تظاهرات ضد ومع بوتفليقة و3 قتلى في مواجهات مذهبية بجنوب الجزائر

الأحد ١٦ مارس ٢٠١٤ الساعة ٨:٥٣ صباحاً
تظاهرات ضد ومع بوتفليقة و3 قتلى في مواجهات مذهبية بجنوب الجزائر

شهدت العاصمة الجزائرية أمس السبت تظاهرات مؤيدة واخرى معارضة لترشح الرئيس عبد العزيز بوتفليقة لولاية رابعة، بينما تواصلت المواجهات المذهبية بغرداية في جنوب البلاد لليوم الخامس بين عرب سنة وامازيغ اباضيين واوقعت ثلاثة قتلى وعشرات الجرحى، بحسب مصدر رسمي.

ونقلت وكالة الانباء الجزائرية عن مدير الصحة في الولاية قوله ان ثلاثة اشخاص قتلوا السبت في المواجهات المذهبية العنيفة الدائرة منذ خمسة ايام في غرداية (600 كلم جنوب الجزائر)، المدينة التاريخية بوابة الصحراء.

وقال المسؤول ان القتلى هم في الثلاثينيات من العمر وقد قضوا جراء اصابتهم بأدوات غير حادة، مشيرا الى ان هناك شخصا رابعا حاله حرجة بعد اصابته بجروح خطرة في هذه المواجهات المذهبية العنيفة التي دارت بين شبان في غرداية، المدينة المدرجة على لائحة اليونيسكو للتراث العالمي.

وبحسب الوكالة فان اثنين من القتلى فارقا الحياة في مكان المواجهات قرب حي الحاج مسعود، في حين توفي الثالث في المستشفى متأثرا بجروحه. واضافت ان الشخص الرابع الذي اصيب في هذه المواجهات نقل الى المستشفى وحاله حرجة.

وكان باحمد باباوموسى، عضو لجنة العقلاء التي انشئت عند اندلاع الاحداث في ديسمبر، قال في وقت سابق السبت ان ثلاثة اشخاص على الاقل قتلوا السبت بينما كانوا يحاولون الدخول عنوة الى مفوضية للشرطة في غرداية. وتعذر التحقق من هذه الواقعة وحصيلتها من مصدر مستقل.

واندلعت موجة المواجهات العنيفة هذه الثلاثاء بعدما خففت قوات الشرطة انتشارها في المدينة وفي الوقت الذي عادت فيه عائلات من سكان المدينة الميزابيين (الامازيغ) الى منازلهم التي تعرضت الى الحرق في بداية الاحداث في يناير.

ولم يعرف في الحال الحصيلة الاجمالية لهذه المواجهات، ولكن عددا من الشهود افاد عن انها اسفرت عن سقوط اكثر من مئة جريح، في حين تحدثت وكالة الانباء الجزائرية الجمعة عن حوالى 60 جريحا سقطوا في غضون 24 ساعة، بينهم ثمانية “حالهم حرجة” بعدما تعرضوا للحرق بالاسيد.

وكان محمد تونسي، وهو احد اعيان المدينة، قال في اتصال هاتفي مع وكالة فرنس برس في وقت سابق السبت ان “مئات الاشخاص ما زالوا يواجهون بعضهم بعضا في حي حاج مسعود” الذي يقطنه سكان من الطائفتين.

وذكر الطبيب ابراهيم باعمارة ان “الفوضى عارمة ومن الصعب جدا التنقل في المدينة”.

وتابع “احصينا مائة جريح منهم خمسة في حالة خطرة (اصابات في العين والرأس وكسور) في حي مليكة فقط. وهؤلاء نقلناهم الى الجزائر العاصمة بوسائلنا الخاصة. نحن نعالج الجرحى منذ اربعة ايام ليل نهار. من حسن حظنا اننا اربعة اطباء”.

واشار الطبيب الى “صديق صيدلي (70 سنة) تلقى عبوة مولوتوف في صيدليته في حي حاج مسعود وفي حي الثنية تم احراق عيادة طبيب نفسي”.

ولم يكن بالامكان الحصول على حصيلة نهائية للمواجهات خلال الخمسة ايام الماضية.

وكانت وكالة الانباء الجزائرية تحدثت الجمعة عن اصابة 61 شخصا بينهم ثمانية في حالة “خطرة جدا”، كما تم تحطيم عشرات المحلات والمساكن خلال 24 ساعة من المواجهات التي اندلعت مجددا الثلاثاء بعد شهر من الهدوء.
وكان المتحدث باسم لجنة التنسيق في المدينة احمد بابا عيسى (امازيغي) اعلن الخميس عن جرح حوالي مئة شخص.

وعادت احداث العنف بسبب عودة السكان الميزابيين (الامازيغ) الى منازلهم التي تعرضت الى الحرق في بداية الاحداث في ديسمبر، بحسب الصحف.

واكدت صحيفة الوطن ان هذه العائلات استقبلت بالحجارة ما تسبب في اندلاع الاشتباكات الاخيرة.
واوضح ممثل حزب جبهة القوى الاشتراكية حمو مصباح ان “العائلات التي تقطن في الاحياء المختلطة (عرب وامازيغ) التي لم تحترق بيوتها تريد انقاذ متاعها حتى لا تفقد كل ما تملك”.

واضاف “كل المحلات كانت مغلقة بوسط غرداية السبت.. وحتى التلاميذ الذين يفترض ان يدرسوا في نهاية الاسبوع لاستدراك ما فاتهم من دروس بسبب الاحداث لم يلتحقوا بالمدارس”.

وخلال الفترة الممتدة بين ديسمبر 2013 وفبراير 2014، تحولت منطقة غرداية (600 كلم جنوب الجزائر)، المدرجة على لائحة التراث العالمي لمنظمة الأمم المتحدة للعلوم والتربية والثقافة (يونيسكو)، إلى مسرح لاشتباكات بين عرب سنة وأمازيغ إباضيين، ما أسفر عن مقتل خمسة اشخاص وجرح 200 آخرين منهم افراد شرطة.

وكان المدير العام للامن الوطني اللواء عبد الغني هامل اعلن الاثنين انه تم نشر ما لا يقل عن اربعة الاف شرطي و26 وحدة لمكافحة الشغب في غرداية للسيطرة على الوضع.
وبحسب ما نقل محمد تونسي عن والي ولاية غرداية فان “اعداد قوات الشرطة خفضت بنسبة 40% بعد عودة الهدوء”، مشيرا الى ان “الشرطة لم تعد قادرة على وقف المواجهات”.

وبحسب باحمد باباوموسى فان “خسائر التجار الميزابيين واغلبهم من تجار الجملة قدرت باكثر من 400 مليون دينار (حوالي اربعة ملايين يورو) في حي الثنية وحده”.

ويقع حي الثنية على بعد اقل من كيلومتر واحد من مقر الولاية وهو الحي الذي ينحدر منه مختار بلمختار قائد المجموعة الاسلامية المسلحة التي نفذت الهجوم على مصنع الغاز بتيقنتورين في يناير 2013.
واوضح باباوموسى ان “المسؤولين المحليين في هذا الحي الذي يضم الفي ساكن وافقوا على طلب للاعيان العرب برحيل الشرطة، وها هي النتيجة، سرقة وحرائق في المحلات. نحن نطالب بمحاكمة من سمح برحيل الشرطة”.
ولم يصدر اي تعليق رسمي من الحكومة حول احداث غرداية في وقت هي منشغلة بتحضير انتخابات 17 ابريل بمشاركة ستة مترشحين منهم الرئيس عبد العزيز بوتفليقة (77 سنة) المريض منذ اصابته بجلطة دماغية.

وترأس مدير حملة بوتفليقة عبد المالك سلال تجمعا لطلاب الجامعات في القاعة البيضوية بالضاحية الغربية للعاصمة الجزائرية تحت عنوان “توعية الشباب بضرورة المشاركة في الانتخابات”.

ووصف سلال ما سمي بالربيع العربي ب “الحشرة” وقال “الربيع العربي حشرة وسنقضي عليه باستخدام مبيد الحشرات وكل المنتجات اللازمة لإيقافه”، كما نقل موقع صحيفة الشروق.

ووعد سلال طلاب الجامعات بالسكن والعمل وب”مزيد من الإصلاحات السياسية والانفتاح والحريات والديمقراطية”.
وفي الوقت نفسه نظمت عدة حركات مدنية تجمعات احتجاجية بوسط العاصمة الجزائرية ضد ترشح الرئيس المنتهية ولايته عبد العزيز بوتفليقة في انتخابات 17 ابريل وللمطالبة بتغيير النظام ومكافحة الفساد.

وتجمع المئات من المساندين للحركة الاحتجاجية “بركات” (كفى) بالقرب من الجامعة المركزية تحت شعار “لا لولاية رابعة لبوتفليقة”.

وعلى غير العادة لم تتدخل الشرطة لمنع المظاهرة او توقيف المشاركين فيها كما حدث في المرتين السابقتين، بسبب “منع المسيرات والمظاهرات في العاصمة” بحسب قانون صدر في 2001.