ابحث عن قلبك

الأحد ٢٩ يونيو ٢٠١٤ الساعة ٥:٠٥ صباحاً
ابحث عن قلبك

هبة من الله ، يعرف قدرها من وجدها ومن فقدها ، فالواجد يتمنى أن لا تزول ، والفاقد يتحسس! ما الذي بينه وبينها يحول ؟ , كيف لا ؛ وهي العلامة على الفلاح ، والباب الأوسع إلى الاستقامة والصلاح ، فرقيق القلب قريب من الله ، سريع التأثر ، ينعطف إلى أقرب باب إلى الخير عند أدنى مؤثر, لا يألو جهداً في الحفاظ على مشاعر الآخرين ولو على حساب نفسِه ، ولا يسعى لإحزان بني جنسه ، فدموعهم تؤثر على أنْسِه ، وقد كان نبينا صلى الله عليه وسلم أرق الناس قلباً , تسجمُ عينه سخينا ، إذا رأى في أمته حزينا ، وكان كثير الدمع ولصدره أزيز من البكاء ، قرأ عليه ابن مسعود من سورة النساء حتى قال له : حسبك . يقول : فنظرت فإذا عيناه تذرفان .
رقة القلب عبادة قد تخفى على عيون الناظرين ، وفي السنة أن رجلا كان يكثر من شرب الخمر ، فيقيم عليه نبي الله صلى الله عليه وآله وسلم ، وفي مرة قال بعض الصحابة ” لعنه الله ما أكثر ما يؤتى به ” فقال صلى الله عليه وآله وسلم ” لا تلعنوه إنه يحب الله ورسوله ” !
لقد خفيت محبة الله في قلب شارب الخمر ، فرقة القلب لا تتعلق بمظهر ، فكم من رجل أو امرأة صعدت به رقة قلبه مراتب الفلاح وقد كان يُظن به ظنّ السوء .
إنّ لله عبادا قد رقت قلوبهم وصلحت بواطنهم ، فتجدهم أكثر الناس دموعا ، وأقربهم إلى الله خشوعا , وفي مَقدَم رمضان يجدونها فرصة لتجديد قلوبهم وصقلها ، فتراهم يتدافعون على أبواب المساجد يريدون سماع أحسن الحديث ، الذي تلين له القلوب ويرققها ، وتقشعر له الجلود ثم تلين إلى ذكر الله .
فيا فاقدا رقة قلبه التمسها ، واذهب وتحسسها ، ولا تيأس من روح الله ، فقد أقبلت نفحات من الله ، فالتمس رقة قلبك عند تلاوة ربما وجدتها لو ألقيت سمعك وأنت شهيد !
ويا مغروراً بعلمه وعمله ، أو بكثرة صلاته وصيامه ، أو بكثرة طالبيه ، أو غرته كثرة تآليفه لا تركن إليها ، إن لم يكن لك نصيب وافر من تقى ، وقلب رقيق .
هذه دعوة لكل ذي قلب أن يبحث عن قلبه وعن رقته ، فإن لم يجد للرقة في قلبه مكاناً ، فليمسح على رأس يتيم ، وليطعم مسكينًا ، وليحسن إلى جارٍ ، وليطهر قلبه من أمراضه الخفية التي تدفع الرقة إلى الخروج من القلب ، كالحسد ، والحقد ، والبغضاء ، والشحناء ، وسوء الظنّ ، والغرور ، والكبر ، واحتقار المسلمين ، وليطهر القلب بذكر مولاه وليطمئنه ، فبذكر الله تطمئن القلوب .

تعليقك على الخبر
لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني | الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *
التعليق
الاسم
البريد الإلكتروني

  • سالم

    والله يرق قلبي كلما أسمع القرآن بصوتك يالشجي يا شيخنا الفاضل

  • خالد سليمان

    مقال جميل ويكفينا خطاب الله لنبيه الكريم محمد عليه الصلاة والسلام لنا دليل ونظام يحتذا به،،اعوذبالله من الشيطان الرجيم (
    فَبِمَا رَحْمَةٍ مِنَ اللَّهِ لِنْتَ لَهُمْ ۖ وَلَوْ كُنْتَ فَظًّا غَلِيظَ الْقَلْبِ لَانْفَضُّوا مِنْ حَوْلِكَ ۖ فَاعْفُ عَنْهُمْ وَاسْتَغْفِرْ لَهُمْ وَشَاوِرْهُمْ فِي الْأَمْرِ ۖ فَإِذَا عَزَمْتَ فَتَوَكَّلْ عَلَى اللَّهِ ۚ إِنَّ اللَّهَ يُحِبُّ الْمُتَوَكِّلِينَ

  • أحمد الكلباني

    جزاك الله خيرا يا شيخنا الجليل