الشرارة التي أحرقت رواتبنا

السبت ٢٧ يوليو ٢٠١٣ الساعة ٩:٥٠ مساءً
الشرارة التي أحرقت رواتبنا

عاد “مساعد” من البعثة بعد أن أنهى دراسة بكالوريوس الاقتصاد بتفوق, عاد فرحاً بتخرجه وبعد احتفاء عائلته به, لم يمر وقت طويل حتى تم تعيينه موظفاً بإحدى الشركات المالية براتب 7500 ريال, فيمم وجهه شطرَ المنطقة التي تم تعيينه بها وذهب يبحث عن شقة للإيجار بعد أن باشر عمله حتى وُفق لإيجاد شقة صغيرة بمبلغ 2000 ريال في الشهر، ورغم أنها صغيرة وبعيدة قليلاً عن مكان عمله إلا أنها ناسبته نظراً لسعرها المتوسط مقارنةً بأسعار إيجارات الشقق الأخرى, ولأنه لا يملك وسيلةً للمواصلات اضطر لشراء سيارة يابانية صغيرة دون دفعة أولى بقسط شهري 1900 ريال, وبعد أن يدفع القسط الشهري للتمويل البنكي الذي اقترضه لشراء أثاث المنزل والأجهزة الكهربائية الضرورية لا يتبقى من راتبه سوى 2600 ريال.

أصبح “مساعد” يواجه أزمات مالية كلما اضطر لتغيير إطارات السيارة أو احتاج لشراء تذاكر سفر لزيارة عائلته في العاصمة الرياض أو مرَّ بموسم الأعياد الفترة الوحيدة التي يشتري فيها ملابس جديدة له ولزوجه، وبحكم تخصصه في الاقتصاد كان يعي تماماً بأن راتبه هذا لن يكفي حاجته طالما أنه لا يملك مسكناً، وما دام ارتفاع تكاليف المعيشة في استمرار؛ فشرع يبحث عن طريقة يسد بها تكاليف السكن التي أتت على ثلث راتبه، إلا أنه تراجع أمام جشع البرامج التمويلية للبنوك والشركات العقارية .

أثناء تصفحه لتويتر؛ لفت انتباهه وسم #الراتب_ما يكفي_الحاجة؛ فكتب مشاركاً بتغريدة تحمل همه “إن وسم #الراتب_ما يكفي_الحاجة ما هو إلا نتاج شرارة أزمة السكن التي أهملناها منذ بدايتها حتى استفحلت حريقاً يلتهم رواتبنا”

لم يكن يتوقع “مساعد” أن يمر بأرض الواقع على إحدى أشهر النظريات الاقتصادية التي درسها لأبراهام ماسلو والتي تقول: “الحاجات غير المشبعة لمدد طويلة قد تؤدي إلى إحباط وتوتر حاد قد يسبب آلاماً نفسيةً، ويؤدي ذلك إلى العديد من الحيل الدفاعية التي تمثل ردود أفعال يحاول الفرد من خلالها أن يحمي نفسه من هذا الإحباط”.

نستطيع أن نُسقط قصة “مساعد” ومعاناته مع راتبه على النسبة العظمى لشباب الوطن ممن رواتبهم ستكفيهم وقتما كفيناهم شرَّ الإيجار ومنحناهم حقهم في سكن يناسبهم، أو عوضناهم ببدل سكن إلى أن يأتي دورهم في برنامج وزارة الإسكان الذي طال انتظاره.

تعليقك على الخبر
لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني | الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *
التعليق
الاسم
البريد الإلكتروني

  • ت تمر الحسا

    السكن وطن…

  • ابو عبدالإله

    كلام سليم .. اجل وش يسوي اللي راتبه 3200
    نسأل الله ان يصلح الحال.

  • ابوضاري

    عزيزي فهد كلنا اصبحنا ” مساعد” وربك يعدلها

  • أحمد

    كلنا مثل مساعد

  • حمدان حسن

    شكراً فهد على الافته الاكثر من رائعه والتفاعل مع الحدث بطرح واقعي وصريح ونرجو من الله ان يصلح الحال واتمنى لك التوفيق والسداد

  • أبو يوسف

    رائع و تشبيه جميل لواقع لا يكابر في نشره و وصفه غير منتفع طفيلي لا يشبع أو أحمق يرى الحقيقة ولكنه لشدة حمقه يسأل الطفيلي ويستعلم عن ما راه، فأصبح لا هو ذا بصيرة ينفع بها نفسه ولا ذو نعمة قدرها وأحكم عقله في تحليلها و هذا والله ينطبق فيه وصف واحد لا غبار عليه وهو ” وجودك من عدمك ترى واحد ”.