤولين من نقد وتهجم تجاوز كل الخطوط والقيم ، وتحول من النقد إلى القذف والشتم .

أم أنتقل للضفة الأخرى من الحقيقة وأشحذ قلمي في الحديث عن اقتصاد إنضم إلى أفضل عشرين إقتصادا في العالم بفضل سياسات إقتصادية ناجحة ، وعن عقود من التطور والإنجازات وما أنفق خلالها من المليارات في سبيل رفاهة المواطن ، حتى أصبح المواطن السعودي من أسعد مواطني العالم حسب بعض الدراسات العالمية . وكيف لي أن أتوقف عن الكتابة عندما يكون الكلام عن الإبتعاث وعشرات الآلاف من الطلاب السعوديين يرسمون أجمل الصور عن الشاب السعودي في كل دول العالم، أو عن التعليم الداخلي الذي حقق قفزات ضخمة جدا خلال فترة وجيزة .

ولو تحدثت عن الصحة فسأجد فيها ما يسر الخاطر ، فالمملكة تمتلك قطاعا صحيا من أقوى القطاعات الصحية في العالم ، وهو مجاني بالكامل يتمتع فيه المواطن بكل الخدمات العالية دون أن يتكلف هللة واحدة ، والمريض الذي يحتاج للعلاج في الخارج فإن الحكومة لن تتأخر في تحمل نفقات سفره وعلاجه على نفقتها ، وفي أفضل مستشفيات العالم .

وماذا عن الطرق الحديثة التي ربطت قارة كاملة بألاف الكليومترات من الطرق المعبدة من حقل أقصى شمال المملكة إلى جازان ونجران أقصى جنوبها ، ومن الخبر على ضفاف الخليج العربي إلى جده على ساحل البحر الأحمر .

أتغنى بماذا أو بماذا من إنجازات الحكومة التي تفوق العد والحصر ؟ ولأنني متحمس لحكومتي فسأرفع صوتي بالغناء عن تلك المنجزات ، ولن أسمح لصوت نشاز يرتفع فوق صوتي ، يشكك في منجزات الحكومة بالحديث عن بعض المشاكل في تلك المنجزات ، كألاخطاء والنقص والفساد .

على أي طرف من الحقيقة أقف ؟ مع من أصطف ؟ ولمن أعطي صوتي وقلمي وجهدي ؟

هل أقف مع المواطن المغلوب على أمره ، والذي ينهشه الفساد من كل مكان ؟ وأكسب الشهرة والسمعة، وأبذل كل جهدي ومعرفتي في البحث عن الزلات والأخطاء وتضخيمها ، لعلمي أن رصيدي الجماهيري سوف يزداد مع كل مقال أو تغريدة (أشرشح) فيها الحكومة ومسؤوليها .

أم أقف مع الحكومة التي تبذل كل ما في وسعها في سبيل رفاهة المواطن ، وأن الخطأ في كل عمل مهما كان صغيرا لابد من وجوده ، وأن مشاكل الخدمات في كل دول العالم وبأشكال مختلفة ، وأن حكومتنا حنون حنان الأب على أبنائه ، وأن المواطن لابد وأن يتفهم بعض الإجراءات القاسية التي تتخذها الحكومة إما لظروف خاصة ، أو لتصحيح بعض الأخطاء السابقة ، والأهم من ذلك كله صبرها على مشاكل المواطن وأخطائه بل وإفساده في بعض الحالات . وبذلك تكون لي الحضوة عند المسؤول وأنال منه الرضى وأشياء أخرى ؟

إحترت في أمري ، فلابد من الإصطفاف بعد أن ضاعت الموضوعية ومعها المصداقية وتبعتها الثقة بين طرفي المعادلة ، وأصبحت الحقيقة بطرفين لا وسط لهما ، إحترت لأن الوسط وأهل الوسط لاقيمة له ولا لهم ، إحترت وتاهت خطاي على طريق الحق ، بعد أن شوش عليه قرع المطبلين وصراخ المرجفين .

فمع من يكون إصطفافي ؟هل أحمل طبلا للإحتفال بمنجزات الحكومة ، أم سوطا أسلخ به جلود المسؤولين ؟ إنصحوني فقد إحترت .

@abdulkhalig_ali

[email protected]

تعليقك على الخبر
لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني | الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *
التعليق
الاسم
البريد الإلكتروني