آل طالب: المنهج الحق التثبتُ والتأني والرفقُ والحلم عند الفتن

الجمعة ٦ سبتمبر ٢٠١٣ الساعة ٥:٢٧ مساءً
آل طالب: المنهج الحق التثبتُ والتأني والرفقُ والحلم عند الفتن

أوضح فضيلةُ إمام وخطيب المسجد الحرام الشيخ صالح آل طالب -في خطبة الجمعة اليوم- أنه حين يثور نقع غبار الفتن وتدلهمّ ظلمات المحن وتمر الأمة -في بعض فتراتها- بما يضل فيه كثير من الناس ويزل والفتنة تُقبل عمياء مظلمة يشتبه فيها الحق على كثير من الخلق؛ فهناك لا بد للمسلم من معالم يسترشد بها ومنارات يستدل بها ونجوم تهديه للسبيل ذلك إن أعز ما على المؤمن سلامة دينه والفرار من الفتن يكون باللجوء إلى الله تعالى.

وأردف يقول: فهنيئاً لمؤمن يركن إلى الصلاة والعبادة بينما الناس يتهارجون ويهرعون إلى تلقف الأخبار وتتبع الشائعات، هنيئاً لمن يطمئن بالله قلبه حين تقلق النفوس وتضطرب القلوب.

ومضى يقول: إن قيام الليل من أعظم ما يعين على النجاة من الفتن، فالعبادة ذات أسرار ومن أسرارها أنها زاد الطريق ومدد الروح ونور القلب، وكان النبي -صلى الله عليه وسلم- إذا حزبه أمر فزع إلى الصلاة، وحثّ صلى الله عليه وسلم على الطاعات؛ لتكون حرزاً من الفتن قبل وقوعها ونجاة منها حين تقع.

وبيَّن آل طالب أن من كان له زاد من تقوى وعمل صالح كان حرياً بالنجاة وسنة الله ألا يخيب عبدٌ أقبل إليه، وكان يقال: “ادفعوا الفتن بالتقوى”، ومن اللجوء إلى الله دعائه والتضرع إليه ومن الدعاء التعوذ من الفتن.

وزاد الشيخ آل طالب يقول: من المعالم التي يهتدي بها المسلم ويركن إليها الأخذ بالمحكمات وسنن الله الثابتات ومنها التثبت وحرمة الدماء ولزوم الكتاب والسنة والنظر في العواقب ومعرفة المصالح والمفاسد ومراتبها على ضوء الشرع لا على الأهواء والمصالح الدنيوية، وأن الحق هو ما وافق أمر الله وأمر رسوله وأن الفتنة بخلافهما.

وأضاف يقول: “عبادَ الله، في زمن الفتن تتكاثر على المسلم الأخبار والشائعات ويختلط الصدق بالكذب، خاصة مع قوة تأثير وسائل الإعلام من القنوات والمطبوعات والمواقع والشبكات وسهولة التواصل، وسرعة نقل الخبر وانتشار الكذب وجرأة الناس عليه بلا حياء ولا ورع”.

وأردف إمام وخطيب المسجد الحرام يقول: إن المنهج الحق هو التثبت والتأني والرفق والحلم عند الفتن وتغير الأحوال ومشاورة أهل العلم والعقل والتجربة وعدم الانفراد بالرأي، والمعافى من كُفي، فلا يلزم أن يكون لك رأي في كل نازلة أو قول في كل واقعة، كما يجب التزام العدل والإنصاف، وعلى النقيض ترى في زمن الفتن من لا يتورع من الولوغ في أعراض المؤمنين وسن لسانه وقلمه للنيل من الصالحين والتلبيس على عامة المسلمين وقلب الحقائق والتأليب بما يوقع الفتنة والفرقة وأعظمها الفتنة في الدين.

وقال فضيلته: في خضمّ الخلافات السياسية الدائرة في بلاد المسلمين وفي ضباب شبكات التواصل الاجتماعي التي لا يُعرف مَن يكتب فيها لامقصوده ولا حقيقته قد يغيب سلطانُ العدل وينجرف الناس إلى التهارج بلا ضابط من شرع أو قيم، فلا بد من التثبت مؤكداً أن الصبر عدة للمؤمن من الفتن.

وأوضح إمام وخطيب المسجد الحرم أنه قد بقي في الدنيا بلاءٌ وفتنة فاعدوا للبلاء صبراً، وإن الصبر لا يعني الرضا بالنقص والاستسلام للضياع، وإنما يعني الصبر على التمسك بالدين وعلى فعل ما يوجبه الشرع فهذا هو المحمود، وإن من المعالم المهمة في هذا الزمن التفاؤل والأمل وعدم اليأس والإيمان بأن العاقبة للمتقين، وعسى أن تكرهوا شيئا وهو خير لكم، واستحضار حكمة الله ورحمته في سنة الابتلاء.

ونبّه الشيخ صالح آل طالب على أن أحاديث الفتن والملاحم تورد للاعتبار والتحذير كأحاديث الدجال والخسف والحروب، ولا يلزم بانطباق أخبار معينة على وقائع حادثة، فإن ذلك من علم الغيب ولا يجوز القول على الله بغير علم.