26 أكتوبر.. حلّ غائب

الإثنين ٢٨ أكتوبر ٢٠١٣ الساعة ١٢:١٥ مساءً
26 أكتوبر.. حلّ غائب

هدأت عاصفةُ 26 أكتوبر التي كانت تدعو لقيادة المرأة السعودية للسيارة.. ويبدو أنها لم تكن عاصفةً قوية لفارق المنافسة بين المؤيد والمعارض في هذه القضية، وباعتقادي أنّ هناك فئةً قد تؤيد قولاً وتمتنع عملاً.

وبالعودة قليلاً للوراء، وتحديداً منذ أن نشأت هذه الفكرة في عقول البعض، نجد الحربَ مستعرة بين المؤيدين والمعارضين، واشتعال صفحات الإنترنت وانشغال مواقع التواصل الاجتماعي بكل أنواع الآراء والتوجهات بلا دليل أو برهان يقوي حجة كل فئة.

 وللأسف.. كانت غالبية هذه الآراء تُبنى على رؤية شخصية محدودة الإطار منزوعة الجماعية، وتاهت عناوين القضية بين مؤيد يرى الحاجة لقيادة المرأة للسيارة لاعتبارات اجتماعية وأسرية، وبين معارض سببه فقط أن المنع لوجود محذور شرعي في ذلك، أو عدم وجود ضرورة.

وفي خضمّ هذه القنابل الموقوتة وغير الموقوتة نسي الجميعُ البحثَ عن حل وسط أو حلول ربما تؤدي إلى زرع الرضا في فكر الجميع دون ضرر ولا ضرار.. فالمعارضون تذكروا الآثار السلبية الدينية والاجتماعية في قيادة المرأة للسيارة وبحثوا فقط عن دليل يحرم قيادتها، والمؤيدون تذكروا الأثار الإيجابية الاجتماعية والأسرية في الموضوع وبحثوا عن مخارج لضرورة قيادتها.. لكنّ الحزبين تناسوا إيجاد حل وسط أو محاولة اقتراح حلول، والواضح أن الأمر معقد ومتشابك حتى على الجميع.

يقال إن فَهْم المشكلة نصف الحل.. إذاً أين الحلول في مثل هكذا قضية أثيرت؟! وأكاد أجزم أن الجميع -ممن تابع سير القضية وقرأ في أسطرها- لم يجد بين ثناياها أي وجهة نظر تطرح الحل أو تقترح تقريب وجهات النظر.. ولأنه لا نصّ شرعي أو قانوني يحرم قيادة المرأة للسيارة، ولا عُرف اجتماعي أو أخلاقي يجيز لها القيادة إلى اللحظة، تبدو المسألة أقرب للحل.

ومن وجهة نظري الشخصية -التي لا تعدو عن كونها قاصرة أمام رؤية مسؤولة أكبر- فإن في مداولة الأمر بين أروقة الجهات الرسمية، بات أمراً ملحاً، وربما تولدت من رحم هذا الاختلاف أمور أخرى يكون فيها خير المجتمع، وتُرضي الفئةَ الأكبر من المختلفين.

المحزن والمخزي في الأمر، أن كثيراً من الفئات المؤيدة والمعارضة، لم تكن تكتفي بإبداء الرأي فقط، بل كانت أيضاً ترمي التهم جزافاً وتكيل الأوصاف كيلاً لمنتسبي كل رأي، بتهم وأوصاف مختلفة دينياً واجتماعياً وفكرياً، تعدت في بعضها حدود الأدب في الحوار ومنطق الأخلاق.

ولعلاج قضية ما يجب أولاً أن نتعلم ضرورة احترام الآراء والإدراك لمحتواها دون تجريح أن خدش في حياء تلك أو توجه ذاك، كما أن على المصطادين في الماء العكر والذين يجعلون من مثل هذه القضايا التي تمس المرأة فرصة لمآرب أخرى، خشية الله في أعراضهم وبنات بلدهم ولتكن مصلحة الجميع فوق كل اعتبار.

@abdulaziztv

تعليقك على الخبر
لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني | الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *
التعليق
الاسم
البريد الإلكتروني

  • ابو نواف

    استاذ عبدالعزيز كلام واقعي جدا اشكرك على الطرح المتوازن ..
    للاسف نحن في مجتمع اغلبه ينقصه ثقافه ووعي الحوار الهادف حتى وإن اختلفت وجهات النظر … فالاغلبيه تتبع مقولة إن لم تكن معي فأنت ضدي ..
    نحن لا نفرق بين الحوار والمجادله …نحن فقط نتبع مثل خذوهم بالصوت تسلموا …..ونسينا أن الله جل وعلا قال ( وجادلهم بالتي هي أحسن )

  • ريم القحطاني

    مقالة بالصميييييييييم ..
    شاكره لقلمك الرائع وابداعك المميز ..
    لامست الواقع بأدق معانيه الغائبه ..

  • محمد نوح

    أؤيدك.. فعلا الحل غائب