الرئيس اليمني لشعبه بمناسبة العيد.. استعدوا لآخر المعارك

الأحد ١١ سبتمبر ٢٠١٦ الساعة ٩:٣١ مساءً
الرئيس اليمني لشعبه بمناسبة العيد.. استعدوا لآخر المعارك

المواطن – وكالات 

أكد الرئيس عبد ربه منصور هادي، رئيس الجمهورية، أن الشرعية ستظل- ومن موقع القوة والمسئولية في مربع الإيجابية في كل الظروف.. مطمئنًا اليمنيين أن ذلك لن يكون على حساب خياراته وكرامته وشرعيته، ولن نقدم أي تنازل يُسيء له أو يمس ثوابته وتضحياته.

جاء ذلك في كلمته، التي وجهها للشعب اليمني، بمناسبة حلول عيد الأضحى المبارك، والتي قال فيها إن “هذه المعركة ليست خيارنا، فلقد فرضها تحالف الخيانة والغدر بين المخلوع والحوثي عندما انقلبوا على الدولة، ورفضوا الإجماع الوطني الذي توافقت عليه كافة مكونات الشعب والمتمثل بمخرجات الحوار الوطني، وأسقطوا العاصمة وأهانوا القوات المسلحة والأمن ودمروا نسيج المجتمع”.

وأضاف: “إننا اليوم وفي خضم الانتصارات التي يجترحها شعبنا الصابر، لعلى ثقة بأنها آخر معارك اليمن وبوابته نحو الحلم الكبير والغاية السامية، وأن هذه التضحيات الباسلة لن تورث لشعبنا إلا عزة وكرامة ومجدًا في اليمن الاتحادي المرتقب، مشروعنا الاتحادي الكبير الذي ينهي الإقصاء والتهميش والظلم، ويحتكم للتوزيع العادل للسلطة والثروة ويستند لمبادئ الحكم الرشيد، ويجد كل يمني من تهامة إلى المهرة، ومن صعدة إلى سقطري ذاته وحقوقه، وتحفظ له مصالحه وطموحه”.

وفيما يلي نص الخطاب:

الحمد لله رب العالمين والصلاة والسلام على سيدنا محمد الصادق الأمين.

في البداية، أتوجه لحجاج بيت الله بخالص التهنئة على أدائهم لمناسك الحج.. هذه العبادة العظيمة والركن الخامس من أركان الإسلام، الذي نتعلم منه الصبر والمصابرة، وطلب العفو والمغفرة. وبالمناسبة أتوجه بكامل التقدير لخادم الحرمين الشريفين وحكومته الرشيدة على كل التسهيلات، التي قدّموها ويقدمونها لحجاج بيت الله الحرام، وبالتحديد لما قدّموه من تسهيلات للحجاج اليمنيين في هذه الظروف الصعبة التي يمر بها شعبنا اليمني.

أيها الشعب اليمني الكريم.. اهنئكم بعيد الأضحى المبارك، عيد سعيد وكل عام وأنتم بخير.

يحل هذا العيد على وطننا الحبيب، ونحن بين أمل وآلم، الأمل الذي تعززه كل جبهات البطولة والفداء الصامدة في وجه الانقلابيين وتضحيات شعبنا العظيمة من أجل استعادة الدولة ودحر الانقلاب.

فمن الجنوب، الذي سجّل أبناؤه أنصع الصفحات، وأغلى التضحيات لتطهيره من المليشيات الانقلابية مرورًا بتعز ومأرب والبيضاء والجوف وصنعاء وإب والحديدة وحجة.

فلقد هزم أبطالنا في محافظة تعز جحافل الانقلابيين وطردوهم خارج المدينة، وكسروا همجية السلوك الظالم، وفي مأرب الحضارة والتاريخ يسطر رجال الجيش الوطني ملاحم البطولة والنضال، مأرب التي لا تقبل ثقافة الإمامة والسلالة والكهنوت والهمجية، فتلك صرواح تسجل بأحرف من نور انتصاراتها، ولقد كانت الجوف على موعد مع ميادين الشرف والرجولة؛ فدحرت المعتدين وصنعت الانتصار.

وها هو العيد يأتي والنصر أقرب إلى جبهة الحق والشرعية والهزيمة مكتوبة على جبين المعتدين.

أيها الشعب اليمني العظيم

هذه المعركة ليست خيارنا، فلقد فرضها تحالف الخيانة والغدر بين المخلوع والحوثي عندما انقلبوا على الدولة، ورفضوا الإجماع الوطني الذي توافقت عليه كافة مكونات الشعب والمتمثل بمخرجات الحوار الوطني، وأسقطوا العاصمة، وأهانوا القوات المسلحة والأمن ودمروا نسيج المجتمع، وفي الوقت الذي كان الجميع يمد لهم يد السلام والحوار كانوا يطلقون الرصاص على الجميع، ويحاصرون المدن، ويعتقلون مسئولي الدولة، ويعيثون في الأرض فسادًا، وانقلبوا على حلم اليمنيين في بناء اليمن الجديد، يمن العدالة والكرامة والحرية، يمن المساواة والتوزيع العادل للسلطة والثروة، اليمن الاتحادي الجديد الذي ترجمته مسودة الدستور الجديد التي انقلبوا عليها، رغبة منهم في استمرار مصالحهم واستمرار استحواذهم على مقدرات البلد ونهب خيراته وإذلال الشعب اليمني العظيم.

فلم يكن أمام شعبنا الشجاع من خيار سوى أن يدافع عن الدولة والوطن وعن الإجماع الوطني، وعن أحلامهم في اليمن الجديد، عن كرامته وعزته وأرضه، فخاض أفضل المعارك وأشرف الحروب.

أيها اليمنيون الكرام جميعًا..

إننا اليوم وفي خضم الانتصارات التي يجترحها شعبنا الصابر، لعلى ثقة بأنها آخر معارك اليمن وبوابته نحو الحلم الكبير والغاية السامية، وأن هذه التضحيات الباسلة لن تورث لشعبنا إلا عزة وكرامة ومجدًا في اليمن الاتحادي المرتقب، مشروعنا الاتحادي الكبير الذي ينهي الإقصاء والتهميش والظلم، ويحتكم للتوزيع العادل للسلطة والثروة ويستند لمبادئ الحكم الرشيد، ويجد كل يمني من تهامة إلى المهرة، ومن صعدة إلى سقطري ذاته وحقوقه، وتحفظ له مصالحه وطموحه، وإنني أدعو أساتذة الجامعات ورواد الفكر القيام بعمل ندوات تعريفية عن اليمن الجديد الذي حمله مشروع الدستور الجديد المستمد من مخرجات الحوار الوطني، التي جاءت بعد دراسات معمقة ومكثفة لمشكلات اليمن على امتداد الستين السنة الماضية، حتى يعلم الشعب اليمني أن اليمن الجديد الذي كنّا نعمل من أجله، هو اليمن العادل الذي لا ظالم فيه ولا مظلوم، هو يمن البناء والنماء والرخاء، ومن هنا أتقدم لدولة الإمارات العربية المتحدة ولأخي الشيخ محمد بن زايد بالشكر والتقدير لاستضافتهم لجنة إعداد الدستور لما يقارب خمسة أشهر لصياغة مسودة الدستور الجديد.

يا أبناء شعبنا اليمني الصابر

يأتي هذا العيد على شعبنا اليمني، وهو يعيش ظروفًا صعبة وقاسية، خلفتها آثار الحرب المدمرة المفروضة على شعبنا، نتيجة نهب مقدرات الدولة والعبث بالبنك المركزي اليمني وتآكل الاحتياطي النقدي الأجنبي وتغييب العملة المحلية، وفتح تجارة السوق السوداء وتموين الحرب الظالمة من عرق الشعب اليمني ونضاله وحقوقه.

لقد توقفت عجلة التنمية وضربت المؤسسات الاقتصادية وكافة أجهزة الدولة، وانهارت العملة المحلية وارتفعت معدلات البطالة والتضخم، وأغلقت المصانع ومؤسسات القطاع الخاص كل ذلك نتيجة سيطرة المليشيات الانقلابية على العاصمة والعبث بموارد الدولة والمضايقات والتصرفات غير المسئولة التي يمارسونها، وصار الشعب اليمني اليوم كله تحت تهديد الفقر والبطالة والجوع.

هذه التداعيات الاقتصادية الخطيرة كان لها أثر بالغ على الأمن، وعززت من وجود جماعات العنف والإرهاب التي تستغل الفاقة والفقر لدى الناس، وتنشط لتجنيدهم ضد الوطن، حتى تحوّلت هذه الجماعات الإرهابية إلى تهديد حقيقي فرض على الدولة أن تخوض حربًا لتطهير المدن من هذه الفئات الضالة في أبين وقبلها في المكلا وغيرها ولله الحمد، فقد حققنا انتصارات متتالية في ذلك بالشراكة مع التحالف، ولا زلنا مصممون على مواجهة تلك الجماعات المتطرفة دون تراخي.

إن شعبنا اليوم أكثر إدراكًا من أي وقت مضى بأن سبب كل هذا الدمار الاقتصادي والتخريب السياسي والتفكك الاجتماعي وسوء الخدمات الأساسية كان سببه الأساس أطماعًا شخصية حالمة بالعودة إلى الحكم عبر الكهنوت الإمامي أو عبر التوريث العائلي الذي رفضه شعبنا وقاومه بكل وسائل المقاومة والنضال، فالشعب اليمني أكبر من أن تهزمه سلالة أو عائلة أو منطقة أو حزب أو طامح مغرور.

أيها الشعب العظيم.. أيها الأخوة والأخوات الكرام..

ها نحن اليوم نحتفل بعيد الأضحى المبارك في ظل تحسّن ملحوظ للأوضاع المعيشية والأمنية في محافظة عدن وبعض المناطق في الجنوب وفتح جزئي للحصار عن تعز، وهذا التحسن بالمقارنة بفترات ماضية، ونؤكد لأبناء شعبنا أن عزمنا ومعنا كل الأحرار والمناضلين سيستمر حتى نستعيد الدولة المنهوبة ونبسط الأمن على كل شبر في ربوع وطننا الكبير ونعيد الخدمات لأبناء شعبنا، وستكون اليمن كل اليمن، كما يشهد لها التاريخ، أرض الخير والعطاء والتسامح والوفاء والبطولة.

يا أبناء شعبنا الكريم.. أيها اليمنيون الشرفاء في الداخل والخارج

إننا اليوم إذ نحتفل بعيد الأضحى الذي يصادف شهر سبتمبر نتذكر بفخر واعتزاز أمجاد اليمن ونضالات أبطالها في مقاومة ومناهضة الاستبداد الإمامي المتخلف الذي أثقل كاهلنا قرونًا طويلة، والذي كانت فيه ثورة سبتمبر المجيدة، ونحن نتذكر ثورة السادس والعشرين من سبتمبر اليوم لندرك جيدًا أن الانقلاب الرجعي والتحالف المشبوه والمشؤوم بين الحوثي وصالح ليس سوى النسخة الأخيرة من نسخ الإمامة البالية والقبيحة التي دمرت اليمن وأعاقت مشروع الدولة وعززت ثقافة الكراهية والتبعية.

يا أبناء شعبنا العظيم

في هذه المناسبة الإسلامية العزيزة نجدد الفخر والاعتزاز بعمقنا العربي والإسلامي، ونؤكد أن اليمن لن تنسلخ من جلدها العربي وثقافتها الإسلامية الأصيلة لصالح ثقافة دخيلة على شعبنا وتاريخنا، وأن اليمن لن يكون إلا في إطاره الصحيح ومحيطه المناسب وعمقه الأصيل، ولن تفلح كل محاولات إيران وحلفائها لتحويل اليمن إلى ساحة ابتزاز للجيران والإقليم أو ليكون موقعًا للتهديد تستخدمه القوى الإرهابية لإزعاج العالم.

إن اليمن بعد عاصفة الحزم وإعادة الأمل أصبح أكثر التحامًا بمحيطه الإقليمي مدركًا لعمقه الاستراتيجي ومستوعبًا لموقعه الجغرافي، وبهذه المناسبة الكريمة أُعبّر عن الشكر والعرفان لأشقائنا الذين لم يتخلوا عنا وكانوا كما عهدناهم وعند رهاننا عليهم، فلولا مساندة أشقائنا وأهلنا لكانت اليمن اليوم يمنًا آخر، ومن هنا نوجه التحية والتقدير والشكر لأخي خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبد العزيز وحكومته وشعبه العظيم ولرئيس وحكومة وشعب الإمارات العربية المتحدة، وكل أهلنا في مجلس التعاون الخليجي والتحالف العربي.

يا أبناء شعبنا اليمني الكريم

لقد قلنا دائمًا إننا دُعاة سلم وسلام، وروّاد محبة ووئام، ورعاة حوار وتشاور، ويؤلمني ويؤلم كل يمني حر كل قطرة دم تُسفَك هنا أو هناك ، فأنا مسئول عن كل اليمن أرضًا وشعبًا من أناه إلى أقصاه، ولا أحمل في قلبي إلا هموم شعبي ووطني ورغبتي في أن أرى بلدي تنعم بالرخاء والأمان، ورغم ما نعلمه من قبح وسوء نية الانقلابيين، ومن يقف معهم من حلفائهم في إيران وجماعات إرهابية خارج اليمن، إلا إننا استمرينا نتعامل بإيجابية وصبر مع كل الجهود الأممية، وقدمنا الكثير من التنازلات حرصًا على السلام وحقن دماء شعبنا وتخفيفًا من أوجاعه، وتابع شعبنا جهودنا الأخيرة في الكويت الشقيق والتي أثبتنا خلالها لشعبنا والعالم حرصنا على السلام الدائم والشامل، وفي المقابل مراهقة وانتهازية وطيش الانقلابيين واستهتارهم بمصير الشعب ومستقبل اليمن، وتغليبهم لمصالحهم الضيقة والسيئة على مصالح شعبنا، وهذا ليس غريبًا عليهم؛ فقد تنصلوا عن مخرجات الحوار الذي كانوا مشاركين فيه وأعطينا لهم كل ما طلبوه من مطالب حرصًا منّا على تجاوز الماضي والتوجه نحو البناء والمعالجات.

ونؤكد أننا سنظل ومن موقع القوة والمسئولية في مربع الإيجابية في كل الظروف، لكننا نطمئن شعبنا الصابر والمرابط أن ذلك لن يكون على حساب خياراته وكرامته وشرعيته، ولن نقدم أي تنازل يُسيء له أو يمس ثوابته وتضحياته، وفي الوقت نفسة نُقدّر جهود الأمم المتحدة لإحلال السلام في اليمن؛ فإننا ندعوها للغوص في تفاصيل الأسباب والجذور التي انطلق منها الانقلابيون ووضع المقترحات والرؤى لمعالجة تلك الأسباب والجذور وليس لمعالجة النتائج فقط، حتى نضمن جميعًا معالجات مستدامة، وهنا أجدد شكرنا وتقديرنا لأخي الشيخ صباح الأحمد الجابر الصباح أمير دولة الكويت ولحكومته وشعبة الأصيل على استضافة المشاورات اليمنية، لإيقاف نزيف الدم اليمنيك.

يا شعبنا الكريم:

إننا نعمل بإصرار كبير وبالتعاون مع الحكومة برئاسة الدكتور أحمد عبيد بن دغر لتجاوز كل الصعوبات في مختلف المستويات وتوفير الإمكانيات المتاحة لتقديم الخدمات الأساسية للمواطنين في كل اليمن وتعزيز حضور الدولة في المناطق المحررة وبناء المؤسسات الأمنية والخدمية، ولقد وجهت الحكومة بكامل قوامها بالاستقرار الكامل والنهائي في الداخل لتخفيف معاناة المواطنين وحل مشكلاتهم، فالتحديات كبيرة ولكن الإصرار والتحدي وعزائم الرجال المخلصين ووحدة الصف ستقضي على كل تلك التحديات.

يا شعبنا الكريم: ثقوا إن الحق معنا والنصر لنا والهزيمة لهم وسيعلم الذي ظلموا أي منقلب ينقلبون.

أكرر التهاني بالعيد السعيد، سائلًا الله، أن يعيده بالنصر والخير، أخص بالتهنئة أسر الشهداء الأبطال، وكذا الجرحى والمعتقلين والمرابطين من أبناء الجيش والمقاومة، الرحمة والخلود للشهداء، الشفاء والعافية للجرحى، الحرية للأسرى والمعتقلين، النصر للمرابطين. التحية والتهنئة لكل أبناء شعبنا اليمني الكريم. والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته.