متلازمة عبدالرحمن وسامي!

الخميس ٢٠ مارس ٢٠١٤ الساعة ١٢:٠٠ مساءً
متلازمة عبدالرحمن وسامي!

(الحضور/ الغياب), ثنائيّة ضديّة, يشترط كل طرف منهما إقصاء الآخر ليتفرد وحده في تسيّد المشهد – أيًا يكن المشهد-, لكن ذلك الاشتراط قد يُكسر عندما ترتبط مصلحة الحاضر بما هو غائب, ويكون حضوره مهددًا, فحينها يغيّر صاحب الحضور من خصائص الغياب، ليتحول حضور الغائب إلى حضور جزئي مقترن بالحاضر الرئيس, ومتى ما أفل نجم الأخير بوصفه الحاضر المتسيّد, أفل معه تِباعًا الحاضر المغيَّب.

(التابع /المتبوع), ثنائية تكشف لنا الثنائيّة الأولى بجلاء, فهل نستطيع أن نتصوّر تابعًا دون أن يكون هناك شيء ما يتبعه؟, لكن لنطرح التساؤل بطريقة مغايرة, ماذا لو كان المتبوع هو من أجبر التابع على اتّباعه؛ لأن ذلك التابع يمتلك شعبيّة أكبر منه, وتلك الشعبية قادرة على أن تجعل الأتباع الآخرين يستمرون في متابعته ليس رغبة فيما عنده, ولكن حبًا في من يتابعه.

دعونا نتعمق أكثر في صلب الموضوع ونطرح تساؤلا آخر, ماذا لو لم يختر رئيس الهلال الأمير عبدالرحمن بن مساعد, سامي الجابر مدربًا للفريق الذي يرأسه؟, حتمًا سيكون من السهّل المطالبة برحيله عندما لا يحقق الأزرق طموحاته جماهيره, لكن ماذا لو كان المطالبة برحيله نعيًا لتجربة الجابر الفنية, وإثباتاً لفشله التدريبي؟, هنا ستتغيّر موازين (الأتباع/ الجماهير), لم يعد الحكم على الفشل حكمًا على إخفاق الإدارة فحسب, بل حكمًا مزدوجًا يصطحب معه فشل اللاعب الكبير الذي يراه كثير من الهلاليين أسطورة للكرة السعودية.

متلازمة عبدالرحمن وسامي لا يمكن لها أن تكون عشوائية, بل مراوغة ذكيّة من قِبل الإدارة, بعد أن رأت أتباعها يتناقصون في المواسم الأخيرة, وهو ما دفعها إلى اللعب بورقة (التابع الغائب/ الجابر), لا ليكون منقذًا للفريق من تدني النتائج, وإنما ليصبح لوحًا تنجو به الإدارة من غرقها الحتمي, والتغذية الراجعة من ذلك القرار تؤكد بأن خطوتها حققت النجاح الذي تطلعت إليه, واستطاعت أن تخرس كثيرًا من الأفواه التي كانت تطالب برحيلها, قبل أن يكون الجابر مدربًا للفريق الأزرق, والإدارة تدركُ بأن ذلك الصمت لم يكن ليتحقق لولا اللعب بثنائية (الغياب/الحضور).

الحالة تلك تنسج خيطوها باللعب على وتر (الرمز) الذي يمتلك مساحة كبيرة في عقوله أتباعه, ويجعل من الأحكام النقديّة أحكامًا مشوهة تتجاذبها التفاعلات العاطفية, التي تكون بمثابة الغبش على العين, لذا تاه معظم الهلاليين في تقييم جهود إدارة ناديهم, بعد أن نشّطت المعطى العاطفي لينازع النظرة العقلانية التي كانت سائدة لديهم في السابق.

ختامًا.. استولى رجل على قطعة أرض لرجل آخر, فعلم الأخير بأن أرضه قد سُلبت, وراح يبحث عن السالب, فوجده أمام الأرض المسلوبة وهو يخطط لبنائها, فاستعجب من بجاحته, وعندما واجهه بجريمته, قال له الرجل: أوه, ابنتكَ تحبني وأرغب بالزواج منها, وقالت لي إن لأبي أرضًا لن يبخل علينا بها, فقلتُ سأبدأ ببنائها لتكون جاهزة عندما نتزوج.! وقف الأب مذهولا, لا يدري أيستمع إلى صوت عقله الذي يطلب منه الانتقام, أم يستمع إلى صوت قلبه ليحقق أمنية ابنته؟.

@yalbhijan

تعليقك على الخبر
لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني | الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *
التعليق
الاسم
البريد الإلكتروني