حوكمة تحقيق #رؤية_السعودية_2030 تحدِّد أدوار المسؤولين

السبت ٤ يونيو ٢٠١٦ الساعة ٤:٠٥ صباحاً
حوكمة تحقيق #رؤية_السعودية_2030 تحدِّد أدوار المسؤولين

عندما أعلن مجلس الشؤون الاقتصادية والتنمية عن تفاصيل إطار حوكمة تحقيق رؤية السعودية 2030، وضعها على ثلاث مستويات هي: رسم التوجُّهات والاعتماد، تطوير الاستراتيجيات، ثم الإنجاز.

هذه ببساطة هي محاور الإطار العملي لتحويل كافة بنود “الرؤية” إلى برنامج تنفيذي واضح المعالم، في إطار ما يُعرف بـ”دولة المؤسسات والأنظمة”، حينما يتم الاعتماد على أداء المؤسسات لا الأشخاص، بغض النظر عمّن هم الأشخاص الذين يديرون المهمة المحددة في القطاع المحدد.

لكن لا بد أن يعي الجميع، ما معني اصطلاح “الحوكمة” تحديداً، لمعرفة ما تعنيه تفاصيل إطار حوكمة تحقيق “الرؤية” التي جرى الإعلان عنها. “الحوكمة” بوصفها اصطلاح حديث، هي مجموعة من القوانين والنظم والقرارات، التي تهدف إلى تحقيق الجودة والتميز في الأداء، عن طريق اختيار الأساليب المناسبة والفعالة، لتحقيق الخطط والأهداف، على مستوى سياسات الدول استراتيجياً، أو حتى على مستوى الشركات والمؤسسات اقتصادياً.

الفرق بين الإرشادات الاختيارية والإطار التطبيقي الإلزامي

الحوكمة في إطار الشركات، برأي الخبراء الاقتصاديون، هي مجرد إرشادات تطرح بشكل اختياري على الشركات الراغبة في تطبيقها، وليس لها صفة الإلزام، لكن التطبيق يؤدي إلى إظهار الشركة بشكل أكثر شفافية، ويزيد من مصداقيتها في أسواق المال.

فما الحال إذا كانت الحوكمة على مستوى سياسات الدولة، وكانت “إطار للتطبيق والتنفيذ” يحمل معاني الإلزام العملي، وليس الطابع الاختياري؟

من حيث التمييز بين الحوكمة والحكومة؛ الحوكمة هي ما تقوم به الحكومة من أنشطة، وهي قد تكون حكومة جغرافية سياسية (دولة)، أو شركات حكومية (كيان تجاري)، أو حكومة اجتماعية سياسية (قبيلة، أسرة، إلخ). لكن الحوكمة هي الممارسة الحركية لسلطة الإدارة والسياسة، رغم أن الحكومة هي الأداة التي تقوم بهذه الممارسة.

ولعل مفهوم الحوكمة في الإطار الحكومي، وفقاً للمطروح أعلاه، يشير إلى منهج الإدارة الذي يزود المؤسسة الحكومية (ضمن مفهوم دولة المؤسسات والأنظمة)، بالإجراءات والسياسات التي تحدد الأسلوب الذي من خلاله تدار العمليات بكفاءة. وهنا تضع الحوكمة الإطار لاتخاذ القرار الأخلاقي والإجراءات الأخلاقية للإدارة داخل المؤسسة، على أساس من الشفافية, والمحاسبة, والأدوار الواضحة المحددة للعاملين (وقبلهم المسؤولين)، وتؤكد بذلك على الأداء العملي، مستخدمة في ذلك: الرصد, الإبلاغ, التطوير, تحسين العمليات, وإجراءات العمل.

أدوار ومسؤوليات محددة بدقة

ووفق المعلن عنه رسمياً من مجلس الشؤون الاقتصادية، فقد تم تحديد الإطار بشكل واضح من أجل تحقيق “الرؤية”، وذلك من خلال تسميتها بشكل مباشر بـ”الأدوار والمسؤوليات”، التي جاءت محددة بدقة من خلال المستويات الثلاثة: رسم التوجهات والاعتماد، تطوير الاستراتيجيات، والإنجاز.

وجاء تحديد الأدوار والمسؤوليات المحددة بدقة، بعد تكليف مجلس الوزراء لمجلس الشؤون الاقتصادية والتنمية، بوضع الآليات والترتيبات اللازمة لتحقيق “رؤية المملكة العربية السعودية 2030″، والذي قام بالتالي بتطوير نظام حوكمة متكامل؛ لضمان مأسسة العمل ورفع كفاءته وتسهيل تنسيق الجهود بين الجهات ذات العلاقة، بما يمكّن المجلس من المتابعة الفاعلة .

كما أن الأوامر الملكية في 7 مايو الماضي، والتي أعادت هيكلة بعض الوزارات والأجهزة والمؤسسات والهيئات العامة، ساهمت كثيراً في تحديد “إطار حوكمة تحقيق رؤية السعودية 2030″، بما يتوافق مع متطلبات هذه المرحلة ويحقق التطلعات في ممارسة أجهزة الدولة لمهامها واختصاصاتها على أكمل وجه، وبما يرتقي بمستوى الخدمات المقدمة للمواطن والمقيم، وصولاً إلى مستقبل زاهر وتنمية مستدامة.

3 مستويات واضحة لتنفيذ الرؤية

بشكل مباشر، يتم تنفيذ “الرؤية” عبر الأدوار والمسؤوليات المحددة، من خلال المستويات الثلاثة المحددة أيضاً، وهي تأتي بكل إيجاز كما يلي:

في البداية هناك مستوى رسم التوجهات والاعتماد، وهذا ينبني على دور مجلس الشؤون الاقتصادية والتنمية من خلال المسؤولية الحكومية المباشرة في رسم الرؤى والبرامج والرفع بها وتعديل ما ينبغي تعديله وخلافه. وأيضاً هناك مسؤولية التمويل وتطوير إطار النفقات من قبل اللجنة المالية. ويضاف إليهما دور الفريق الإعلامي لمجلس الشؤون الاقتصادية، في وضع الرأي العام في الإطار الصحيح لـ”الرؤية”، بعيداً عن أي تشويش لها، من خلال تصحيح ما يمكن أن يرد من أخطاء في الصورة الذهنية المطلوبة.

ومن بعده، يأتي مستوى تطوير الاستراتيجيات، وهناك لجنة متخصصة في المجلس لصياغة الاستراتيجيات التي تحقق “الرؤية” وتترجمها إلى برامج تنفيذية (من خلال مكتب الإدارة الاستراتيحية الذراع التنفيذي للجنة)، وأيضاً حل العوائق التي تواجه التنفيذ، وتجتمع اللجنة الاستراتيجية هذه كل ثلاثة أشهر على الأقل. وهناك مكتب إدارة المشروعات في المجلس، لمتابعة المشروعات وقرارات المجلس. وفي نفس هذا إطار الاستراتيجيات، يأتي دور وزارة الاقتصاد والتخطيط من أجل مواءمة الخطط القطاعية والمناطقية بين الجهات ذات العلاقة، كما يأتي دور مركز الإنجاز والتدخل السريع، ولعله الجهة الداعمة للمجلس بشأن مراقبة إشكاليات تعثُّر المشاريع الحكومية المختلفة.

ثم يأتي أخيراً مستوى الإنجاز، وهو يعتمد على الجهات التنفيذية المختلفة (وزارة وهيئات وأجهزة حكومية)، لتطوير وتنفيذ البرامج والمشروعات والمبادرات والتنسيق فيما بينها. ثم يأتي دور مركز قياس أداء الأجهزة العامة، من أجل تعزيز الشفافية لجميع الأطراف التنفيذية، عبر متابعة مدى التقدُّم الحاصل في تنفيذ أي برنامج أو مبادرة، وهذا المركز له جزئية مهمة يقوم بها وهي إشراك المجتمع في متابعة أداء البرامج والأجهزة، بالتنسيق مع الفريق الإعلامي. وتتبقى فقط في مستوى الإنجاز الجزء الخاص بـ”آلية التصعيد”، والتي تهتم بحل أي إشكالات تواجه التنفيذ بوضع مسؤولية حل العوائق على الأجهزة التنفيذية بتعزيز تحمُّلها للمسؤولية، بشرط ألا تتجاوز مدّة حل العوائق وتفاديها في أي جهة أسبوعين، وبمتابعة من مجلس الشؤون الاقتصادية، وتأتي آلية التصعيد عبر أربع مستويات، تبدأ من الجهة المنفذة، ثم دراسة مكتب الإدارة الاستراتيجية للموضوع، ثم البت من اللجنة الاستراتيجية وفي حال التعذُّر ترفع إلى مجلس الشؤون الاقتصادية، وأخيراً يأتي المستوى الرابع والأخير من خلال المجلس نفسه للبت في الأمور المستعصية.

إذن إطار حوكمة الرؤية واضح تماماً، ولا شيء يمنع من بدء العمل الجاد على كافة الأصعدة، طالما الحوكمة تضع الإطار لاتخاذ القرار الأخلاقي والإجراءات على أساس من الشفافية والمحاسبة, والأدوار الواضحة المحددة للمسؤولين والعاملين، وتؤكد بذلك على الأداء العملي، تحت مظلة “دولة المؤسسات والأنظمة”.