خبراء إعلام: الخطاب الديني المتشدد أحد أسلحة الحروب الافتراضية

الأربعاء ٢١ مايو ٢٠١٤ الساعة ٩:٣٦ صباحاً
خبراء إعلام: الخطاب الديني المتشدد أحد أسلحة الحروب الافتراضية

أجمع المتحدثون في جلسة “الحروب الافتراضية” التي عقدت ضمن فعاليات اليوم الأول، للدورة الثالثة عشرة لمنتدى الإعلام العربي على أن سيناريوهات الحروب الافتراضية باتت واقعاً حاضراً إلى جانب الحروب التقليدية، وأن حماية شبكات الدول ووسائل الإعلام أصبح أمراً ضرورياً يستوجب الانتباه إليه من خلال العمل على التصدي لخطر هذه الهجمات.

وأشار المتحدثون إلى أن الهجمات الافتراضية أصبحت من أبرز التحديات التي تواجه العالم ككل، وعالمنا العربي بشكل خاص لا سيما مع تطور الحروب من مفهومها وأدواتها التقليدية وانتقالها من الدروب والوديان إلى البيوت مستهدفة عقول الشباب وهدم القيم والثوابت والمعتقدات للبلدان.

ودعا المتحاورون إلى ضرورة إيجاد وسائل لحماية العقول قبل الشبكات من خلال بث مجموعة من القيم التي تقي فئات المجتمع شرور الهجمات الإلكترونية وما تتضمنه من أفكار هدامة.

وشارك في الجلسة -التي أدار الحوار فيها الكاتب في صحيفة الرياض علي الخشيبان- مدير جامعة الإمارات الدكتور علي راشد النعيمي، ومن الأردن الإعلامي والأكاديمي صباح ياسين، وخبير تقنية المعلومات ومكافحة الجرائم الإلكترونية الدكتور معتز كوكش، إضافة إلى الكاتب والأكاديمي السعودي منصور الشمري.

وناقشت الجلسة عدة محاور أبرزها تعامل وسائل الإعلام مع تحدي الهجمات الافتراضية، وطرحت أسئلة حول قدرة وسائل الإعلام الخاصة على تحمل الأعباء المالية للحماية، إضافة إلى فرضية هل الأفراد والجماعات لاعب مهم في الحروب الافتراضية؟

وفي مستهل الندوة أشار علي الخشيبان إلى أن الحروب الافتراضية أصبحت واقعاً جديداً فرض نفسه على الساحة الإلكترونية والإعلامية تغيرت معه الجبهات الداخلية لتتلاءم معه وتتعامل مع أخطاره وتوابعه.

وقال: “إننا أصبحنا في عالم افتراضي مفتوح لا يمكن التحكم فيه أو السيطرة على أفكاره وأن الدول المعادية أصبحت ليست بحاجة إلى أسلحة ووسائل تدمير لغزو الدول المستهدفة بقدر حاجتها إلى محترفي الهجمات الإلكترونية”.

ونقل الخشيبان دفة الحوار إلى الدكتور على النعيمي الذي عرف الحروب الافتراضية بأنها حروب غير أخلاقية لا تعترف بالقيم أو تخضع لقوانين وأنها تهدف بالدرجة الأولى إلى هدم وتخريب مقدرات الشعوب مشيراً إلى تطور المعارك الافتراضية خلال الخمس سنوات الماضية وأخذها بعداً أشمل كالحروب الاقتصادية والإعلامية مؤكداً على تهديدها للسلام المجتمعي من خلال استهدافها للعقول والقيم المجتمعية.

وأشار النعميي إلى تطور وسائل الحروب الافتراضية ودخول شبكات التواصل الاجتماعي كإحدى الطرق التي تمرر من خلالها الهجمات الافتراضية ورسائل الفتنة مشدداً على خطورة سلاح الكلمة الأكثر فتكاً من السلاح التقليدي.

وأكد مدير جامعة الإمارات على استخدام الحروب الافتراضية للخطاب الديني المتشدد، لدغدغة مشاعر المستهدفين وخدمتهم لأفكار وأهداف وأجندات معدة سلفاً وهو ما يجب التصدي له من خلال تضافر جهود المؤسسات التعليمية مع الأسرة لتوعية النشء وخلق جدار عازل من القيم والمبادئ القويمة تتحطم عليه الأفكار الهدامة.

بينما أوضح معتز كوكش أن الأرقام تشير إلى تنامي الهجمات الافتراضية لتصل إلى معدل 16 هجمة في كل ثانية حول العالم ما كلف اقتصاد الولايات المتحدة نحو 250 مليار دولار، في عام 2013 كما تكبد الاقتصاد الخليجي ما يعادل مليار دولار في العام نفسه.

وأشار إلى التحديات التي تواجه المؤسسات الاقتصادية والإعلامية جراء الهجمات الافتراضية حيث هوت الشائعات التي بثها مخترقون ببورصات عالمية وتكبدت وكالات إعلامية عالمية الكثير من الخسائر بعد الهجوم على مواقعها الإلكترونية.

وعرج كوكش على خدمة الحروب الافتراضية لأجهزة ومنظمات دولية وظهور مجموعات من المرتزقة الإلكترونيين الذين يستأجرون لدعم أطراف بعينها على حساب دول وجماعات أخرى.

وأكد خبير تقنية المعلومات حاجة العالم العربي إلى استغلال طاقات الشباب الإلكترونية والاستفادة ممن هم في مجالات البرمجة والحماية مثلما فعلت بعض المؤسسات والشركات الإلكترونية الكبرى في أوروبا وأميركا.

من جانبه أشار منصور الشمري إلى استخدام الجماعات المتطرفة إلى الحروب الافتراضية من خلال ما أسموه الجهاد الإلكتروني وامتلاك هذا الجماعات لكوادر مدربة على أحدث التقنيات ووصولهم إلى الكثير من المتابعين حول العالم عبر شبكات التواصل الاجتماعي.

ونوه الشمري بتوظيف الحروب الافتراضية لخدمة الحروب الدائرة على أرض الواقع من خلال حشد الأنصار وإقناع المتواصلين معهم بأفكارهم مشدداً على صعوبة تتبع هذه الجماعات.

وقال إنه علاوة على الحلول التقنية التي يوجدها المتخصصون، نحن بحاجة في عالمنا العربي إلى إيجاد بيئة جاذبة للشباب تأخذهم بعيداً عن الشاشات والشبكات الافتراضية وهو ما يلقي بالمسؤولية على الأسرة والمؤسسات التعليمية.

وأشار صباح ياسين إلى أنه مع تنامي هجمات الحروب الافتراضية على مستوى العالم إلا أنه ليس هناك اهتمام دولي للتصدي لتلك الهجمات ومحاولات بعض الدول العربية لوضع قوانين تحد منها مثل السعودية والأردن ومصر.

وأكد ياسين أن إشكالية هذه الحروب تمكن في جانبين أساسيين هما: وضع قوانين رقابية، والتوصل إلى ميثاق شرف إعلامي عربي، وقال إن الشباب أصبح لهم عالمهم الافتراضي الموازي الذي لا يمكن إقصاؤهم عنه لكننا نستطيع أن نعمل على تحصينهم بالقيم والأخلاق.

وقال الدكتور علي النعيمي رداً على سؤال حول أثر هذه الحروب على أرض الواقع إن تأثيرها يعادل بل يفوق في بعض الأحيان الحروب التقليدية على الأرض؛ ما يدعونا إلى المزيد من العمل لصدها.

وقال صباح ياسين إنه لا يمكن التصدي بشكل كامل للهجمات الإلكترونية لأن مطلقيها غير معروفي الهدف والمكان، لكننا نستطيع العمل على الجزء الواضح من المعادلة وهو تدعيم أنفسنا وشبابنا.