مشكلة “رسالة”!

الإثنين ٦ فبراير ٢٠١٧ الساعة ٩:٣٦ مساءً
مشكلة “رسالة”!

منى العتيبي

ما إن تتصفّح جريدتك، إلّا وتظهر لك جملة “أنا أقدّم رسالة”، مزحومة بين الكلمات.. تذهب إلى دوامك، يمر بك مديرك، أو زميلك، أو صديقك، وقد تلتقي بك الجملة ذاتها “أنا أقدّم رسالة”، مدسوسة في خطابهم معك.. تفتح تلفازك، فيشّع وجه متعجرف، أو “غنوج”، أو خصر يكشفه بدلة رقص، أو بدلة تكشف عن خصرٍ شرقي “مترهّل”، إلّا وخالط شعاع تلفازك “أنا أقدّم رسالة”.. تتمدّد على فراشك، فتشاطرك الذاكرة عدّ خرفان نومك رسالة.. رسالة.. تنام، والعدّ لم يصل للتمام!

الكل في هذه ” البقعة” العربية من العالم يُقدّم نفسه مدموجة في فكره على أساس أنه صاحب رسالة: المثقف والمدّعي، الأمير والفقير، الفقيه والسفيه.. الكل يتصدّر المنابر، الكل يُلغي ويُملي وفقًا لمفهوم الرسالة.

نعم، الرسالة هي الدور الأكبر الذي يعيش الإنسان من أجل تحقيقه في الحياة، وهي الحلم الذي يراه حقيقة تتمشّى أمامه ويلمسه كل طموح، لكنها ليست الكلمة الأخيرة التي يحملها في عنقه ويقدّمها للحياة، ولا هي الكلمة الفاصلة بين الجنة والنار، وليست هي الحق في إلغاء الآخر بإجباره على التقبّل!

الله (سبحانه وتعالى) عندما كلّف رُسله بحمل رسالته، قال: ” فَهَلْ عَلَى الرُّسُلِ إِلّا الْبَلاغُ الْمُبِينُ”، والمبين هنا تشير إلى البلاغ المبين الذي يحدث به توضيح الأمور المطلوب بيانها، وأن وظيفة رُسله هي البلاغ المبين.

إذًا، البلاغ هنا وضعتهم في وظيفة تقديمهم لرسالةٍ تحمل رؤى وأهداف، بينما يُترك للآخر تحديد كلمته الفاصلة في استقبال الرسالة التي حملت نتائج بيّنة، ومصائر معلّقة “ويغفر ما دون ذلك لمن يشاء “، بينما الحاصل في بقعتنا العربية غير ذلك، الكل تغافل عن أن الحياة هي مجموعة رسائل تحمل رؤى، وأهداف، وخطط.. حتمًا ليست هي الأخيرة، ولكنها اجتهادات لتقديم نتائج إيجابية مرهونة بالنجاح والإخفاق في آنٍ واحد.

تعليقك على الخبر
لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني | الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *
التعليق
الاسم
البريد الإلكتروني

  • توفيق محمد غنام

    فعلا هذا نحن . قلم راق ومثقف أرجو لك التوفيق