محكمة بلا قاضي.. يا معالي الوزير

الجمعة ١ يوليو ٢٠١٦ الساعة ٧:٢٠ مساءً
محكمة بلا قاضي.. يا معالي الوزير

يُشكل القضاء محوراً هاماً من محاور الاستقرار الاجتماعي والأطمئنان النفسي في أي مجتمع وعبر التاريخ، وتحت افياءه الوارفة تدور عجلات التنمية، ويعم الازدهار، وفي غيابه تسود الفوضى وتتفشى الجريمة، ويتجرأ المارقون وضعاف النفوس على حرمات الآمنين واستباحة الحقوق التي كفلتها الشريعة؛ “النفس، والدين، والمال، والعرض، والعقل”.
و المحكمة الشرعية بمركز قنا، التابع لمحافظة محايل عسير، وهي من أقدم المحاكم في المنطقة؛ حيث انشأت عام ١٣٥٣ هجرية وما تزال، ومنذ عام ١٤٢٥ هجرية وبعد إحالة القاضي الأسبق إلى التقاعد، ظلت المحكمة تفتقد إلى قاضي مقيم وثابت ينظر في قضايا المركز، بل أسندت مهام القاضي إلى قضاة من خارج قنا على صفة التكليف المؤقت أو الإعارة يوماً واحداً في الأسبوع.
هذا الإجراء شكل معضلة لسكان مركز قنا، الذي يعد جغرافياً وتاريخياً أكبر وأقدم من الكثير من محافظات المنطقة، إذ أسس عام ١٣٥١ هجرية، ويربو تعداد سكانه بحسب إحصائيات قديمة على ٤٥ ألف نسمة، وتعطلت مصالح شرائح مختلفة من المواطنين؛ كحجج الاستحكام التي ينتظرها المواطن بفارغ الصبر لسنوات، لعدم وجود قاضي يبت فيها، ناهيك عن قضايا الخلافات الأخرى؛ كقضايا “الطلاق والخلع والتعديات والجرائم المختلفة والوكالات، وغيرها من المعاملات التي تمس حياة المواطن”، أما عن معاناة المرضى وكبار السن والنساء والقصر فحدث ولا حرج.
هذا الفراغ القضائي، ألقى بظلاله على سلوكيات البعض وخاصة فئة الشباب، فظهرت على السطح في الآونة الأخيرة وخلال أشهر فقط، جرائم القتل وبصورة أكثر وحشية؛ كإحراق الضحية، وربط الأيدي والأرجل، وإلقاء الضحية في أماكن مهجورة أو أحد الآبار القديمة، ناهيك عن تفشي المخدرات، وغيرها، بالإضافة إلى بعض السلوكيات الخارجة عن الذوق العام.
ورغم صدور التوجيهات السامية مؤخراً، بسرعة إنجاز معاملات المواطنين والحرص على كل ما يخفف معاناتهم، إلا ان وزارة العدل حتى اللحظة لم تحرك ساكنة، ولم تستمع لشكاوى القانويين، رغم كل المحاولات في إيصال صوتهم إلى المسؤولين في وزارة العدل، عبر المكاتبات ومن خلال قنوات التواصل التقني.
وبالنظر إلى المادة الثالثة والعشرين من نظام القضاء في المملكة العربية السعودية،
الصادر بالمرسوم الملكي ذي الرقم (م/78)، والتاريخ 1428/9/19هـ، تقول: “تؤلف المحكمة العامة في المحافظة أو المركز من دائرة أو أكثر، وتكون كل دائرة من قاضي فرد أو أكثر، وفق ما يحدده المجلس الأعلى للقضاء.. ويجوز إنشاء دوائر متخصصة جزائية وتجارية وعمالية وأحوال شخصية في المحاكم العامة الواقعة في المراكز والمحافظات التي لم تنشأ فيها محاكم متخصصة، متى دعت الحاجة إلى ذلك، ويكون لهذه الدوائر اختصاصات المحاكم المتخصصة.. ويحدد المجلس الأعلى للقضاء القضايا التي تختص بنظرها المحكمة العامة المكونة من قاض فرد”.
فبموجب المادة الآنفة الذكر من نظام القضاء، يتوجب تعيين قاضي أو أكثر في المحكمة الشرعية لمركز قنا، وبحسب تقرير سابق لوزارة العدل تؤكد فيه أن المعايير الدولية تقضي بأن لكل ١٠٠ ألف شخص ٧ من القضاة، وأن الوزارة تلتزم بهذه المعايير الدولية التي لا تطبق حتى في بعض البلدان الأوربية؛ بحسب التقرير.
فأين هذه المعايير على أرض الواقع؟، إذا كان قاضياً واحداً لأكثر من ٤٥ مواطناً وبدوام يوماً واحداً في الأسبوع، فهل يعقل هذا؟!، سيما ونحن في طور التحول الوطني وفق رؤية المملكة 2030.
الأمر الذي يتطلب أن يواكب جهاز القضاء مختلف جوانب التحول، إن لم يكن في مقدمتها.
هذا نداء القانونيين المبحوح.. يا معالي الوزير فهل من مجيب؟.

تعليقك على الخبر
لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني | الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *
  • عصام هاني عبد الله الحمصي

    القضاة وكوادرها خلف الهضاب بالطريق إنشاء الله .