كيف سيعود مجتمع اليمن من الاختطاف الانقلابي؟

الأربعاء ١ مارس ٢٠١٧ الساعة ٤:٢٦ مساءً
كيف سيعود مجتمع اليمن من الاختطاف الانقلابي؟

لطالما عرفت الدول المختطفة سيادتها، صراعات داخلية على الحكم، إلا أنَّ أحدًا لم يسلّط الضوء، على آثار العنف المترتبة، داخل النسيج الاجتماعي الوطني، وهو ما دفع المسؤولين اليمنيين، إلى التفكّر في مرحلة ما بعد الانقلاب.

وأجمع مسؤولون يمنيون، على أنَّ اليمن يحتاج خلال فترة ما بعد الحرب إلى مصالحة شاملة لإعادة ترميم النسيج الاجتماعي الذي مزقته المليشيات الحوثية، وقوات المخلوع صالح، بعد أن نشرت القتل والدمار والخراب في كل قرية ومدينة، ورملت النساء ويتمت الأطفال في مختلف أنحاء البلاد.

الأحمر: المجتمع اليمني يعاني من نتوءات

وأبرز نائب الرئيس اليمني الفريق علي محسن الأحمر، في تصري صحافي، أنَّ “اليمن يحتاج بعد إزالة الانقلاب، واستعادة السلطات الشرعية، إلى ترميم ومعالجة النتوءات في النسيج الاجتماعي، مشدداً على “أهمية استعادة اللحمة الوطنية، واستكمال بناء القوات المسلحة وفقا لمعايير وطنية”.

ضرورة محاربة التطرف وبناء منظومة مخابراتية:

وأكّد الخبراء أنَّ “اليمن بحاجة إلى بناء المنظومة الأمنية والمخابراتية، والبدء الفوري باستكمال ما تبقى من بنود المبادرة الخليجية، والشروع في تنفيذ مخرجات مؤتمر الحوار الوطني، وبناء مؤسسات الحكم، ووضع استراتيجيات لمحاربة التطرف والإرهاب”.

وبدوره، بيّن وزير التخطيط والتعاون الدولي اليمني الدكتور محمد السعدي أنَّ “مرحلة إعادة الإعمار والتعافي الاقتصادي من خلال إعادة بناء ما هدمته الحرب، تستلزم خطوات لترميم النسيج الاجتماعي الذي دمرته الميليشيات الانقلابية، عبر مصالحة وطنية شاملة وعدالة انتقالية”.

وشدد السعدي على “أهمية معالجة أوضاع النازحين والمشردين، وإعادتهم لمناطقهم ومدنهم وتقديم الدعم النفسي والمعنوي لآلاف العائلات التي تعرضت للتشرد والضياع بسبب الحرب”.

المناطق المحررة:

شهدت المحافظات الخاضعة للحكومة الشرعية، عمليات حثيثة لترميم النسيج الاجتماعي، وإعادة تعمير ما خربه الانقلابيون أمنيًا واقتصاديًا وصحيًا، فيما ازدادت الأوضاع الاقتصادية والاجتماعية سوءًا في المحافظات التي يسيطر عليها الانقلابيون.

وأعلن مركز الإعلام الاقتصادي اليمني “شهدت المحافظات المحررة (حضرموت، ومأرب، وعدن)، استقرارًا في أسعار النفط والمواد الأساسية الاستهلاكية، إضافة لغياب السوق السوداء للمشتقات النفطية وتوفرها في المحطات الرئيسية”.

وأبرز المركز، في تقرير حديث، أنَّ “توفر الكهرباء في حضرموت يصل إلى 23 ساعة يوميا، تليها محافظة مأرب ثم عدن بساعات متفاوتة، فيما تتوفر الكهرباء ساعتين فقط بمحافظة الحديدة التي يسيطر عليها المتمردون، وغير موجودة بشكل نهائي منذ عامين بمحافظتي إب وذمار”.

وأشار إلى أنَّ “جماعة الحوثيين دأبت على نهب المساعدات الإنسانية في المناطق الخاضعة لسيطرتها، الأمر الذي أوجد صعوبة في وصول تلك المساعدات لمستحقيها”، موضحًا أنَّ “الحوثيين ينهبون المساعدات الإنسانية، ويتم بيعها لتجار السوق السوداء، ومن ثم يتم إعادة بيعها على المواطنين”.

جهود الحكومة اليمنية الشرعية:

وفي إطار جهود الحكومة اليمنية لإعادة ترميم النسيج الاجتماعي، دُشّن عدد من المشاريع التنموية في عدد من المحافظات، كانت محافظة مأرب صاحبة النصيب الأوفر، وذلك بعد وضع حجر الأساس لإنشاء جامعة حكومية فيها، وتحسن بعض الخدمات.

وفي السياق ذاته، رأى وزير حقوق الإنسان اليمني السابق عز الدين الأصبحي أنَّ “الصعوبة الحقيقية تكمن في إعادة إعمار النفوس والنسيج الاجتماعي الذي يتمزق بفعل الحرب، وإعادة بناء مجتمع صدم تماماً بانقلاب لم يكن يتوقعه وتدمير الثقة بين أفراده”.

وأوضح الأصبحي أنَّ “الأمر الخطير في اليمن أنه عندما اتجهت المليشيات إلى تعزيز الحرب الداخلية ببعدها الطائفي لم تدرك بأنها تمزق النسيج الاجتماعي لجيل كامل لن يغفر لنا ما أحدثناه له من تمزق اجتماعي ونفسي”.

من جانبه، بيّن وزير التجارة والصناعة اليمني الدكتور محمد الميتمي، في حديثه عن مرحلة ما بعد الحرب وإعادة الإعمار، أنَّ “من الأسس والمرجعيات التي ينطلق إليها مشروع إعادة الإعمار والتعافي الوطني الشامل، من خلال المشاركة المجتمعية الشاملة”.

وأضاف “أحد أسباب الصراعات والحروب في اليمن هو الإقصاء والتهميش، فكل جماعة تستأثر بمصادر القوة تلغي الجماعات الأخرى في المجتمع، ويخيل لها أنها تسلمت زمام الصيرورة التاريخية إلى ما لا نهاية، وهذا يدخل المجتمع في أزمات وصراعات متلاحقة، ومشروع إدارة الإعمار ينطلق من مبدأ مهم وهو إشراك جميع اليمنيين على مختلف تياراتهم وانتماءاتهم الثقافية والسياسية فيه”.