حَـفـل أسـطوري للـغَــرَق والـفَـسَــاد!

الأحد ١٩ فبراير ٢٠١٧ الساعة ١:٤٣ صباحاً
حَـفـل أسـطوري للـغَــرَق والـفَـسَــاد!

* (سِـيْـرَاليون) دولة تقع في جنوب غَـرب قارة أفريقيا، تُـمَـزّق أوصالها في غالب الزمن الانقلابات العسكرية، والصراعات الأهلية، وهي دولة فقيرة بكل ما تعنيه هذه الكلمة من معاني!!

* في عاصمتها (فِـرِيْـتَـاون) عِـشتُ شهرين في سنتين متواليتين؛ وحينها كان موسم سقوط الأمطار التي تنهمر من السماء؛ وكأنها (نافورة العزيزة جـدّة)، وهذا يستمر لأيام متواصلة؛ ورغم ضعف الإمكانات إلا أن الحياة تمضي طبيعية، والناس تُـمَـارس حياتها دون عناء!!

* فمياه الأمطار تـتسابق حُـبْـلَـى بالـفَـرَح من خلال فتحات في جانب الطرق متجهة إلى البحر، دقائق مِـن توقف المطر؛ فلاغَـرَق، ولامستنقعات أو بِـرَك من الماء؛ وذلك التخطيط والتصميم، ودقة التنفيذ إنما هو من بقايا الاستعمار الانجليزي!!

* تلك (سَـيراليون، وهنا لن نتحدث عن (جَـدة والرياض) وما حدث فيهما من كَـوارث في سَـنوات خَـلَـت، فما يبدو أن مُـدننا كلها تَـغـرق عندما يأتي الـمَـطر؛ فـهـذه المأساة تكرر اليوم في (الخَـرج، والـدّلَـم، والدمام، والخُـبَـر، وأبها، و…، و …، و….)!

* وهنا أيها المسؤولون عن تلك الكوارث أرجوكم لا تعتذروا بالمفاجأة؛ فقدوم الأمطار ترصدها حتى الأجهزة الـذّكيّـة الشخصيّـة؛ مُـنْـذِرَةً بقرب الأخطار!!

* تكْـفُـون لا تلقوا بالتهمة على غزارة المطر؛ فأمطار (فِـرِيتَـاون) شهادة براءة لمَـطَـر (الدّلم والدمام والخبر وأبها، وقبلها جـدّة والرياض) يا بشَـر!

*أسألكم بالله لا تقولوا إنه القضاء والقدر؛ فَـنعم نؤمن بالقضاء والقدر؛ لكن ما حدث ويحدثُ في بلادنا ما هو إلا من صُـنْـع البشر، واسألوا إن شئتم (أهل سيراليون) عن المطر، وإيمانهم بالقَـدَر!

* أناشدكم لا تُـرَددوا أن الابتلاء والمعاصي والذنوب هي السبب؛ فهناك في (فريتاون) مسلمون، ونصارى وعَـبَدةَ وَثَـن، وأمطارهم عَمَار؛ لا مَـوت فيها، ولا دَمَــار!

* إذا أرتم معرفة أسباب (غَــرق مُــدِنـنـا)؛ فأبعدوا إشارات الاتهام عن الـقَـدر والمطر؛ وابحثوا عن ذاك الفَـسَـاد الذي جعلها دائماً في دائرة الخطر!!

* فَـسَـاد مَـن قبض “المَـقْـسُـوم” وسمح (للهوامير إياهم…) في صناعة الأَحياءِ والمخططات في بطون الأودية دون وسائل لتصريف المياه؛ فالمهم بَـيْـع المخطط؛ ولِـيَــذهب مَـن يسكنه بعد ذلك غير مأسوف عليه لِـقَـاع الوادي أو البحر!!

* فـسَـاد من خطّط للمشروعات، وأرسى تنفيذها على مؤسسات (الهوامير إياهم) بمئات المليارات؛ التي صبّت في حساباتهم؛ أما المشروعات فنفذتها (مؤسسات البَـاطِــن الصغيرة) بأقل المواصفات والمقاييس؛ وذلك حقها أن تأكل مِـن بقايا تَـرَكَـتها (رؤوس الهوامير)!

* فَـسَـاد مَـن استلم تلك المشروعات، وباركها، وصادق على دقة تنفيذها وسلامتها بعد أن أصابته بعَـمَـى الألوان رُزْمَـةٌ من أوراق نقدية أو تحويلات بنكيّـة!!

* ومكافحة ذلك الفساد لن تأتي بأن يتأبط المسؤول بِـشْـتِــه والإعلام يصحبه، زاعِـمَـاً أنه يتفقد الـمُـدن بعد غَـرقها؛ فأينك يا سيدي قبل ذلك!

* صَـدقوني وقبل رؤية 2030م نحتاج (عاصفة حَــزم 2017م صادقة وشفافة لاتستثني أحداً) لمحاربة الفساد لاتنتظر (نَـزاهَــة)؛ بل تنطلق عاجلاً، وتبدأ بنصب المشانق للمتورطين؛ ومعاقبتهم على ما جنته أيديهم في حَـقّ وطننا، وعلى ما أهدروا من مليارات؛ فـمَــن قال: إنّ ما فَـات قَــد مَــات!!

* أخيراً مِـن المصادفات أن (مدينة أبها الـغَـارِقَـة في دموعها) ستحتفل بعد أيام بكونها عاصمة للسياحة العربية لـلعام 2017م، في حفل بهيج سيقام في الـ 18 من شهر أبريل القادم، حَـفْـل قَـد يكون أسطورياً؛ فالقائمون على الفعالية أكدوا بأنه سيكون كبيراً ومختلفاً، وفيه إبهار بَـصَـري ستستورد أجهزته من ألمانيا والصّـين!

*وهنا الآن (نقطة على السطر)؛ فالمطر كشف المستور؛ وأماط اللثام عن فَـسَــاد أغَـرق المدينة؛ وبالتأكيد الـسّـياح العَـرَب لن يأتوا إليها لِـيَـغـرقوا فيها؛ وبالتالي المنطق ينادي بإلغاء الفعالية واحتفالاتها، وتوجيه ما سيصرف عليها من ملايين سواء من الحكومة أو القطاع الخاص للبدء في تأهيل بنيتها التحتية، وإصلاح ما صنعه هناك الـفَـسَــاد وعِـصاباته؛ فأمـن وسلامة (أَهْـلِـنَـا في أبها) أهَـم من الـحَـفَـلات الأسطورية!
تويتر @aaljamili

[email protected]

تعليقك على الخبر
لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني | الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *
التعليق
الاسم
البريد الإلكتروني

  • عبدالله

    نحن لو فكنا الله من المهندسين المصريين والمدراء الفاسدين كان نحن بخير واكبر شاهد منطقة المربع والديرة والشميسي تمر عليها الامطار ولم تغرق لان من صممها هم اجانب غير عرب والجبيل شاهدة على ذلك ايضا يجب الاستعانة بمهندسين بلادهم ممطرة لانهم هم من يعرفون كيف التعامل مع الامطار ( اعط الخباز خبزك لو اكل نصفه )