الفيصل: سنواصل دعمنا لمصر ولن نسمح لأي أحد أن يتلاعب بأمنها واستقرارها

الإثنين ١٩ أغسطس ٢٠١٣ الساعة ٣:٠٤ مساءً
الفيصل: سنواصل دعمنا لمصر ولن نسمح لأي أحد أن يتلاعب بأمنها واستقرارها

أوضح صاحب السمو الملكي، الأمير سعود الفيصل -وزير الخارجية- أن زيارته لباريس ولقاءه بفخامة الرئيس فرانسوا أولاند يوم الأحد الـ18 من أغسطس 2013م، جاءت للبحث مع الأصدقاء في فرنسا الأوضاع الراهنة في مصر، بغية توحيد الرؤى على ما يجري فيها من أحداث مبنية على حقائق وليس على فرضيات.

وقال سموه: “حقيقة الأمر أن ما تشهده جمهورية مصر العربية الشقيقة اليوم، يعبر عن إرادة ثلاثين مليون مصري في الثلاثين من يونيو، معربين عن رغبتهم في إجراء انتخابات رئاسية مبكرة كنتيجة حتمية لتدهور الأوضاع الاقتصادية والسياسية والاجتماعية، وهو الأمر الذي أدى إلى اجتماع كل القيادات والقوى السياسية والاجتماعية للإعلان عن خارطة طريق جديدة تقود مصر لبر الأمان، بعد أن رفضت الرئاسة السابقة الاستجابة لرغبات الملايين من الشعب المصري، وتضمنت خارطة الطريق؛ تعديل الدستور وإجراء انتخابات رئاسية وبرلمانية في تواريخ محددة، تشارك فيها كل القوى السياسية” وأضاف سموه أن انتفاضة ثلاثين مليون مصري لا يمكن -بأي حال من الأحوال- أن توصف بالانقلاب العسكري، إذ إن الانقلابات العسكرية تجري تحت جنح الظلام، كما أن من تولى سدة الحكم في مصر رئاسة مدنية وبما يتوافق مع الدستور المصري.

وأوضح سموه أن المملكة العربية السعودية، تنظر بأسف شديد إلى ما تشهده مصر من أحداث وتطورات، بلغت إلى حد ما نراه اليوم لحرب في الشوارع وتدمير للممتلكات العامة والخاصة وترويع لأمن المواطنين وإزهاق الأرواح البريئة، وحرق محافظات مصر بأكملها من قبل تيار يرفض الاستجابة للإرادة الشعبية المصرية، بل ويرفض كل مبادرات الصلح التي أطلقها شيخ الأزهر، علاوة على النداءات العربية والدولية، وبادروا إلى الاعتصام بميادين مصر، وشلوا حركة الحياة في المناطق المحيطة بها، وروعوا سكانها وكدسوا الأسلحة والذخائر واستخدموا النساء والأطفال كدروع بشرية، في محاولة لكسب تعاطف الرأي العام، واستمروا في اعتصامهم لأكثر من أربعين يوماً، الأمر الذي يتعارض مع الادعاء بسلمية الاعتصامات، ويتنافى -في الوقت ذاته- مع كل القوانين الدولية في التعبير عن حرية الرأي وحقوق الإنسان، التي تحرم وتجرم ترويع المواطنين والاعتداء على ممتلكاتهم بقوة السلاح، وتعطيل وشل حركة الحياة، وهذا ليس ما تدعو إليه مبادئ الديمقراطية أو حقوق الإنسان.

وقال سموه: “ولا بد هنا من الإشارة إلى حقيقة أخرى، تتمثل في محاولات الحكومة المصرية المضنية في فض الاعتصامات بشتى الطرق السلمية وعبر المفاوضات، إلا أنه -وللأسف الشديد- قوبلت هذه الجهود بالتعنت والرفض، بل ومواجهتها بالعنف عبر استخدام السلاح وقنابل المولوتوف ضد رجال الشرطة والمواطنين على حد السواء”.

وبين أنه -على الرغم من كبر حجم الاعتصامات في كل من ميداني رابعة العدوية والنهضة- فإنه لا بد من الإشادة بما قامت به الحكومة المصرية وقدرتها على فضها في فترة زمنية قياسية قصيرة وبأقل عدد من الأضرار، وأقول ذلك ليس من باب الفرضيات، وإنما من واقع أحداث مسجلة بالصوت والصورة.

وأوضح أن ما نشهده اليوم -وللأسف الشديد- من مبادرة المناوئين إلى حرق المساجد والكنائس والمنشآت العسكرية وأقسام الشرطة وترويع الآمنين، ومحاولة تحويل الأزمة إلى حرب شوارع، وتزامن هذا النشاط الغوغائي مع العمل الإرهابي في سيناء، يؤكد أن المنبع واحد، وهو أمر يدعو للأسى والحزن، ولا تقبل به جميع المبادئ والقوانين المحلية والدولية، ويتنافى مع سلمية الاحتجاجات، مع الأخذ في الاعتبار أن جميع قوانين دول العالم تمنع -وبشكل قاطع- أي تظاهرات مسلحة، أو تهديد لأمن المواطنين، أو المساس بالممتلكات العامة، أو تعطيل الحياة ومصالح المواطنين.

واستطرد: إننا نرى اليوم -للأسف الشديد- مواقف دولية أخذت مساراً غريباً في تجاهل هذه الحقائق الدامغة، وركزت على مبادئ عامة، وكأنها تريد التغطية على ما يقوم به هؤلاء المناوئين من جرائم وحرق لمصر وقتل لشعبها الآمن، بل ويشجع هذه الأطراف على التمادي في هذه الممارسات.

وأضاف: للأسف الشديد، إننا نرى أن الموقف الدولي تجاه الأحداث الجارية في مصر، يتعارض مع مواقفها تجاه الأحداث في سوريا، فأين الحرص على حقوق الإنسان وحرمة دمه، والمذابح التي تجري كل يوم في سوريا، والتي أدت إلى قتل أكثر من مائة ألف سوري ودمرت سوريا بأكملها، دون أن نسمع هـمسة واحدة من المجتمع الدولي، الذي يتشدق بحقوق الإنسان حسب ما تقضي به مصالحه وأهواؤه.

وأكد سموه أن هذه المواقف -إذا استمرت- لن ننساها في المملكة العربية السعودية، ولن ينساها العالم العربي والإسلامي، وسيوصم هذا الزمان بأنه الزمان الذي انتهكت فيه الحقوق وبررت تبريرات واهية لا يمكن أن يقبلها عقل أو يرتكن إليها ضمير، ولن نأخذ من يتجاهل هذه الحقائق وينساق وراء الدعايات والأكاذيب الواهية، بأنه حسن نية أو جهالة، وإنما سنأخذها على أنها مواقف عدائية ضد مصالح الأمتين العربية والإسلامية واستقرارهـما، فمصر لا يمكن أن ينالها سوء وتبقى المملكة والأمة العربية صامتة، وهي أمة -إن شاء الله- قوية بإيمانها وبشعوبها وبإمكاناتها.

وقال: ولتعلم كل الدول التي تتخذ هذه المواقف السلبية تجاه مصر، أن السعير والخراب لن يقتصر على مصر وحدها، بل سينعكس على كل من أسهم أو وقف مع ما ينالها من مشكلات واضطرابات تجري على أرضها اليوم.

وبين أن المملكة تعرب عن استغرابها للمواقف الدولية التي تم التعبير عنها بشي من الاستحياء حول الوضع في مصر، والذي يظهر ميلاً إلى جانب من يحاولون استخدام الشعب المصري كأداة من أدوات العمل السياسي.

وأضاف أنه إزاء هذه المواقف الدولية السلبية تجاه مصر، كان لا بد للمملكة العربية السعودية أن تقف وقفة عز وحق معها، فمصر تعتبر أهم وأكبر دولة عربية، ولا يمكن أن تقبل المملكة أن يرتهن مصيرها بناء على تقديرات خاطئة، ولذا وجه خادم الحرمين الشريفين -يحفظه الله، يوم الجمعة الماضي- رسالة قوية وواضحة وصريحة، تنبع من خلقه الإسلامي، الذي يجعله يقف دائماً مع الحق دون أن يأبه بمصالح أو تحقيق مكاسب زائلة، ولم تطلب المملكة أكثر من أن يقف أبناء الشعب المصري والأمتين العربية والإسلامية وقفة رجل واحد، وتحكيم العقل والحكمة للحفاظ على أمن واستقرار مصر، موضحاً -يحفظه الله- أن ما يحدث في مصر ليس إلا إرهاباً لا يراد به خيراً لها، ولا بد من مواجهته والتصدي له بكل قوة وحزم، وإلا فإن الإرهاب سيحقق ما يخطط ضد مصر واستقرارها، وطالب -حفظه الله- بعدم التدخل في الشؤون الداخلية في مصر، وأن يترك هذا الأمر لشعبها وقيادتها، فهم أدرى بشؤون بلادهم.

واختتم سموه كلمته بقوله: أؤكد للجميع أن المملكة العربية السعودية -قيادة وحكومة وشعباً- وقفت -وستقف دائماً- مع مصر، وأن الدول العربية لن ترضى -مهما كان- بأن يتلاعب المجتمع الدولي بمصيرها، أو أن يعبث بأمنها واستقرارها، وأتمنى من المجتمع الدولي أن يعي مضامين رسالة خادم الحرمين الشريفين، بأن المملكة جادة ولن تتهاون في مساندة الشعب المصري لتحقيق أمنه واستقراره. أما من أعلن وقف مساعدته لمصر أو يلوح بوقفها، فإن الأمة العربية والإسلامية غنية بأبنائها وإمكاناتها، ولن تتأخر عن تقديم يد العون لمصر، فمصيرنا واحد وهدفنا واحد، فكما تنعمون بالأمن والهدوء والاستقرار، فلا تستكثروا علينا ذلك.