استطلاع عالمي: السعوديون والإماراتيون والكويتيون سلبيون تجاه “داعش”

الخميس ٤ ديسمبر ٢٠١٤ الساعة ٩:٢٨ صباحاً
استطلاع عالمي: السعوديون والإماراتيون والكويتيون سلبيون تجاه “داعش”

كشفت نتائج جديدة لاستطلاعات الرأي أُجريت من قبل شركة محلية رائدة في مجال المسح التجاري في المملكة العربية السعودية والكويت والإمارات العربية المتحدة، وبتكليف من “معهد واشنطن” في سبتمبر، عن وجود صورة مختلطة جداً للمواقف الشعبية تجاه القضايا الإقليمية والمنظمات الإسلامية.
وتستند استطلاعات الرأي على مقابلات شخصية أجريت مع عينة احتمالية جغرافية تمثيلية على الصعيد الوطني، شملت 1000 مشارك من كل دولة، مما يعني أنها تتضمن هامش خطأ إحصائي يبلغ حوالي 3% زيادة أو نقصاناً، وشمل الاستطلاع المواطنين فقط في كل بلد؛ أما العمال الأجانب، الذين يفوق عددهم عن عدد المواطنين باثنين إلى واحد في الكويت وأربعة إلى واحد في الإمارات، فقد تم استثناؤهم من العينات.
“داعش” لا تملك أي دعم شعبي في ثلاثة من دول الخليج العربي
كما ذكر سابقاً، هناك 5% فقط من السعوديين – وحتى عدد أقل من الكويتيين والإماراتيين، وفقاً لهذه النتائج من الاستطلاع الجديد – الذين عبّروا عن وجهة نظر إيجابية تجاه تنظيم “داعش”، وإنه لأمر طبيعي أن تكون هذه النسبة أقل بكثير مما أشارته بعض التقارير المثيرة للاهتمام والمستندة على الأخبار المتناقلة – من بينها “استطلاع” للرأي غير علمي كلياً ومثير للقلق نُشر في العناوين الرئيسية في الصحافة العربية في مطلع الصيف الماضي.
وتشير هذه النسبة، خلافاً للاعتقاد الخاطئ تماماً، إلى أن التحالف الجديد ضد “داعش” بقيادة الولايات المتحدة يستند على أسباب قوية، على الأقل فيما يتعلق بالرأي العام في الخليج العربي، وبالطبع، فحتى أقلية صغيرة من أنصار التنظيم، الذين يعبرون عن تأييدهم علناً وبوضوح أو بصورة عنيفة، بإمكانها أن تسبب مشاكل خطيرة في أي من هذه البلدان أو غيرها.
“الإخوان المسلمون” يجذبون أقلية كبيرة بصورة مدعاة للدهشة
بيد، على العكس من ذلك، تم تصنيف جماعة “الإخوان المسلمين” -المصنفة كإرهابية- بصورة إيجابية من قبل حوالي الثلث في كل دولة على النحو التالي: 31% من السعوديين، و34% من الكويتيين، و29% من الإماراتيين -وفقاً لما نشر “معهد واشنطن لسياسة الشرق الأدنى”- وهذا المستوى من الموافقة الشعبية هو أعلى بكثير مما كان متوقعاً.
“حماس” ومؤيدوها يحصلون على نسب تأييد متفاوتة جداً
وعلاوة على ذلك، ومقارنة مع “الإخوان المسلمين”، تحصل “حماس”، الفرع الفلسطيني لـ”الجماعة”، على تأييد أكبر من قبل مواطني هذه الدول حيث يدعمها: 52% من السعوديين، و53% من الكويتيين، و44% من الإماراتيين. بالمقارنة، تحصل السلطة الفلسطينية في رام الله على نسبة أقل إلى حد ما، حوالي 40% في البلدان الثلاثة التي شملها الاستطلاع.
ولكن نظراً إلى خيار الدروس المستفادة من حرب غزة التي دارت في الصيف الأخير، فإن أقل من نصف الذين شملهم الاستطلاع في كل بلد يقولون أنه من المرجح أن تؤدي التكتيكات العسكرية التي استخدمتها “حماس” إلى هزيمة إسرائيل بشكل حاسم في المستقبل، وعلاوة على ذلك، هناك أقلية كبيرة جداً في كل بلد – 40-45% – توافق على أن سياسة “حماس” تؤدي إلى الإضرار بالفلسطينيين أكثر من جلب المنفعة لهم.
وتنعكس هذه المواقف المختلطة لعموم السكان في وجهات نظرهم حول مختلف القوى الإقليمية، وينقسم الكويتيون بالتساوي تقريباً في تقييماتهم الإيجابية أو السلبية لسياسات الحكومة المصرية في الآونة الأخيرة – التي تعارض كل من “الإخوان المسلمين” و”حماس”؛ كما أنهم منقسمون على نحو مماثل حول حكومات تركيا وقطر، اللتين تدعمان كلا المنظمتين.
فلدى الإماراتيين آراء تنقسم فيما بينها بالتساوي حول تركيا وقطر ولكنها تتعاطف بصورة أكثر إيجابية مع مصر: 60% إيجابية مقابل 37% سلبية. وينقسم السعوديون حول تركيا، حيث لديهم آراء سلبية بصورة محدودة تجاه قطر (45% مقابل 53%)، بينما هم أكثر تعاطفاً تجاه مصر، بهامش اثنين إلى واحد: 64% أصحاب آراء إيجابية مقابل 33% سلبية.
القضية الفلسطينية لا تزال تتمتع بشعبية
في التطلع إلى المستقبل، فمن الملاحظ بشكل لافت للانتباه أن الأغلبية في جميع هذه المجتمعات الخليجية العربية الثلاثة تقول إن “أفضل طريقة للمضي قدماً هي التوصل إلى سلام بين إسرائيل ودولة فلسطينية”. وتتراوح النسب بين أغلبية ضئيلة قدرها 53% في الكويت، و58% في الإمارات، إلى نسبة مثيرة قدرها 61% في المملكة، وهناك حوالي ثلث الجمهور في كل بلد الذين يتفقون “بشدة” مع تلك العبارة.
وبنفس القدر من الإثارة هناك حتى أغلبية أكبر، في كل بلد، التي “لا تتفق” مع الفكرة القائلة بأنه “يتوجب على الدول العربية إيلاء المزيد من الاهتمام إلى القضايا الداخلية الخاصة بها من إيلائها اهتمام مقابل للفلسطينيين”. وتتراوح نسب الذين يرفضون هذا التأكيد بين 60% في صفوف الكويتيين، إلى 63% بين الإماراتيين، وإلى 65% بين السعوديين، ومن الواضح، أنه لا يزال هناك تأثير بالغ الأهمية للقضية الفلسطينية على العديد من العرب، حتى في المجتمعات الخليجية البعيدة التي تواجه حالياً العديد من التحديات الإقليمية الأخرى.
ويكاد يكون من المؤكد أن يساعد هذا التعاطف الدائم على توضيح الدرجات العالية نسبياً التي حصلت عليها “حماس” في كل بلد من البلدان الممثلة في هذا الاستطلاع، ومع ذلك، فمن الأهمية بمكان أن لا يمتد الدعم للفلسطينيين بصورة نسبية ليشمل “حزب الله” الذي يدّعي أنه يقوم بعملياته نيابة عنهم، وعلاوة على ذلك، إن التعاطف الشعبي الواسع للقضية الفلسطينية لا يمتد بتاتاً إلى تنظيم داعش، الذي يدّعي أنه حامي حمة حركة “المقاومة” الإسلامية.
تصنيف كل من سوريا وإيران و”حزب الله” نحو رديء جداً
هناك نقطة مختلفة حتى حول قيام إجماع أقوى بين هذه المجتمعات تتعلق بوجود نظرة سلبية تجاه الحكومتين السورية والإيرانية. ويحصل نظام الرئيس السوري بشار الأسد على تأييد يصل إلى أقل من 15% في البلدان الثلاثة التي شملها الاستطلاع، أما المواقف تجاه طهران فهي أكثر دقة إلى حد ما. فقد عبّر 13% فقط من السعوديين عن نظرة إيجابية تجاه الحكومة الإيرانية، ولكن في الإمارات العربية المتحدة، التي تتمتع بعلاقات تجارية أفضل وغيرها من الروابط مع إيران، فترتفع هذه النسبة إلى 21%، وفي الكويت، يبلغ التأييد التي تتمتع به إيران حوالي 24%.
أما المواقف تجاه “حزب الله”، التي ترتبط ارتباطاً وثيقاً مع الأنظمة في سوريا وإيران، فتتْبع بشكل وثيق الآراء القائمة تجاه هذين البلدين. فهناك 13% فقط من السعوديين الذين يقولون إن لديهم رأياً “إيجابياً إلى حد ما” تجاه “حزب الله”. وتقترب هذه النسبة من نظيرتها بين الإماراتيين، حيث تصل إلى 15%. بيد، ترتفع التقييمات المواتية لـ “حزب الله” إلى حد ما في الكويت، وتصل إلى 24%.
الدعم الشعبي للولايات المتحدة متدني أيضاً
من ناحية المواقف الشعبية، لا تحصد الولايات المتحدة في هذه المجتمعات العربية الخليجية الثلاثة على نتيجة أفضل من تلك التي تحصل عليها سوريا وإيران و”حزب الله”.
فنسب التعبير حتى عن رأي “إيجابي إلى حد ما” تجاه الولايات المتحدة، “نظراً لسياساتها الأخيرة، ” هي 12% بين السعوديين، و14% بين الكويتيين، و18% بين الإماراتيين. وعلى العكس من ذلك، هناك أقلية كبيرة في كل دولة تعبّر عن رأي “سلبي جداً” عن الولايات المتحدة: 47 % في المملكة العربية السعودية، و45% في الكويت، و38% في الإمارات.
ولوضع هذه الأرقام في منظورها الصحيح، يصل التأييد المقابل الذي تحصل عليه الصين إلى حوالي 40% في جميع البلدان الثلاثة؛ وأن متوسط تصنيفها ​الـ ​”سلبي جداً”، الذي ربما ينجم عن سياسات الصين القمعية تجاه أقليتها المسلمة، يصل إلى حوالي 20%.
التداعيات السياسية
تتفاوت التداعيات المترتبة على هذه الاستطلاعات على السياسة تجاه الولايات المتحدة.
فالرأي العام لا يقرر سلوك الحكومة في أي من هذه الأنظمة الملكية الثلاث، بل ربما يتمتع ببعض التأثيرات المحدودة.
ومن هذا المنطلق، فإن المستويات المنخفضة بشكل ملحوظ من الدعم الشعبي التي تحظى به “داعش” تشكل بوضوح إضافة مؤكدة – حتى لو لم تكن المواقف الإيجابية تجاه الولايات المتحدة أعلى من ذلك بكثير-.
كما أن القبول الشعبي القوي بشكل غير متوقع لقيام سلام بين إسرائيل ودولة فلسطينية يمثل أيضاً إشارة مشجعة، يمكن أن تكون مفيدة لتحقيق التوازن بين مصالح الولايات المتحدة المختلفة ومختلف الحلفاء في المنطقة.
ومع ذلك، فإن التعاطف الواسع النطاق والمثير للاستغراب مع جماعة “الإخوان” وحركة “حماس”، يرسل في الوقت نفسه ملاحظة تحذيرية بشأن التوجه العام للسياسة الخارجية لهذه المجتمعات، وربما حتى حول استقرارها السياسي على المدى الطويل.