الشيخ الشايع : “الخلاف والخيانة” تصاحب سعد الفقيه في فكره وتصوراته

الأربعاء ١٨ سبتمبر ٢٠١٣ الساعة ٣:٠٢ صباحاً
الشيخ الشايع : “الخلاف والخيانة” تصاحب سعد الفقيه في فكره وتصوراته

رد الدكتور خالد بن عبد الرحمن بن حمد الشايع الأمين العام المساعد للهيئة العالمية للتعريف بالرسول صلى الله عليه وسلم ونصرته على مقابلة داعي الفتنة في لندن المدعو سعد الفقيه مع CNN بالعربية, مشيراً إلى أن متلازمة الخلاف والخيانة تصاحب الفقيه في فكره وتصوراته ’ فقد عاشها مع زملائه عند تأسيس حركتهم، وآلت إلى أن يلعن بعضهم بعضاً ويتبرأ بعضهم من بعض، فهو يظن أن هذا المشهد يمكن أن يتكرر لدى شعب المملكة .
وفيما يلي نص رد الدكتور الشايع :
فقد اطلعت على مقابلة لموقع CNN بالعربية مع د. سعد الفقيه وهو المعارض الخارج إلى أوروبا منذ سنين، المقابلة تعكس التصورات التي دأب الفقيه على طرحها في منشوراته وعبر قناته الفضائية وعبر الوسائط الأخرى باسمه الصريح أو بغيره.
ويمكن التوقف مع المقابلة في المحاور التالية:
أولا: تضمن كلام سعد الفقيه معلومات متنوعة، فمنها أمور تدخل في نطاق الكذب الصريح، ومنها أمور تعكس الأمنيات التي تتردد في فكر سعد الفقيه، وهذه يطلق عليها الأطباء “الوسواس القهري”، وكما يدرك الطبيب سعد الفقيه أن هذا أحد الأمراض العصابية التي يعلم فيها المريض علم اليقين بعدم صحة أفكاره وتفاهتها، ولكن مع طول مدة المرض قد تضعف درجة مقاومته. ولذلك حاول الفقيه نشر أفكاره بعدد من الأساليب والمسميات، ولا شك أن السلطات الصحية البريطانية تتحمل مسئوليتها نحوه لتقصيرها في علاج هذا المرض العصابي للفقيه وهو ينعم بإقامته على أرضهم، وهم يستفيدون من خدماته.
ثانيا: يجب القول أن المملكة العربية السعودية خيارها الإسلام في موقعها الجغرافي والسياسي والتاريخي، ومصدر الحكم والقوة فيها إنما هو بتطبيق الشريعة، ولذلك فإن المادة الأولى في دستور المملكة تنص على أن (المملكة العربية السعودية دوله عربية إسلامية ذات سيادة تامة – دينها الإسلام ودستورها كتاب الله تعالى وسنة رسوله صلى الله عليه وسلم) وهذا مشاهد وملموس في أنظمة المملكة وقوانينها وفي مظاهر الحياة المعيشية اليومية، ولذلك نجد أن الحكومة تتحفظ على الاتفاقيات الدولية المخالفة للقرآن والسنة، وحكومات العالم تتفهم ذلك بالنظر للموقع الديني للسعودية معنوياً وحسياً.
ثالثا: لاحظت أن الدكتور الفقيه استمات في طعنه في كبار العلماء في المملكة، وينبغي هنا أن نسجل حقيقة لا يدركها كثير من الناس، وهي أن مشروع الفقيه وزمرته في الانقلاب على الحكم في السعودية ولد خديجاً ومات في مهده، بسبب موقف رئيس هيئة كبار العلماء في زمانه سماحة الشيخ عبد العزيز بن باز رحمه الله، والذي وصف المشروع الانقلابي للفقيه وزملائه بأنه نوع من الشر والفساد وأنه يجب محاربته والتحذير منه، وهذا ما يقرره العلماء من بعده، وعنهم يصدر الناس، فالفقيه يحاول أن يوجد تنافراً بن العلماء وبين الشعب حتى يمرر أفكاره، وحتى يخرج من السبة والتضليل الذي حكم به العلماء على مشروعه وأفكاره. فهو يدرك أن العلماء مصدر قوة للدولة، ويدرك أيضاً أن العلماء والمسؤولين في مركب واحد يحمونه ويذودون عنه.
رابعا: عند التأمل في كلام سعد الفقيه عن الأسرة المالكة فنحن أمام توقعات وأمنيات لسعد الفقيه، وبين منهج ونموذج لهذه الأسرة منذ حملت راية الإصلاح والتجديد (عام 1157هـ / 1744م ) على يدي الإمامين محمد بن سعود ومحمد بن عبدالوهاب رحمهما الله. والعاقل يميز بين الأمرين. وغير خاف أن الأسرة المالكة جزء من المكون القبلي والأسري في المملكة، فالجميع يرتبطون فيما بينهم بعلاقات من الرحم والمصاهرة والجوار، وكل هذه الأسر يتبوأ أفراد منهم إدارة مؤسسات الدولة بحسب مسؤولياتهم وتأهيلهم.
خامسا: الفقيه يركز على فكرة تغيير الحكم في السعودية، وهي دولة مستقرة تعيش ازدهاراً اقتصادياً وتميزاً أمنياً والشعائر الإسلامية فيها ظاهرة بحمد الله، والشعب يعيش وئاماً واجتماعاً فيما بينهم، وكذلك بين الشعب وقيادته، ونحن بين أيدينا نصوصٌ صريحة من القرآن الكريم ومن أحاديث النبي الأمين صلى الله عليه وسلم في منع من يريد تفريق هذا الاجتماع والائتلاف منعاً قاطعا.
وإنما كان تشديد الشريعة وتشنيعها على من يريد تفريق الأمة وشق صفها بسبب ما يؤول إليه مطلبه من إزهاق الأرواح وإراقة الدماء والإخلال بالأمن، وهذا مشاهدٌ اليوم في الثورات التي يدعو إليها الفقيه كما حدث في ليبيا وتونس ومصر، مع العلم بأن الأوضاع في السعودية لا تقارن أبداً بأوضاع تلك البلدان من جهة الحريات والأوضاع المعيشية.
سادسا: المواطن السعودي له وعي يدرك به مصلحته الشرعية والمعيشية، فالمملكة في ظل الحكم السعودي يعيش أهلها نموذجاً متميزاً في تطبيق الشرع المطهر وإقامة الشعائر الدينية، كما أن الأوضاع المعيشية والاقتصادية تعتبر الأفضل في عالم يشهد أزمات اقتصادية طاحنة، والمواطنون يلمسون توجه قيادتهم في حل المعضلات الاقتصادية العارضة، ويبقى الأمن الوارف ركيزة لا يساوم عليها أي مواطن، ومن قبله الولاء للحكم السعودي لتشرفه بحمل راية التوحيد وإحياء عقيدة السلف الصالح على منهاج النبوة على مدى نحو ثلاثة قرون.
وأما الديموقراطيات التي يزين لها الفقيه في عالم اليوم فهي في أحسن صورها لا ترقى للخير الحاصل في المملكة، وهذا ببركة الشريعة واتخاذها منهاجاً للحياة. والأرقام والإحصائيات خير شاهد في هذا المقامم.
سابعا: لا غرابة أن يعلن الفقيه طعنه وسبه للحكومة السعودية وللعلماء، فهذه طريقته حتى مع الصحابة وخيار الأمة، فقد تجرأ من قبل على الصحابي الجليل معاوية بن أبي سفيان رضي الله عنه، مخالفاً بذلك نهي النبي صلى الله عليه وسلم إذ قال: “لا تسبوا أصحابي، لا تسبوا أصحابي، فوالذي نفسي بيده لو أن أحدكم أنفق مثل أحد ذهبا ما أدرك مُدَّ أحدِهم ولا نَصِيفه” رواه البخاري ومسلم.
قال شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله: “فإنَّ معاويةَ ثبت بالتواتر أنه أمَّره النبيُّ صلَّى الله عليه وسلَّم، كما أمَّر غيره، وجاهد معه، وكان أميناً عنده يكتب له الوحي… واتفق العلماء على أنَّ معاوية أفضل ملوك هذه الأمة، فإنَّ الأربعة قبله كانوا خلفاء نبوة، وهو أول الملوك؛ كان مُلكُه مُلكاً ورحمة، كما جاء في الحديث: ‘يكون الملك نبوة ورحمة، ثم تكون خلافة ورحمة، ثم يكون مُلكٌ ورحمة، ثم مُلك وجبرية، ثم مُلكٌ عَضُوض،’ وكان في مُلكه من الرحمة والحلم ونفع المسلمين ما يُعلم أنه كان خيراً من ملك غيره.”
ثامنا: متلازمة الخلاف والخيانة تصاحب الفقيه وللأسف في فكره وتصوراته فحيث إنه عاشها مع زملائه عند تأسيس حركتهم، وآلت إلى أن يلعن بعضهم بعضاً ويتبرأ بعضهم من بعض، فهو يظن أن هذا المشهد يمكن أن يتكرر لدى شعب المملكة، لذا فهو وعلى مدى عقدين من الزمان يستميت في عرض مشروعه الخديج، ولم يعتبر بما حصل من محاولات بائدة تبنتها دول ضد المملكة، كما في كان من نظام جمال عبدالناصر ومعمر القذافي وغيرهما، وكانوا أشد منه وأقدر وأعتى، فأين ذهبت دعواتهم ومزاعمهم؟ فشلت ظنونهم… واندحرت مكائدهم… وخاب سعيهم.
والسر في ذلك: أن كيان الدولة السعودية مرتبط بالشريعة الإسلامية، وبهذا اجتمعت القلوب وتآلفت النفوس، وباتت الدولة السعودية محل تقدير واهتمام المسلمين في أرجاء الأرض، وأما في الداخل: فالقبائل والأسر السعودية جزء من كيان الدولة على هذا المنهاج الشرعي، وقد كانوا قادة إبان توحيد المملكة مع إمامهم الملك عبدالعزيز رحمه الله، وتبوؤوا مكانتهم ومسئولياتهم وأبناؤهم من بعدهم، فلا يزال عقد البيعة الشرعية يتوارثه الأبناء عن الآباء، وهم من خير إلى خير عقوداً متوالية من الزمان، ولذا فمن السذاجة بمكان أن يظن الفقيه بأن ما عاشه هو من الغدر والخيانة يمكن أن يروج له بين شعب المملكة النبلاء الأوفياء.

الشيخ الرشودي : الفقيه يتهم كل من خالفه بالعمالة والانبطاح
من جانبه , رد الدكتور وليد بن عثمان الرشودي أستاذ الدراسات الإسلامية بجامعة الملك سعود بالرياض على مقابلة داعي الفتنه سعد الفقيه بالقول:
وقفت على مقابلة مع الدكتور سعد الفقيه المقيم في لندن منذ أكثر من عقدين، وهي منشورة على موقع CNN بالعربية ورأيت فيها جملة من الغلط أحببت توضيحه، سيما المستهدف بتلك المقابلة هم العالم الخارجي الذي يجهل الكثير من حالنا فلذا أقول:
أولا: ما ذكره الدكتور من توصيف لأهل العلم وتقسيم لا يستقيم مع الواقع فإن أهل العلم بالجملة يقومون بالواجب الشرعي المكلفون به شرعا من التعليم والإفتاء والدعوة والاحتساب على المخالف، ولا يليق بعاقل أن يروج لنفسه أو لفكرته بإشاعة الباطل الذي يكذبه الواقع، فإن المجتمع السعودي بالجملة ولله الحمد يفزعون لعلمائهم في كافة الأمور.
ثانيا: يجب أن يفرق المطلع بين ما يريده الدكتور سعد ويتبناه، وبين منهج أهل العلم والفكر والعقلاء، فالدكتور يتبنى منهج التغيير، وأهل العلم والفكر والعقلاء يتبنون منهج الإصلاح الذي أمر الله به رسله وأنزل به كتبه، ويعلمون أن الإصلاح طويل وشاق، ويدفعون البلاء عن البلاد بمقاومة المخالف والرد عليه والاحتساب على المنكر ولو لم يتغير، لأن واجبهم التبيين والنتيجة مردها إلى الله ( فَإِنْ أَعْرَضُوا فَمَا أَرْسَلْنَاكَ عَلَيْهِمْ حَفِيظًاً . إِنْ عَلَيْكَ إِلَّا الْبَلَاغُ ) وقال سبحانه: (وَإِذْ أَخَذَ اللَّهُ مِيثَاقَ الَّذِينَ أُوتُوا الْكِتَابَ لَتُبَيِّنُنَّهُ لِلنَّاسِ وَلا تَكْتُمُونَهُ ) وقال سبحانه: (وَمَا كَانَ رَبُّكَ لِيُهْلِكَ الْقُرَى بِظُلْمٍ وَأَهْلُهَا مُصْلِحُونَ.)
ثالثا: “كنت أرغب من الدكتور ألا يسطح المجتمع ويجهله بهذه الطريقة فالمجتمع ولله الحمد في بلادنا واع بدرجة عالية، يعلم حقوقه وأولوياته يحافظ على مكتسباته الدينية والدنيوية، غيور على مصالح دينه ووطنه، ويراقب التغيرات حوله يرصد الحسن منها وينبذ القبيح .
رابعا: لا ندعي الكمال ولا تزكية لبلادنا، إلا أن على المخالف والناقد العدل بالقول، فإن بلادنا ولله الحمد والمنة الوحيدة التي يحكم قضاتها بالشريعة ومعالم الدين فيها ظاهرة، ونقر بأن هناك تقصير في أمور دينية ودنيوية سبيل حلها هو استمرار الاحتساب عليها، وتبيين الخطأ فيها ونصح ولي الأمر عليها، وهذا ولله الحمد متاح وواضح وأثره بالجملة ظاهر.
خامسا: القاعدة العقلية الشريعة تنص على أن الحكم على الشيء فرع عن تصوره والدكتور بعيد عن التصور الحقيقي لبعده عن الواقع، فهو أشبه بصاحب التحليل الإخباري منه بالخبير الممارس للواقع بحق الذي يعيش الواقع ويتصل بالناس ويقابلهم ويعرف واقعهم، أما الدكتور فمصدره من يتصل به فقط، أو ما يطلع عليه أو يسرب له، فهو يعيش على زعموا، “وبئس مطية الرجل زعموا”.
سادسا: الملاحظ على الدكتور مصادرة الآخرين ما يدعي المطالبة به لعموم المجتمع، فهو لا يسمح للآخرين بالحرية فيما يختارونه ويعملون به، وخصوصا أهل العلم والدعوة والفكر والاحتساب، فلا يسمح لهم بتبني الطريقة الشرعية التي يدينون الله بها من سبل الإصلاح التي يرونها، أو ما يرونه من واجب البيعة الشرعية التي قاموا بها، فهو لا يقر بالبيعة ويأمر بنزع اليد عن الطاعة، وكل من خالفه في ذلك بكل سهولة يتهمه بالعمالة أو ما يسميه بالانبطاح، وأقل التهم يرميه بالجبن، وبرامجه مليئة بذلك، لكن أن يحمل المخالف له على حسن الظن وأن هذا ما يراه وما يدين الله به فلا، فليته يمنح الناس ما يطالب به.