(سندات الحكومة) تحمي #الاقتصاد_السعودي من الأذى وغفلة #النفط

الخميس ١٠ ديسمبر ٢٠١٥ الساعة ٩:٢١ صباحاً
(سندات الحكومة) تحمي #الاقتصاد_السعودي من الأذى وغفلة #النفط

ساد القلق لبعض الوقت بشأن مكانة الاقتصاد السعودي، مع تراجع أسعار النفط منذ بداية العام الحالي، خصوصاً مع اللجوء لسحب 245.1 مليار ريال من الاحتياطي العام خلال النصف الأول من العام الحالي 2015. إلا أن الكثير من المؤشرات وبشهادات عالمية، أثبتت أن الاقتصادي السعودي يعيش وضعية “المعافاة” بعيداً عن الأذى، ولعل الكثير من عامة الناس لا يفهمون كيف حدث ذلك، بعد سماعهم لسحب ذلك الرقم الكبير من الاحتياطي النقدي، ومع استمرار تراجع أسعار النفط، بوصفه المورد والرقم الأهم في الموازنة العامة.
وحتى تتضح الصورة تماماً وبكل وضوح، بعيداً عن “غفلة النفط”، إذا صح الافتراض، التي كادت أن تصل إلى مرحلة “النوم”، يجب أن يعلم القاصي والداني أن السعودية نجحت في الحفاظ على الاحتياطي العام دون سحب للشهر الرابع على التوالي، ليبلغ 659.5 مليار ريال بنهاية شهر أكتوبر الماضي، وهي نفس مستوياته خلال أشهر يوليو وأغسطس وسبتمبر من نفس العام.

عودة سلاح “سندات التنمية الحكومية”
لم يكن هناك شيء أفاد الاقتصاد السعودي بشأن استقرار الاحتياطي العام لأربعة أشهر متتالية، سوى سلاح مهم وحل ناجع، تحقق من خلال توجُّه الدولة إلى خيار تمويل آخر بعيداً عن السحب من الاحتياطي، وهي سندات التنمية الحكومية لمواجهة الإنفاق الضخم في البلاد، في ظل تراجع أسعار النفط.
وبالفعل، أوقفت السعودية السحب من الاحتياطي العام بدءاً من يوليو الماضي، بعد أن بدأت في إصدار سندات تنمية حكومية بقيمة 15 مليار ريال في يونيو، وهي المرة الأولى التي تعود فيها السعودية إلى سوق السندات منذ عام 2007.
وفي يوليو، ارتفع الاحتياطي العام عن مستوياته في يونيو من نفس العام بشكل طفيف، ليبلغ 659.5 مليار ريال، واستقر عندها حتى نهاية أكتوبر الماضي.
والاحتياطي العام للدولة هو حساب يتم تحويل الفائض من إيرادات الميزانية إليه، ولا يجوز السحب منه إلا بمرسوم ملكي في حالات الضرورة.كما أن “الاحتياطي العام” هو أحد بنود ما يسمى بودائع واحتياطي الحكومة، الذي يشمل “الاحتياطي العام، وجاري الحكومة، ومخصصات المشاريع الملتزم بها.
ولعل بند “ودائع واحتياطي الحكومة” هو جزء من جانب الخصوم في قائمة المركز المالي لمؤسسة النقد البالغة 2.57 تريليون ريال، التي تعادل الموجودات لدى “ساما” بنفس القيمة. وتشمل الموجودات كلا من استثمارات في أوراق مالية، وودائع لدى المصارف في الخارج، ونقد في الصندوق، ونقد أجنبي وذهب، إضافة إلى موجودات أخرى متنوعة. وعلى أساس سنوي، تراجع الاحتياطي العام للسعودية، بنسبة 27%، وقيمة 245.1 مليار ريال، حيث كان 904.6 مليار ريال في أكتوبر 2014، فيما استقر على أساس شهري.
وكانت السعودية قد كوّنت احتياطيات ضخمة مستفيدة من أسعار النفط المرتفعة السنوات الماضية، لتستخدمها عند تراجع أسعار الخام، كما هو الحال حالياً.
ويُشار إلى أن وزير المالية الدكتور إبراهيم العساف، كان قد قال مع إعلان موازنة العام 2015: “ستواصل السعودية تنفيذ مشاريع التنمية في المدى المتوسط (ثلاث إلى خمس سنوات)، مع تحمُّلها انخفاض أسعار النفط خلال تلك الفترة”.
استمرار “السندات” حتى نهاية العام
واصلت وزارة المالية السعودية إصدار سندات التنمية الحكومية، حيث أصدرت في أغسطس بقيمة 20 مليار ريال، جرى تخصيصها لعدد من المؤسسات العامة والمصارف التجارية المحلية، وراوحت آجال السندات بين خمس سنوات بعائد 1.92%، وسبع سنوات بعائد 2.34%، وعشر سنوات بعائد 2.65%.
وبحسب مراقبين، أصدرت السعودية سندات بقيمة 95 مليار ريال خلال العام الجاري إجمالاً، حيث بات واضحاً أن السعودية تلتزم إصدار سندات شهرياً حتى نهاية العام، بقيمة تراوح بين 15 و20 مليار ريال، لتغطية العجز المتوقع في الميزانية نتيجة تراجع أسعار النفط، وفي ظل استمرار الإنفاق الحكومي الضخم.

ما المقصود بـ”السندات الحكومية”؟
لكن من حق المواطن العادي أن يسأل: ما المقصود بـ”سندات التنمية الحكومية”؟.. ولنا أن نوضِّح أن تلك السندات التي تعرف اختصاراً بـ”SGDB”، هي سندات تكون فترة استحقاقها من سنة إلى 10 سنوات، وتصدر من قبل مؤسسة النقد العربي السعودي على أساس شهري، وتدفع الأرباح لهذه السندات مرتين في السنة.
ويتم إصدار سندات التنمية الحكومية لتمويل المشاريع العامة في الدولة، ويكون المستفيدون من إصدار هذه السندات: البنوك السعودية، والأفرادـ والشركات السعودية، ويتم تقدير الأرباح بما يعادل الأرباح المتحققة من مشاريع التنمية الحكومية، وسندات التنمية تكون مُعفاة من الزكاة.
وبشكل عام، فإن سندات التنمية الحكومية تعتبر أدوات محلية ثابتة السعر، قابلة للتداول وتصدر مقوَّمة بالريال السعودي وبحد أدنى مليون ريال، حيث تصدر بالتساوي عبر قسائم مدفوعات نصف سنوية.

إيجابيات وسلبيات “السندات الحكومية”
بحسب الخبير الاقتصادي الدكتور عبدالوهاب القحطاني، فإن للسندات الحكومية إيجابيات وسلبيات. في الجانب الإيجابي، أوضح الدكتور القحطاني أن الحكومة السعودية اتخذت الخيار المناسب بالاقتراض من البنوك التجارية والمؤسسات العامة المحلية، مشيراً إلى أنه “سنرى نمواً قوياً في القطاع البنكي في المملكة جراء اقتراض الحكومة منها، وسيساهم الاقتراض في التحكم في معدل نمو التضخم المالي، لكنه سيخفض قيمة الريال السعودي مقابل الدولار الأمريكي”. وأضاف: “لا يخفى علينا أن السندات المصدرة من وزارة المالية السعودية كمدين للمؤسسات العامة والبنوك التجارية في المملكة، خطوة طيبة للاعتماد على مؤسساتنا المالية في التمويل لما لذلك من أهمية في السيادة السياسية والاقتصادية. ولنا دروس وعبر في ما حصل لليونان عندما أعلنت عجزها عن تسديد الديون الخارجية؛ مما جعل بعض الدول الأجنبية ومؤسساتها المالية تعرض على اليونان شراء جزرها السياحية”.
وبخصوص الجوانب السلبية للاقتراض، ذكر الخبير السعودي أنها محدودة، إذ تتمحور حول شُحّ السيولة المتوفرة لدى المؤسسات العامة والبنوك التجارية لإقراض الشركات والمؤسسات التجارية والصناعية الخاصة والمساهمة والمواطنين الأفراد؛ ما يساهم في رفع معدل الفائدة على ودائع الأفراد أو ما يسمى Certificate of Deposit، لجذب السيولة الكافية للإقراض.