دوائر الاحتكار والجريمة المنظمة

الأربعاء ١٨ نوفمبر ٢٠١٥ الساعة ١٠:٥٧ مساءً
دوائر الاحتكار والجريمة المنظمة

يعاني الشباب السعودي من صعوبات كبيرة في دخول سوق العمل الحر، رغم وضوح الفرص الاستثمارية في الأعمال الصغيرة والمتوسطة على حد سواء. ويعيب الكثيرون على الشباب السعودي تكاسله في دخول تلك المجالات، وتركها لقمة سائغة للعمالة الوافدة.
وإن كان جانب من هذا الرأي مبررًا وقويًّا، إلا أن الشباب ليسوا السبب الوحيد في عدم دخولهم مجال العمل الحر، بل إن سوق العمل السعودي يعاني من مشكلة احتكار عجيبة يندر وربما يستحيل وجودها في بلد في العالم غير المملكة وبعض دول الخليج العربي.
فمن يعملون في تجارة الجملة والتجزئة وإصلاح المركبات من غير السعوديين يبلغ عددهم 1042454.
في حين أن السعوديين الذين يعملون في هذا القطاع المهم لا يتجاوزون 293116، أي أن السعوديين لا يمثلون سوى 21.9% من حجم هذا القطاع، وبقية قطاعات العمل الحر من مطاعم وتشييد وبناء واتصالات وغيرها لا تختلف عن قطاع تجارة الجملة والتجزئة، إن لم تكن دونه.
وليس ذلك الأسوأ في سوق العمل السعودي، بل إن الأسوأ هي دوائر الاحتكار التي تُحكِم قبضتها على كل سوق العمل الحر. وأقصد بدوائر الاحتكار هنا، أن كل نوع من أنواع العمل الحر داخل ذلك السوق يسيطر عليه عمالة من جنسية محددة لا ينافسهم فيه أحد. فتجارة المواد الغذائية الجملة والتجزئة يسيطر عليها جنسية آسيوية، بل أبناء منطقة محددة من تلك الجنسية، وتجارة زيوت السيارات وقطع غيارها جنسية عربية، وتجارة السيراميك والبلاط جنسية عربية أخرى، وهكذا لجميع القطاعات التجارية، ويندر أن يوجد قطاع واحد مفتوحًا، حتى المطاعم كل نوع منها يسيطر عليه جنسية محددة.
وتلك الدوائر من الاحتكار هي نتيجة غفلة وزارتي العمل والتجارة، وتستُّر المواطن طوال عقود من الاعتماد على العمالة الوافدة، والسماح بتكدُّس جنسية محددة في قطاع واحد إلى أن وصل الأمر أن سيطرت كل جنسية على القطاع الذي تجمعوا فيه.
شاب سعودي أعرفه يقول: عملت في المعجنات، وخصوصًا رقاق السنبوسة، وكنت أبيعه على البقالات، ومن جودة المنتج كان الطلب عليه كبيرًا جدًّا؛ فلم أكن أستطيع تلبية كل الطلبات، وكان أصحاب البقالات من جنسية معينة يظنون أني من جنسية عربية ولست سعوديًّا، ولا أعرف كيف عرفوا أني سعودي، تفاجأت يومًا برفضهم جميعًا استقبال طلبات المعجنات مني، مررت في مدينتي الصغيرة على جميع البقالات التي يسيطر عليها أبناء تلك الجنسية، وكلهم دون استثناء يرفضون قبول بضاعتي، اضطرُرت معها إلى بيعها بالتجزئة مع صعوبات كبيرة في التسويق.
القصة السابقة وغيرها الكثير تُظهر صعوبة اختراق تلك الدوائر من الاحتكار ليس من الشاب السعودي فقط، بل حتى من بعض الشركات ومن عمالات أخرى من جنسية مختلفة. لذلك يجب أن تعمل وزارة العمل مع هيئة توليد الوظائف ومكافحة البطالة على تفتيت تلك الدوائر ليس من أجل تسهيل عمل الشاب السعودي فحسب، بل ومن أجل السيطرة على الجرائم المنظمة التي تقع في كل قطاع نتيجة احتكاره من جنسية واحدة، وأقل تلك الجرائم هي التحكم في أسعار السلع والخدمات بما لا يمثل حقيقة العرض والطلب، وتسويق سلع مخالفة للمواصفات أو ضارة لسبب ما.
تويتر @abdulkhalig_ali
[email protected]

تعليقك على الخبر
لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني | الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *
التعليق
الاسم
البريد الإلكتروني

  • شاهد حي

    دوائر الاحتكار والجريمة المنظمة
    فعلا هي جريمة منظمة من قبل المرتزقة وحثالة الشعوب التي تتسابق على أسواقنا ةتفسد فيها سواء عن طريق المنتج أو عن طريق المستهلك (المواطن) ولا تسهم الجهات المعنية في تشديد الرقابة والحصر من ناحية المهنية وحالة العامل كونه يعمل بشكل نظامي بل يتم توصيتها في فك الخناق عن محال تجارية بالواسطة أو عن طريق ****** ولو أن المواطن كان جزء من أسباب البطالة وتفشيها فلن يكون جزأ من التلعب في المنتج المصنع أو المخدوم بشكل غير لائق أو غير صحي أو فاسد فه1ا ما يفسد الوطن فانا أعمل في مجال الإتصالات أواجه حربا ضروس من جهة قيمة السلعة وخدمة العملاء ف3من الوافدين سواء نظاميين أو متسللين يعملون بمحل واحد ويسكنون بغرفة واحدة أجارها 500 ريال واجار محلهم يقسم على 3 فأسعارهم أكيد منخفضة مقياسا بالربح من وراء بيع السلعة وك1لك الخدمة (صيانة) فهم 3 على واحد ضد منافسهم الوحيد فتأتي اللجنة فتركز لجنة عن الترخيص وتخالف الجميع ولجنة تراقب الشرائح المبهمة التي أصبحت شغلهم الشاغل فهذا ظلم للمواطن الذي يعمل بمفرده وعندما يحضرون تقفل معظم المحال ويتبقى ماب الواجهة خوفا من كشف هويتهم وسلامة أوراقهم الغير نظامية فما هي أوجه الشرعية في المنافسة الغير شريفة فهم يربحون ويعملون ويسرحون دونما أي ملاحظة فكيف بالله عليكم تسعون لتوليد الوظائف في المجال الحر ؟؟؟ لطالما لا توجد منافسة شريفة وعدالة ؟؟؟ وحتى عندما يتم القبض على المخالف وبعد عدة أسابيع يظهر مرة أخرى ليستمر في منافسة المواطن وللعلم هم من جنسيتين عربيتين مصري ويماني كلهم معارف بعض بل أكثر من 1لك العراب وأخوانه وأبناء عمومته وأقاربه ( وإللي مايجي بالكلمة تجيبه الدراهم ) هذا هو ما يفسد الوطن فساد في كل مكان