{ السلفيّة الحقيقيّة }

الأحد ١ يونيو ٢٠١٤ الساعة ١٢:٠٠ صباحاً
{ السلفيّة الحقيقيّة }

” السلفيّةُ ” نسبة أخذت من كلمة مادّتها تدل على ما مضى ، وشاهدها من القُرآن في قول الله عز وجل { قُل للّذينَ كَفروا إنْ ينتهوا يغفر لَهُم ما قَد سَلف } ومن السنة قوله عليه الصلاة والسلام لابنته فاطمة رضي الله عنها : فإنه : نعم السلف أنا لكِ . رواه مسلم . ونبينا صلى الله عليه وآله وسلم سلفه الأنبياء قبله { أولئِكَ الذينَ هَداهُم اللهُ فبِهداهُمُ اقتَدهْ } وسلف هذه الأمّة هم من ذكرهم ربنا في قوله { والسابقون الأولون من المهاجرين والأنصار والين اتبعوهم بإحسان ، رضي الله عنهم ورضوا عنه } .
إذاً مدار هذه النسبة حول الاقتداء والاتباع ، وتحقيق هذا الاتباع والاقتداء لا يتحقق فقط بالنسبة إذ إن النسبة “سلفي ” و “سلفية ” متنازع في صحة اطلاقها واقعيا فقد كان أئمة هذا الدين وكبارهم والمحققون من علماء هذه الأمة اكتفوا بنسبتهم الى هذا الدين العظيم ” الإسلام” وتأطروا في دائرة أشار إليها رسولنا صلى الله عليه وآله وسلم في غير ما حديث ” أهل السنّة ” وقد كانت هذه النسبة كافية لمَن ابتلوا بأشد مما ابتلينا به من الفِرَق التي تنخر في الإسلام صُراحا ، وحيث رأى بعض المتأخرين المعاصرين لزامًا تقييد الاتباع بكلمة ” السلفية ” فقد شذ كثيرٌ من أدعياء السلفية عن فهم منهج السلف وحسبوا أن منهج السلف هو : التكفير ، والتبديع ، والتفسيق ، والهجر ، وتضييق منافذ العقل .
والحق أن السلفية هي الإسلام ، ويبقى الإسلام هو الدين الواسع الشامل لكل أبنائه ، الحريص على جمع كلمتهم ، وتوحيد صفهم ، ورص بنيانهم ، وعدم تفرقهم ، أو تحزبهم ، أو تصويب سهامهم إلى صدورهم ، فهو دين الرحمة { وما أرسلناك إلا رحمة للعالمين } . ولم يكن السلف رحمهم الله قد أتوا بمنهج جديد ، لكن أظهروا ثباتهم وتمسكهم بسنة نبيهم صلى الله عليه وآله وسلم ، ممتثلين قوله صلى الله عليه وآله وسلم : عليكم بسنتي وسنة الخلفاء الراشدين من بعدي . وسلفنا الصالح رضي الله عنهم إنما المعصومٌ إجماعهم ، وخلافهم يدل على سعة فهمٍ لهذا الدين . كما نص على ذلك غير واحد من أهل العلم . و” السلفية الحقيقة ” هي التي تنسب إلى عموم السلف ومنهجهم لا إلى آحادهم وأفرادهم , ذلك أن كثيراً من المنتسبين إلى السلفية يذهبون الى الآراء الفردية والاجتهادية التي قد تكون في كثير من الأحيان واقعة عين ، أو خطأ مردودا ، فيجعلون ذلك هو السلفية ومن خالفه فهو المبتدع الزائغ الزنديق .
إن السلفية تعني النظر الى منهج السلف من كامل جوانبه ، أدباً ، وتعاملاً ، وعقيدةً ، وفقهاً ، واختلافاً ، والأخذ بمرادهم والاشتراك معهم في تحقيق الاتباع للنبي صلى الله عليه وآله وسلم ، فقد يقعّد السلف لنا قاعدة بفعل أو رأي والمراد منه التنبيه على أن هذا الدين دين متجدد في تعامله مع كل عصر وواقعة .
ولم يُرد السلف منا الجمود على آراء أفراد منهم إنما المراد هو الأخذ بعموم المنهج لا بآحاد الآراء . وهنا تظهر صحة الانتساب في واسع النظرة الى المراد لا إلى تحجير وتجميد العقل في فعل أو رأي ، فليس من اللازم الواجب هذا الانتساب وإنما احتيج اليه للفصل بين مدعي الاتباع والتدين وبين غيرهم ، لكن عند كثير من الأدعياء أصبحت هذا النسبة كذات أنواط ، يعلقون عليها من يوافقهم ويبعدون عنها من خالفهم .
ونقطة مهمة للغاية ينبغي بيانها ، وهي أن اعتبار السلف والاقتداء بهم لا يعني بحال نسف جهود الخلف واطراح علمهم ، فإن الخلف بوابتنا للسلف . فنعم الخلف لمن سلف .

تعليقك على الخبر
لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني | الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *
التعليق
الاسم
البريد الإلكتروني

  • { مشهور الاحـــمـــــــــد }

    نفعناالله بما علمك وأثابك خير ماوعد.,آميـــن
    الشيخ / عادل الكلباني … شكــــــرا

  • عبدالعزيز البراك @aazizhadi

    بارك الله فيك يا شيخ مقال أكثر من رائع .. بوركت

  • محمد حمد

    مقال سطحي مشتت كتب لأجل الكتابة لا يضيف للقارئ أي جديد.

  • جميلكو

    حفظك الله ياخادم الحرمين قرارسليم في الصميم أمركم الكريم بسحب جميع كتب الإخواني الإرهابي سلمان العوده ،، وإن سقطوا إخوان الخارج سقوط ذريع ،، ستتوالى سقوط إخوان الداخل تباعا رد الله كيدهم في نحورهم وحمى الله بلادنا من مكايدهم وشرورهم ورد الله كيدهم في نحورهم

  • الشيخ يوسف أنس الجزائري

    أفدت وأجدت جزاك الله عني وعن المسلمين خير الجزاء

  • حفظك الله يا شيخ عادل

    بارك الله فيك يا شيخ عادل الكلباني ، كم أحترمك و أحترم كل من يحترم العقل ..

    يا ليت قومي يفقهون كلامك !