“المواطن” تنشر حقائق ومعلومات عن “عكاظ” المجد والتاريخ

الخميس ١١ أغسطس ٢٠١٦ الساعة ٦:٥٠ مساءً
“المواطن” تنشر حقائق ومعلومات عن “عكاظ” المجد والتاريخ

يُعد سوق عكاظ في التاريخ أكبر أسواق العرب قبل الإسلام، وظلت قائمة تؤدي دورها كل عام حتى سنة 129 بعد الهجرة حين دمرتها فتنة الحرورية من الخوارج، وتعد مع سوق عكاظ مجنة وذي المجاز أسواقًا لمكة والعرب، وقد أقيمت الأسواق الثلاث في الشهر الحرم بالذات، كانت تُقام سنويًا في ذي القعدة قبيل بدء موسم الحج.

الموقع الجغرافي:

سوق عكاظ تقع إلى الجنوب الشرقي من مكة المكرمة، وعلى ما يصفه المؤرخون والجغرافيون تقع على مسافة ثلاثة أيام من مكة المكرمة، ومسافة يوم من الطائف ناحية الجنوب الشرقي، وكانت تُقام في مكان فسيح جدًا يتيح تنقلها من عام إلى آخر في سهلٍ، يعرف رواد السوق من القبائل المجاورة وقوافل التجارة والشعراء وغيرهم مكانه.

بضاعة عكاظ:

تسمية عكاظ بـ (السوق) لا تعطي فكرة واضحة عمّا كان يحدث خلال هذا الموسم، والملتقى الذي يتجاوز كونه تجاريًا بحتًا، وهو أشبه ما يكون بما ينظمه العالم المعاصر من معارض وأسواق دولية ومواسم ثقافية وفكرية كبرى، فالسوق كانت تشهد عمليات البيع والشراء وعقد الصفقات بين مختلف القبائل، لكنها اشتهرت أيضًا بكونها مسرحًا يتبارى فيه الشعراء أمام نقاد يقرون القصيدة الفائزة.

وقد عُلِّقت سبع من أفضل القصائد الفائزة على ستار الكعبة المشرفة؛ فسميت المعلقات كما كانت سوق عكاظ مقصد الحكماء والقضاة والشعراء والخطباء الذين خاطبوا القبائل من فوق المنابر بحكمهم أو شعرهم أو قضائهم بلغة عربية فصيحة حتى يفهمها الجميع.

ولم يكن قصاد عكاظ من قبائل الجوار فقط؛ بل توجّه صوبها سائر قبائل العرب من عرب الشام والعراق والخليج واليمن والبلاد المجاورة؛ فأضحت السوق تضيق بمن حضر، وكان التجار يربحون فيها أموالًا لا يربحونها في أي سوق آخر، ولولا ذلك لما شدوا إليها الرحال من تلك الأصقاع البعيدة، ولكل قوم من نزلاء السوق منازلهم الخاصة ينصبون فيها خيامهم ويرفعون عليها راياتهم، ويرأس كل وفد شيخ القبيلة أو من ينوب عنه وحين يحين موعد البيع والشراء يخرجون من مضاربهم إلى المعارض والأندية في رحاب السوق؛ فيلتقي اليماني بالشامي والحجازي بالعماني، فتمتزج القبائل ويبحثون في أمور البيع والشراء، ويتبادلون التفاخر والشعر، ويروون الأحاديث والروايات فكانوا على علم متصل بما في ديار الآخرين يعرفون الأخبار من أقصى الجنوب الشرقي في عمان، وأقصى الشمال من بلاد الشام، فظلت منبرًا يبلغ فيه الحاضر الغائب بما أعلن وعقد فيه بين القبائل من معاهدات.

وظل العرب على هذا سنوات طويلة حتى توحّدت لهجاتهم توحدًا وثيقًا لاسيما من حاجتهم في الأسواق إلى التفاهم في التجارة وفي كتابة العقود والعهود بدقة ووضوح، وكذلك من تباريهم شعرًا وخطابة، وهذه إحدى ثمرات وفوائد السوق التي استمرت على حالها ونشاطها مقصدًا للشعراء والبلغاء والحكماء والرواة والتجار بعد الإسلام ردحًا من الزمن حتى طالتها فتنة الحروريين الخوارج في عام 129 بعد الهجرة لتندثر سريعًا، ويخفت صيتها كأن لم تكن في يوم أهم أسواق العرب التجارية، وأكبر منتدياتهم الثقافية والفكرية.

افتتاح سوق عكاظ (11)

أهمية عكاظ اليوم:

تأتي أهمية سوق عكاظ في الوقت الحالي بعد انقطاعه لأعوام طويلة، وباهتمام وعناية القيادة الرشيدة؛ فهو يشكل معلمًا سياحيًا فريدًا في المملكة العربية السعودية ورافدًا مهمًا من روافد السياحة، إضافة إلى كونه ملتقى شعريًا وفنيًا وتاريخيًا فريدًا من نوعه يقصده المثقفون والمهتمون بشؤون الأدب والثقافة، مستمتعين بالقيمة المعرفية والثقافية التي يقدمها السوق من خلال ندوات السوق ومحاضراته وفعالياته.

ويعيد سوق عكاظ إلى الأذهان أمجاد العرب وتراثهم الأصيل، ويستعرض ما حفظه ديوان العرب من عيون الشعر ومعلقاته، ويقدم في كل مهرجان احتفالًا واحتفاءً بأحد شعراء المعلقات لتؤكد اتصال التراث بالحاضر.

جدير بالذكر أنه يقدم سوق عكاظ، منذ انطلاقه أول أمس الثلاثاء ويستمر إلى 11 يومًا، العديد من الفعاليات والمنافسات والجوائز على مستوى الوطن العربي، حيث يغطي مساحة واسعة من الإبداع الفني ابتداءً من الشعر مرورًا بالفن التشكيلي والتصوير الضوئي والخط العربي، وانتهاءً بالفلكلور والحرف، وتتمثل هذه المنافسات في: جائزة شاعر عكاظ، جائزة شاعر شباب عكاظ، جائزة لوحة وقصيدة، جائزة الخط العربي، جائزة التصوير الضوئي جائزة الحرف اليدوية، جائزة الفلكلور الشعبي وجائزة الإبداع والتميز العلمي.