الزهايمر بين المُعاناة والأمل

الأحد ٢ أكتوبر ٢٠١٦ الساعة ٦:٠٤ مساءً
الزهايمر بين المُعاناة والأمل

في كثير من الأحيان، يُظلم الشعور حين يُكتب!.. أقولها حين أود وصف وجع ومعاناة ما، لا أتحدث عن أية معاناة، فأنا أكتب عن أرواح عاشت بيننا، هم مرضى ”الزهايمر”، المنسيون حقيقة، والذين لا حول لهم ولا قوة بأنفسهم.

هذا المرض تحديدًا لا يؤلم المريض فحسب، بل وذويه من مقدمي الرعاية الأولية، حين يخيل لك أن يعود أبوك أو أمك، طفلاً ترعاه، أنت تراه يفقد قواه جميعها، وتقف حائرًا أمام هذا العجز الذي يصيبه ويؤذيك.

يبدأ المرض بسلب ذكرياته شيئًا فشيئًا، هو بمعنى أصح، يلج لعالم الإعاقة الذهنية، حيث يعجز عن القيام بأبسط المهام، لا يستطيع المريض إطعام نفسه، ولا ارتداء ملابسه.. انتهاءً بعجز تام عن القيام بأية مهمة.

هذا المرض يندرج تحت الإعاقة العقلية، رغم عدم التصنيف بعد!.

مقدّمو الرعاية لهذا المريض، يحتاجون لرعاية نفسية، يحتاجون من يحمل عنهم جزءًا من المعاناة، أكتب عن زوجة لم تحرم من رفيق عمرها فحسب، بل وتكالبت عليها الهموم، من رعاية بزوج كطفل، إلى رعاية بأبنائها، وتربيتهم وحدها، من يشعر بها؟.

عن ابن وابنة تخلا عن طموحاتهما، أصدقائهما.. عن لذة الحياة كلها وهما يران قوتهما بالدنيا تذبل ببطء، ووجع عظيم، من يخفف عنهما حدة الألم؟.

ما هناك مرضٌ أعظم، ولا أنكر تعبًا في مرضٍ آخر، لكني أستطيع القول، إن غالب الأمراض يستطيع المريض البوح بما يشعر به وتأدية بعض مهامه، وفي هذا عون لمرافق المريض، أما الزهايمر فالحال يصعب وصفه، يخرج أهل مريض الزهايمر للترويح عن النفس ولا يجدون إلا خوف مريضهم من وجوه العابرين وسوء حالته، لا مراكز متخصصة لمرضى الزهايمر، ولا وفرة في الأطباء المتخصصين ولا عناية خاصة بهم.

في الدول المتقدمة “أمريكا تحديدًا”، مراكز متخصصة لهم تضم طاقمًا متخصصًا يجيد التعامل مع المريض، شاهدت هذه المراكز يومًا ووجدت ما أذهلني، مريض الزهايمر هناك لديه حياة وليس متعطلاً كما يحدث هنا.. لأن المختصين هناك يعملون معهم عن علم ومهارة، ماذا لو كانت لدينا مراكز متخصصة تضمهم لساعات معينة من اليوم، وبها يتنفس مقدم الرعاية الهواء بروح آمنة على مريضه، أنه بأمان ويتلقى الرعاية، على أيدي الخبراء؟.

هم آباؤنا وأمهاتنا وأجدادنا.. من وجدوا مشقة في شبابهم، وحين أتى وقت راحتهم، هاجمهم هذا المرض، مقدّمو الرعاية لم ولن يفقدوا الأمل يومًا، في أن يصل حجم المعاناة لكلٍ من بيده المسح على أوجاعهم.

رغد الزنيدي 

تعليقك على الخبر
لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني | الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *
  • غير معروف

    ماشاء الله الله يسعدك مقال جميل ورائع يلامس القلب