السعودية دولة عظمى في 2020 انطلاقاً من #ميزانية_2016

الثلاثاء ٢٩ ديسمبر ٢٠١٥ الساعة ١٠:٢٣ صباحاً
السعودية دولة عظمى في 2020 انطلاقاً من #ميزانية_2016

منذ لحظة إعلان تفاصيل ميزانية 2016 وما رافقها من قرارات تعدّلت معها أسعار بعض الخدمات وفتحت معها الباب موارباً لتحقيق سياسة متوازنة للإصلاح الاقتصادي، يمكننا القول إن الاقتصاد السعودي سيبدأ لتوه واحدة من أهم مراحله في تحقيق التحوُّل من “الاقتصاد الريعي” إلى ما يُسمّى بـ”اقتصاد المعرفة” أو “الاقتصاد الجديد”.

ولعل الاهتمام السائد الآن من القيادة التنفيذية “الشابة” للبلاد من خلال مجلس الشؤون الاقتصادية والتنمية تحت مظلة مجلس الوزراء، تعي الكثير من مفاهيم ذلك التحوُّل الاقتصادي، بحثاً عن تنويع مصادر الدخل، حيث لا تتنوّع المداخيل إلا بتحسين مفهوم الاقتصاد بشكل عام.
ومن هنا يمكننا القول إننا نعيش واقعاً يستشرف عهداً جديداً للمملكة في عام 2020 كـ”دولة عظمى” بشكل واقعي، من خلال قوة اقتصادية وسياسية تتجاوز القوة الراهنة من خلال عضوية مجموعة العشرين، وذلك عبر كتابة وقائع الميزانية الراهنة لذلك العهد المنتظر، الذي تحركه فصول اقتصادية جديدة تتنصّل للوجه القديم لـ”الاقتصاد الريعي”، كما أسلفنا، وتغذِّيه وقفة أبناء الوطن مع القيادة في توجُّهاتها، من أجل المزيد من البناء لأركان الدولة، وأحداث نقلة نوعية وقيمة مضافة بالنسبة لموقعها بين أقوى 20 دولة على مستوى العالم.

كيف مضت العقود في استنزاف “الاقتصاد الريعي”؟
الاقتصاد السعودي في معظمه اقتصاد ريعي، ولعله نمط من الاقتصاد يعتمد على ما يخرج من باطن الأرض، دون بذل كبير عناء في الانخراط في عمليات تطوير لذلك المنتج. وتندرج المواد الخام من بترول وغاز ومياه ومعادن باختلاف أنواعها وتجارة العقار بكافة أنواعها والرسوم المفروضة على الأراضي البور والحية في خانة الاقتصاد الريعي، وهذه هي الأوجه الرئيسية للاقتصاد في معظم الدول العربية، مع بعض الاستثناءات القليلة هنا وهناك.
ولأن الاقتصاد الريعي بطبعه “ساكن” وغير منتج إلا في حدود قليلة، فقد كان تأثيره لسنوات طوال على نمط الحياة في محيطها الاجتماعي والثقافي – قبل الاقتصادي – واضحاً، حيث يسود مفهومه على تكوينات اقتصادية صغيرة تتمركز حول القبيلة أو الأسرة الكبيرة، لبناء الأعمال والشراكات، بعيداً عن نماذج اقتصادية متحركة أخرى قابلة للتمدُّد، وقادرة على استيعاب رؤوس الأموال والسلع والأفراد.

بدائل من خلال اقتصاد يعتمد على “المعرفة”
لا يخفى أن الزراعة والصناعة يمثلان محورين مهمين لصنع الثروة وتحريك عجلة التجارة ومن ثمّ “الاقتصاد المنتج”، لكن يهتم خبراء الاقتصاد في السنوات الأخيرة بمنافس جديد لصنع الثروة بوسائل معرفية، فخرجت مفاهيم مثل: اقتصاد المعرفة، الاقتصاد الجديد، الاقتصاد ما بعد الصناعي، اقتصاد المعلومات، رأس المال البشري، ثقافة المعلومات، التكنولوجيا الرقمية، التجارة الإلكترونية، الفجوة الرقمية، وغيرها من الأسماء والمصطلحات المرتبطة بمفاهيم اقتصادية حديثة تدور في فلك “اقتصاد المعرفة”.
ولعل مفهوم اقتصاد المعرفة يعني تحقيق أكبر قدر من القيمة المضافة، وهذا بدوره يعني أن المعرفة تشكِّل مكوناً أساسياً في العملية الإنتاجية والتسويقية، ويزداد النمو بزيادة المعرفة. ولعل السبب في عدم المواكبة في صنع الثروة بـ”المعرفة”، أنها شيء غير ملموس، وأن محاولات تعريفها أصبحت متشعبة، لدرجة أنها شكلت متاهة ليس لها مخرج أمام غير العارفين بها.
وحتى نخرج من حدود النظرية إلى التطبيق للإفادة من مفهوم اقتصاد المعرفة، يجب أن نفطن إلى فهم مغزى وحقيقة حراكها العالمي الآن.
مثلاً إذا أردنا أن نعقد مقارنة بين اقتصاد المعرفة واقتصاد النفط، نجد أن طرق استخراج النفط وتخزينه ونقله وتكريره طرأت عليها تغييرات طفيفة، خلال المدة التي انقضت منذ اكتشافه كقوة محركة للاقتصاد العالمي حتى اليوم. وفي المقابل، نجد أن أجهزة الحاسب والأقمار الصناعية والهواتف المحمولة والإنترنت والتقنيات الرقمية الأخرى، غزت العالم وأصبحت تتطور تقنياتها بصورة متسارعة على شكل أجيال متوالية خلال مدد زمنية قصيرة جداً، حيث يلهث الناس خلف كل جديد منها، وأصبحت عوائد إنتاجها وبيعها مهولة؛ ما جعل هذه الثورة المعرفية ذات أثر كبير في تشكيل نمط الحياة المعاصرة وأولياتها في كل المجتمعات سواء أكانت منتجة أم مستهلكة.
ومن هنا، فإن الاقتصاد المعتمد على المعرفة يُعدّ اقتصاداً متجدداً يزداد تألقاً مع كل يوم جديد، من خلال أحداث انقلاب في الأساليب والإدارة والتسويق، حيث إن المعرفة تتطلب أن يكون اتخاذ القرار أسرع وأذكى؛ لأن الظروف أصبحت أشد تعقيداً. ورغم كل الدراسات والتحاليل والأبحاث التي تدور حول اقتصاد المعرفة، إلا أن تأثير المعرفة في صنع الثروة لم يُعطَ حقه لا في الماضي ولا في الحاضر.

أول عناصر البناء “رأس المال البشري”
لا شيء يؤكد تحقيق مرحلة التحوّل المقبلة نحو آفاق جديدة للمملكة في عام 2020، غير الاهتمام بأبناء الوطن من خلال ترسيخ مفهوم الاستثمار في “رأس المال البشري”، وهذا عصب اقتصاد المعرفة.
النفط والموارد الطبيعية الأخرى موجودة ولها مردودها في الدخل العام، إلا أن هناك بدائل اقتصادية مجدية تتطلب إعادة النظر في النظام التعليمي والتدريبي، من أجل زرع بذور المعرفة التي تدير “رأس المال البشري”، الذي يعد من أفضل أنواع رأس المال قيمة؛ لأنه مفتاح لتقدُّم الأمم والشعوب.
لهذا سبق إعلان الميزانية بأيام قلائل إجراء تغييرات في مواقع تنفيذية، ارتبطت في معظمها بمفهوم “رأس المال البشري” أو التنمية البشرية، من خلال تغييرات في وزارة التعليم ومؤسسة التدريب التقني، يعوّل من خلالها من بدء المرحلة الجديدة. وسبقت تلك التغييرات أوامر بتكوين كيانات جديدة تدعم ذلك التوجُّه، مثل برنامج تنمية الموارد البشرية، وهيئة توليد الوظائف، وهيئة المنشآت الصغيرة والمتوسطة، وبرنامج دعم إدارة المشروعات في الجهات العامة.
إذن بات الطريق مفتوحاً للتحرُّك الواثق نحو بناء آفاق المملكة كـ”دولة عظمى” في عام 2020، من خلال فكر اقتصادي أكثر قوة وتأثيراً، لا يعتمد على مداخيل النفط والثروات الطبيعية فقط، سواء ارتفعت أسعارها أو انخفضت، إذا لا شيء يحول النظرية إلى تطبيق سوى أبناء الوطن من خلال مفهوم “رفع الكفاءة” في كل شيء محيط بهم يرتبط بعوامل البناء بشكل عام.

تعليقك على الخبر
لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني | الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *
  • عصام هاني عبد الله الحمصي

    الإقتصاد الريعي لم يستزف في السنوات السابقة ولم يظهر بالمقال عن السنوات التي مضت لبناء البنية التحتيه الي هي أساس الإنطلاقة للحياة الكريمة الحالية والقادمة وللعلم المملكة حالياً من الدول العشرين بالعالم كذلك كان يجب توضيح البناء الأفقي العمودي والبناء الهرمي ومتى يستخدم كل منهم في التخطيط الإقتصادي وأن السنوات السابقة والقادمة ستشهد نوعين من البناء الإقتصادي لمصلحة أمن الوطن والبناء ليس قاصراً على فئه معينة وليست إحتكاراً لبناء قوميات وقبائل وشعوب وإنما هي وصية لمن وحدها وحفظها من بعده ويوجد جهات متخصصة لمثل هذه الأمور أسمها وزارة التخطيط وأفضل الأفكار هي الإتفاف حول ولي الأمر في السراء والضراء وأدعي لولي الأمر بطول العمر .