السيسي يكشف كواليس الساعات الأخيرة قبل عزل مرسي

الأربعاء ٩ أكتوبر ٢٠١٣ الساعة ٧:١٤ مساءً
السيسي يكشف كواليس الساعات الأخيرة قبل عزل مرسي

كشف وزير الدفاع المصري الفريق أول عبد الفتاح السيسي عن كواليس ما دار قبل عزل محمد مرسي، إبان ثورة 30 يونيو، وقال السيسي إن التقارير قبل 30 يونيو كانت تشير إلي نزول ما بين 4 إلى 6 ملايين من المعارضين لحكم الإخوان. ولكن المفاجأة أن المشاركين بلغ عددهم وفقاً لأقل تقدير 14 مليوناً وأعلى تقدير 33 مليوناً.

وأشار السيسي إلى مواجهة حدثت بينه وبين نائب مرشد الإخوان خيرت الشاطر قبل الأحداث، قال فيها للشاطر: ” أنتم يا تحكمونا يا تموتونا”.

 وأكد السيسي في الجزء الثاني من حواره مع صحيفة المصري اليوم، اليوم الثلاثاء، أن جميع مؤشرات التقارير الرسمية، خاصة من مركز المعلومات ودعم اتخاذ القرار الذى كان يرأسه أحد المنتمين للإخوان في ذلك الوقت، وكذلك التقارير غير الرسمية، أعطت دلالات على تفوق حركة تمرد المعارضة، على حركة تجرد المؤيدة لمرسي، بما يتراوح ما بين 3 أضعاف على المستوى الرسمي، و 15 ضعفاً على المستوى غير الرسمي.

وأضاف أن جميع التوقعات أشارت إلى كثافة التظاهر، واتجاه المتظاهرين للاعتصام حتى تلبية النظام مطالب المتظاهرين، وفي نفس الوقت كان هناك تعنت من جانب النظام وعدم استبعاد لجوء مؤيديه (الإخوان) للصدام مع المتظاهرين.

وتابع وزير الدفاع “أمام هذا الواقع المشتعل، فكرنا في طرح مبادرة ونحن في يوم 23 يونيو، وضعنا المطالب التي يجمع عليها الناس، وكان سقفها الأعلى هو الاستفتاء على الرئيس، وكنا نتمنى أن يستجيب لها ويعرض نفسه على الاستفتاء، فلو وافق الشعب على بقائه كانت المعارضة ستسكت”.

وأضاف “أصدرنا بيان مهلة الأيام السبعة، وأطلعت مرسي على تفاصيله، وكنت ألتقى معه دائماً، وهو لم يغضب من البيان وإنما كان متحفظاً على رد الفعل، ولكن عند مهلة الـ٤٨ ساعة يوم أول يوليو، وأبدى استياءه وغضبه، وقلت له: أمامنا ٤٨ ساعة نحل المسألة، لأن الناس نزلت يوم ٣٠ يونيو بأعداد ضخمة جداً”.

وأشار السيسي أنه عمد حتى آخر لحظة لحل الأزمة، وأنه التقي مع مرسي في 2 يوليو (تموز)، أي قبل عزله بيوم واحد.

وكشف السيسي عن لقاء جمعة بالرجل القوي في الجماعة خيرت الشاطر، قائلاً: “اتصل بي رئيس حزب الحرية والعدالة سعد الكتاتني وطلب أن يلتقى بي هو وخيرت الشاطر، والتقيت بهما يوم الثلاثاء ٢٥ يونيو، واستمعت إليهما، وتحدث خيرت الشاطر لمدة ٤٥ دقيقة، وأخذ يتوعد بأعمال إرهابية وأعمال عنف وقتل من جانب جماعات إسلامية موجودة في سيناء وفى الوادي لا يستطيع هو ولا جماعة الإخوان السيطرة عليها، وبعضها لا يعرفه، جاءت من دول عربية”.

وأضاف أن الشاطر أخذ يشير بإصبعه وكأنه يطلق “زناد بندقية”، ثم قال الشاطر إنه “إذا ترك الرئيس منصبه، فستنطلق هذه الجماعات لتضرب وتقتل، وأن أحداً لن يقدر على أن يسيطر عليها، وهذا معناه اقتتال شديد جداً”.

وتابع السيسي: “استفزني كلام الشاطر بشكل غير مسبوق في حياتي، لأنه كان يعبر عن شكل من أشكال الاستعلاء والتجبر في الأرض.

وأضاف انفجرت فيه قائلاً: “ماذا تريدون؟ أنتم خربتم البلد، وأسأتم للدين، أنتم عايزين يا تحكمونا يا تموتونا”، مضيفاً: “بعدها صمت، ولم يتكلم، وأظنه أدرك رد الفعل من جانبنا”.

 وقال لي الدكتور الكتاتني: «ما الحل؟».. قلت: «أن تحلوا مشاكلكم مع القضاء والكنيسة والأزهر والإعلام والقوى السياسية والرأي العام».

 وقبل أن يلقي الرئيس السابق خطابه في مركز المؤتمرات، يوم الأربعاء 26 يونيو، جلست معه وتحدثت عن الخطاب من الحادية عشرة ظهرًا إلى الواحدة بعد الظهر في نفس يوم إلقاء الخطاب، وقال لي: «الدكتور الكتاتني سيأتي وكل اللي إنت بتقوله هنعمله»، وكانت هناك حلول كثيرة جدًا، ولو كان أوجد صيغة تصالحية مع الناس كان من الممكن أن تكون مخرجاً مقبولاً.

  وعن سبب حضوره خطاب مرسي الأخير، وابتسامته أثناء خطاب مرسي، في 26 يونيو، قال السيسي حضرت خطابه حتي أساهم في حل للأزمة، بعد أن حصلت على وعد من الكتاتني باستجابة مرسي لطلبات الجماهير.

 وأضاف “لكني فوجئت بأن الكلام الذي يقوله مرسي على عكس ما تم الاتفاق عليه معه والكتاتنى، وابتسمت بسبب الخضوع لأوامر مكتب الإرشاد دون مراعاة مصالح الدولة، والاعتماد على مستشارين اعتادوا إيقاع الرئيس في أخطاء وإعداد خطاب له لا يرقى لمقام الرئاسة ويدفع الرئيس ليقف أمام القضاء، وهو ما شهدناه في الأيام التالية.

 وعما تردد عن وجود قائمة اعتقالات لعدد من قيادات الجيش والشخصيات العامة، كانت جاهزة للتنفيذ بعد الخطاب قال هذا الموضوع نتركه للجان التحقيق وتقصي الحقائق، لكن الحالة التي كان عليها لا يتصور أحد معها أنه يقدر أن يفعل هذا. كانت هناك أزمة كبيرة جدًا، ولم يكونوا يعرفون كيف يخرجون منها، وأتصور أنهم تركوا أنفسهم لتطورات الأزمة تجرفهم، وهذا تعبير عن يأس.

 وعن اللحظة التي أدرك فيها السيسي أنه «خلاص مافيش فايدة» قال: بعد الخطاب كان من الواضح إنهم شايفين الصورة بشكل مختلف، لكن تقديري أن حجم المظاهرات التي حدثت في تلك الفترة لم تنقل لهم الصورة جيدًا. وأدركت أن اللحظة الحاسمة ستكون يوم 30 يونيو.

 وتابع السيسي “قلت لنفسي وأنا أستمع إلى الخطاب، خلاص هما كده بيهددوا الشعب”.

 وفسر السيسي سبب خروج الشعب المصري بكثافة غير مسبوقة في التاريخ، قائلاً: “الشعب المصري خرج لأنه خاف على وسطيته، خاف على مستقبله، لم يشعر أن البلد بلده، وهذا محرك يوم ٣٠ يونيو، الناس نزلت نزولاً غير مسبوق بعشرات الملايين، ووضعت من جديد القوات المسلحة أمام مسؤوليتها التاريخية إنفاذاً للإرادة الشعبية”.

 ووجه السيسي رسالة إلى التيار الإسلامي “أقول للتيار الإسلامي: حاسب وأنت تتعامل مع المصريين، لقد تعاملت معهم على أنك الحق وهم الباطل، أنك الناجي وهم الهالكون، أنت المؤمن وهم الكافرون، هذا استعلاء بالإيمان”.

 وأكد السيسي في حواره أن بيان عزل مرسي لم يتم إخطار الإدارة الأميركية أو غيرها به، قائلاً: “لم نخطر أحداً، ولم نتعاون مع أحد ولم ننسق مع أحد، ولم نستأذن أحداً، الأحداث والبيان شأن داخلي مصري، لا يحق لأى دولة مهما كانت العلاقات معها التدخل فيه”.

 وعن تقييمه للدعم العربي لمصر خاصة من السعودية والإمارات والكويت والأردن والبحرين، قال السيسي: “هذا الموقف نقدره، ولن ينساه المصريون للأشقاء، وبصراحة كان موقفاً إيجابياً فوق التوقع”.

 وعن الليلة السابقة لـ3 يوليو وبماذا كان يفكر ورد الفعل الجماهيري الهائل المؤيد للبيان، قال السيسي إن الحقيقة الوحيدة التي شغلت عقولنا خلال هذه الفترة هي كيف يمكن تحقيق الإرادة الوطنية دون الإضرار أو بأقل ضرر بمقدرات وإمكانيات قوى الدولة المصرية، الأمر الذي معه كنا نراجع وندقق في جميع الخطط، ومحاولة تغطية مختلف الاحتمالات.

 على الجانب الآخر كنت شديد الطمأنة، فنحن لا نهدف لسلطة أو مصلحة وإنما نسعى لإنفاذ إرادة شعبية أصبحنا على يقين من حقوقها.. ونحن في سبيل حق الشعب والدفاع عن مصالحه لا نخشى سوى الوقوف بين يدي الله وسؤاله.

 أيضاً كنت على ثقة من التأييد الجماهيري، فما أقدم عليه الإخوان من ممارسات خاطئة أفقدهم الكثير من القاعدة الشعبية، ومع ذلك كنت آمل لآخر لحظة أن ينتهي الموضوع، وأرسلت إلى الرئيس السابق 3 شخصيات مقربة لديه، وقلت له إن المخرج من هذه الأزمة هو الاستفتاء على استمراره من أجل إغلاق باب الفتنة، رغم أن هذا الموضوع ممكن أن يكون غير مقبول شعبياً، لكن يبدو أن تصورهم أن الجيش يخشى المواجهة، وأن هناك نقطة سيتوقف عندها.

 وعن كيفية  الترتيب الذي أعلن عن تكليف رئيس المحكمة الدستورية العليا بإدارة شؤون البلاد، والمشهد الجامع الذي صاحب إلقاء البيان أوضح: كنت شايف ضرورة حضور المؤسسات الدينية كالأزهر والكنيسة، لأنهم مسؤولون عن المجتمع، ودعونا د. محمد البرادعي وممثلي المرأة وشباب «تمرد» وحزب النور والقضاء، وكذلك حزب الحرية والعدالة، لكنه لم يرد على الدعوة. والبيان تم إعلانه والتعقيب عليه من مختلف ممثلي أطياف الشعب المصري باتجاهاته وشرائحه الرئيسية، وكان محتوى البيان معبرًا عن المطالب الشعبية، التي طالبت بانتخابات رئاسية مبكرة تحت إشراف حكومة محايدة بعد فترة انتقالية محدودة يتم خلالها تعديل الدستور وتلبية الاحتياجات الاقتصادية والأمنية للشعب، والمشهد الجامع عكس بوضوح تحالف القوى الوطنية لتنفيذ الإرادة الشعبية.

 وأكد الفريق السيسي أن هناك عدداً من الدروس المستفادة من المرحلة الانتقالية الأولى أهمها:

هناك دروس كثيرة استفدنا منها من المرحلة الانتقالية الأولى، أولها أن القوات المسلحة لا تتصدر المشهد، وأن السلطة تبقى في يد حكومة مدنية، ورئاسة مدنية كمخرج من أي أزمة، والأمر الثاني أن هناك مشكلات لا يرضى عنها المجتمع، أهمها إجراء تعديلات دستورية، ولم يكن هناك رفض لهذا، ثم تأتي الانتخابات البرلمانية ومن بعدها انتخابات رئاسة ويكون الترشح متاحاً للكل.

 وأريد أن أقول إن ما فعله الشعب وما فعلناه كان في إطار رد الفعل، يعني هم كانوا يفعلون، وموقف الشعب والجيش كان رد فعل، ولو كان عندهم تقدير سليم للموقف ما وصلنا أبدًا إلى ما كنا فيه. وكان الأصوب لهم أن يقبلوا النصيحة ويعترفوا بالأخطاء.

 ثم يجب ألا تتعرض البلاد للخطر، هذا واجب وطني ومسؤولية دينية، وأي دعوة لإسقاط الجيش والشرطة تؤدي إلى سنوات من عدم الاستقرار.. وتؤدي إلى إزهاق أرواح أعداد ضخمة من البشر.. من يتحمل هذه المسؤولية أمام الله؟.. لابد أن نكون منصفين في كلامنا، لأننا سنقف أمام الله وماحدش وقتها هايعرف يلف ويدور.

 زعن خطابه للشعب يوم 24 يوليو ودعوته إلى النزول بعدها بيومين لتفويضه، ومعه الجيش والشرطة، لمواجهة العنف والإرهاب المحتمل أكد أنه بالدراسة والعلم والمعرفة والفهم لابد أن تدرك أن البناء الفكري للتيار الديني يلجأ إلى العنف، لأنه يرى أنه على حق، لذا يلجأ إلى أشكال التصعيد، والأفق الفكري عنده مختلف عن الآخرين. وكنت أتوقع أن هناك تصعيدًا محتملاً، وها نحن نرى الآن أناساً يحملون قنابل وأسلحة ويرتكبون جرائم تفجير، ونمسك بعناصر مسلحة كل يوم.. تخيل لو كانت الشرطة مضروبة ولم تأخذ الدفعة المعنوية التي أخذتها من الشعب، كيف سيكون الأمر؟.. إن المصالحة بين الشعب والشرطة كانت معجزة إلهية.