اغتيال المدن الجميلة …!

الثلاثاء ٢٩ أكتوبر ٢٠١٣ الساعة ١١:٥٧ مساءً
اغتيال المدن الجميلة …!

.. رغم مراسم التوديع المبكر الذي صاحب أحلامنا الجميلة منذ أن هدمت أحياء مدينتنا القديمة ( أبها البهية ) .. منذ ذلك الزمن العتيق .. إلا أننا لم نزل ندندن على أنقاض الحكايات الموجعة .. ونستحضر ملاح الذكريات المسافرة لأحياء ( مناظر والقرى والبديع وشارع الربوع ) ونستجر أنفاس مدرجاتها الجبلية ومروجها الخضراء والتي كانت تحتويها وتتمتع بها بساتين ( المفتاحة والعرين ومشيع وجوحان ) ..

.. هذه اللوحة الشاعرية البديعة التي كانت تختزل الحياة الأبهاوية بهويتها المعمارية وبقيمتها التاريخية لذاكرة مدينة عريقة شامخة تحتل بجمالها ودهشتها الخلابة أعالي جبال السروات .. تم الإجهاز على كل هذه المعطيات والتجارب الإنسانية .. بجرة قلم وبقرار فردي جسور .. ضرب بهوية المدينة في مقتل .. وقذف بها في دهاليز المدن المنسية …! لقد كنا نحلم طويلا بأن تبقى معالم المدينة السياحية الفاتنة دون مساس بإرثها أو تشويه لحضاراتها وأمكنتها المتجاوزة .. والمضي بمشاريعها التنموية والبشرية خارج أوديتها وحقولها وأحياؤها العريقة .. والاستفادة من سفوحها الجبلية عبر واجهاتها الأربعة كإطلالة جديدة لمشروع مدينة حديثة تسامر من علوها قلب المدينة القديمة .. ولكن ….

.. ولكن .. كل الذي تبقى من أحلامنا الجميلة مرهون لدى سعادة أمينها المهندس إبراهيم الخليل إن هو أنصف مع ما تبقى من تاريخها – خصوصا – وهو يكرر حكايات الهدم الذي طالها قبل أربعين عاما من جديد وبنفس النسق وتغيير الملامح وبطريقة فردية وارتجالية يستكمل معها هدم ما تبقى من هوية أبها الفاتنة …! بالاستفادة من أحياء ( القابل والنصب والعرين ) وبقية القرى الأثرية خارجها  .. وتحويل القلاع الرابضة في ( شمسان والدقل ) إلى نوافذ سياحية واقتصادية غاية في الأهمية .. لعله يمنح لأهلها ولعشاق السياحة من روادها كتابة ما تبقى من ملامحها العمرانية والزراعية والتاريخية …!

.. وكل الذي نتمناه ونحلم به من سعادة أمينها أن لا يوغل في الهروب والتبرير بربط الهيئة العليا للسياحة وجعلها شريكة في التنظير والحلول والتسويف والإحباط …!

.. وما نتطلع إليه من الأمين الخليل الذي وصل إلينا متأخرا ومنقذا لمشاريع المدينة المعطلة بأن يرصد من أرقام مشاريعه الضخمة ما يعيد لمدينتنا هويتها المعمارية وذاكرتها المكانية المخطوفة …!

.. لأنها جديرة باستعادة إرثها بعيدا عن التجاهل والتغييب – والتطنيش – بالمزيد من الهدم والترقيع والتغيير …….!

.. وتبقى الكلمة معلقة في ذمم أهالي أبها بالوقوف على أدق مشاريعها ومناقشة الأمانة في مخرجاتها واتجاهاتها.. والمخلصون من أهاليها هو من يعول عليهم تدارك ما ضاع منها والإبقاء على شيء من خصوصية واديها وحقولها ومدرجاتها وغاباتها وبساتينها ومبانيها وملامح جغرافيتها المدهشة التي لا تقبل قولبتها وتحويلها إلى مدينة صامتة وصماء ..

شاردة :

.. اغتيال المدن الجميلة .. بالتدمير والتشويه .. جهل مطبق يتحمله موظفون بدائيون بمرتبة رؤساء بلديات .. واكبه مهندسون نفعيون قذفوا بشهاداتهم في وحل المصالح وتعبئة الجيوب .. وأبها الفاتنة أنموذج لهكذا اغتيال …!

تعليقك على الخبر
لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني | الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *
التعليق
الاسم
البريد الإلكتروني

  • العسيري

    لقد اعدتنا يا استاذ علي للزمن الجميل لمدينة ابها واكتفينا بتبادل صورها القديمه

  • عبد الله الغامدي

    مشكلتنا الحقيقية مع تخطيط مدن اللمملكة بانها بلا هوية معمارية والبركة في وزارة البلديات التي لم تحرك ساكنا ولم تستفد من تراث كل مدينة حتى في المجسمات فكيف بمدينة جميلة مثل ابها البهية

  • متابع

    هذا يسمونه طمس هويه مثل ما عملوا بمسميات الشوارع

  • أم محمد

    صحيح اخ علي لايوجد عندنا مهندسين في البلدياة اكفاء فلو جبنا من اي بلد يفهم كيف تخطيط المدن حسب جغرافيتها وحسبنا الله