هجمات 11 سبتمبر قلبت مفهوم الأمن القومي وأفقدت واشنطن سيطرتها

الأربعاء ١٠ سبتمبر ٢٠١٤ الساعة ١:٢٤ مساءً
هجمات 11 سبتمبر قلبت مفهوم الأمن القومي وأفقدت واشنطن سيطرتها

على الرغم من أن أحداث 11 سبتمبر لم تكن أول عمل إرهابي في الولايات المتحدة، إلا أنها شكلت نقطة تحول كبيرة في تاريخ الولايات المتحدة، سواء من حيث سياستها الداخلية أم الخارجية، أم على صعيد الحفاظ على أمنها القومي، وإعلان مفهوم “الضربة الاستباقية”، حيث تحول المفهوم من الرد على هجوم فعلي إلى المبادرة بالهجوم لمنع هجوم محتمل، وهي الاستراتيجية التي اعتمدتها الولايات المتحدة بعد هذه الأحداث برئاسة الرئيس الأسبق جورج بوش الابن، غير أن محللين يرون أنه على الرغم من أن استفادة واشنطن من أحداث 11 سبتمبر، إلا أنها لم تتمكن من فرض سيطرتها على العالم، حسب تقرير نشرته “البيان” الإمارتية.

ومثلت هجمات 11 سبتمبر الإرهابية منذ البداية تحدياً كبيراً للأمن القومي الأميركي، حيث أعلن الرئيس بوش عند وقوعها أن الإحساس الأميركي بالأمن تعرض إلى هزة كبيرة، ما يعني أن الولايات المتحدة غير محصنة ضد الهجوم، وهو الأمر الذي أدى إلى قيام الولايات المتحدة بمراجعة منظومة الأمن القومي، بهدف سد الثغرات التي كشفت عنها تلك الهجمات، والعمل على منع حدوثها في المستقبل.

وأخذ ذلك شكل مراجعة للعددية من الأجهزة والسياسات المرتبطة بالأمن القومي، منها إعادة الأمن للجبهة الداخلية، واشتملت على إنشاء مكتب للأمن الداخلي، والتنسيق بين المؤسسات المختلفة لمواجهة الإرهاب، والمساعدة في أعمال التخابر ضد الإرهابيين، وتطوير أجهزة وبرامج تدريبية للكشف عن الهجمات البيولوجية والكيماوية والنووية، وإصدار قوانين مكافحة الإرهاب وأمن الطيران، أهمها ما عرف باسم القانون الوطني لعام 2001. وتقدمت الإدارة الأميركية بهذا المشروع بعد الهجمات الإرهابية بفترة وجيزة، ووافق عليه الكونغرس.

كما تمت إعادة هيكلة وزارة العدل ومكتب المباحث الفيدرالية، والتي لعبت وزارة العدل دوراً هاماً في حملة مكافحة الإرهاب برئاسة وزير العدل أو المدعى العام الأمريكي جون أشكروفت.

أما البعد الخارجي للأمن القومي، فتمثل في مراجعة سياسات الاستخبارات والدفاع، بعد أن تعرضت أجهزة الاستخبارات الأميركية إلى انتقادات شديدة، لفشلها في توقع أو منع الهجمات على الرغم من ميزانيتها الضخمة البالغة التي قدرت آنذاك بـ 30 مليار دولار سنوياً، وفشلها في تقديم دليل دافع يثبت تورط زعيم تنظيم القاعدة حينها أسامة بن لادن وتنظيم القاعدة في تلك الهجمات.

على صعيد آخر، وفي سياق العلاقات الدولية بعد هجمات 11 سبتمبر، يرى محللون أن هذه الأحداث أثرت بشكل كبير في التوازنات الإقليمية والعالمية بين القوى الفاعلة في المجتمع، وهي الصين وروسيا واليابان، التي كانت لديها رغبة وطموح في تحدي ومواجهة الولايات المتحدة لتقليص سيطرتها على العالم، معتبرين أن واشنطن لم تتمكن بعد من سيطرتها على العالم، بل بالعكس، فإن توازنات جديدة دخلت على طريق.

ويؤكد مراقبون أن التوازنات الإقليمية في العالم اختلت قليلاً بعد الهجمات، وأن دول العالم الآن لا بد لها من التحالف على المصالح المشتركة.

ويقول الأمين العام المساعد ورئيس قطاع فلسطين في جامعة الدول العربية محمد صبيح، إنه من الصعب القول إن الولايات المتحدة هي الدولة الكبرى والمسيطرة على العالم، لوجود منطقة قوية كالشرق الأوسط، مبيناً أنه بعد أحداث 11 سبتمبر، أصبحت دولة هشة من الداخل.

وذكر “صبيح” أن الموقف الأميركي أصبح ضعيفاً، خصوصاً بعد مساندة واشنطن لإسرائيل، وذلك بعد حديث الرئيس الأميركي باراك أوباما بأن هجوم إسرائيل على قطاع غزة دفاعاً عن النفس وحق شرعي.

وأيده سفير مصر الأسبق في الولايات المتحدة عبد الرؤوف الريدي، الذي يرى أن الولايات المتحدة لا تملك قدرة السيطرة على العالم كله.

وأكد “الريدي”، أن هناك قوى كبرى أخرى بخلاف الولايات المتحدة الأميركية، كالصين وروسيا والهند والبرازيل وألمانيا والاتحاد الأوروبي، مشيراً إلى أن الولايات المتحدة تغير نظرة العالم لها بعد دخولها العراق 2003، ولافتاً إلى أنها دفعت ثمن ذلك غالياً، وتعاني من نتائج تلك الحرب حتى الآن.

وربما كان متحف 11 سبتمبر التذكاري الوطني، والذي يقع على عمق 20 متراً تحت الأرض، وتحيطه جدران خرسانية وصخور قبيحة المنظر، أحد أكثر المتاحف كآبة في العالم.

والهدف من إقامة المتحف الذي يخلد ذكرى ضحايا الهجمات الإرهابية التي وقعت في 11 سبتمبر 2001 بنيويورك، هو أن يكون مكاناً للتعبير عن الحزن وإحياء للذكرى وبعثاً للأمل، ومع ذلك، أصبح هذا المتحف أيضاً موقعاً مثيراً للجدل. ومنذ أن تم افتتاح المتحف في مايو الماضي، اجتذب أكثر من 900 ألف زائر، ومن المتوقع أن يصل عدد الزوار إلى المليون بحلول الذكرى الثالثة عشرة للهجمات غداً الخميس.