#الهيئة.. والمتأزمون الجدد

الأربعاء ١٧ فبراير ٢٠١٦ الساعة ٢:٠٨ مساءً
#الهيئة.. والمتأزمون الجدد

في كل مجتمع فاضل.. ناضج.. وإيماني تبرز بينه طائفةٌ تحمل على عاتقها مهمة التصدي للفساد، ذلك الإصلاح العظيم الذي يتناول جميع جوانب الحياة الاجتماعية من إصلاح شخصي وذاتي، وإصلاح نفسي، وإصلاح فكري، وإصلاح أُسري، وعلى قمة ذلك يأتي الإصلاح الديني والأخلاقي الذي يكون عبر الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر.
هيئة الأمر بالمعروف، وما أدراك ما المعروف الذي يجمع كل أعمال الخير والبر؟! مشكلة البعض الهوائي من المجتمع أنهم يتعاملون مع الهيئة بلا هوية، فلا يحسبون لها أنها شعيرة دينية يجب أن يؤخذ على أيديهم فيها ولا يحسبونها جهة رسمية حكومية تقوم بالإرشاد والتوجيه والضبط المستور، وقبل ذلك بالأمر بالمعروف والنهي عن المنكر وما أدراك ما المنكر؟!
مشكلة بعض النفر الذين ينتقدون أعمال الهيئة ويغيّبون إنجازاتهم ويبحثون عن الزلات، وينافحون، ويكتبون، ويتحمسون كأنهم هم من يأمر بالمعروف مشكلتهم واضحة الملامح وبينة المعالم.. وهي أن أعمال وجهود الهيئة تقف حاجزاً أمام أهوائهم، ورغباتهم، وشهواتهم ويريدون أن يطفئوا الخير والمعروف وتشيع الفاحشة، والفسوق، والفساد.
فلو عملنا إحصائية لوجدنا الكارهين لهذا الجهاز والمنتقدين هم من أصحاب الممارسات المرفوضة شرعاً واجتماعياً كشرب المسكر، وتناول المخدر، والدعارة، والشعوذة، وأهل المعاكسات، والمغامرات العاطفية.
حقيقة الأمر أن أي جهاز حكومي يقوم بعمله بإتقان ومسؤولية ليس مطالباً بإرضاء الكل لأن الكل لن يرضى مهما عمل فلن يرضى قاطع الإشارة عن نظام وإجراءات المرور وطريقته، وكذلك السارق أو صاحب الجريمة فهو يكره ويتظلم ويحقد على جهاز الشرطة والدوريات، ومُهرب المخدرات تلوكه الأماني أن يتلاشى جهاز مكافحة المخدرات لينطلق بسمومه في كل اتجاه بدون رادع.
أما الصور النمطية المأخوذة والمسجلة مسبقاً عن جهاز الهيئة فهي لن تجعل المرء يعرف طريقاً للتفكير الصحيح وتقديم المصلحة ومعرفة الفرق بين الدين والدنيا.. أما تصيد الأخطاء وتوسيع القصص، وإشباع الذات بالتضجر والتأفف على هذا الجهاز فهذا أيضاً من الصور النمطية للأسف فمن يرسب ابنه في المدرسة يرمي على وزارة التعليم بكبرها، ومن يخفق الطبيب في معالجته يقذف بالصراخ واللوم على وزارة الصحة، ومن تسجّل عليه مخالفة مرورية يمقت جهاز المرور وهكذا يدور الأمر عند الكثير من أفراد مجتمعنا.
إن المشكلة عند البعض الشمالي المتنفر، والمتضجر من جهاز الهيئة هي أن التعامل مع هذا الجهاز على أساس أنه جهاز حكومي زائد في جسد الوطن فقط ولا ينتبهون إلى أن هذا الجهاز مدعوم بمرسوم كريم تضمن أن للهيئة حق المشاركة في مراقبة الممنوعات ومتابعاتها والتعامل معها مما له تأثير على العقائد أو السلوك أو الآداب العامة مع الجهات المختصة. كما أن أصحاب العقول البطيئة، والقلوب المريضة لا يلتفتون إلى أن عمل هذا الجهاز هو مبدأ ديني، وعبادة ثابتة، وركيزة شرعية، وفريضة إيمانية.. كما أن البعض لا يفقه طبيعة تلك الفريضة ولا يفهم مهام هذا الجهاز ويخلط بينها في القياس والتقييم مع أجهزة أخرى.. ويتحفز كثير من الكتّاب الهوائيين وبعض المحررين الذين يكتبون وينقلون الأخبار ويتوسعون في حبك الملابسات، وتطوير الظنون، وتطويع الخيالات كل تلك الجهود توظف في تمرير الرغبات، وتنفيس الأهواء، واستخدامها في الإشعال والإشغال، والتحريف والتخريف.
جهاز الهيئة جهازا حكومي منشأ بمرسوم ملكي ويجب احترامه كجهاز واحترام نظامه.. مع محاسبة المخطئ.. وإصلاح غير المناسب إن وجد.. جهاز هيئة للمعروف هو هيبة المعروف ومن في قلبه تزدحم الأهواء، وتهيج الغرائز، والرغبات الضالة ضد مبدأ الأمر بالمعروف وجهازه فهو يعيش في هوامش الظنون، وسكرة التمرد على الدين.
ومن يشعل الفتيل في قضية مطاردة أو ملاحقة وينسج منها قضية الموسم، وقصة المجتمع فلينظر جيداً للبرامج التسجيلية الواقعية التي تبثها القنوات والتي تصور كيف يطارد رجال الشرطة الأمريكيين المجرمين والمخالفين ويطلقون عليهم النار ويضربونهم.. ويصرح لهم حتى بقتلهم.. ولينظر الجميع لجهود النجاح، وإنجازات الخير عوضا عن عبث الظنون والشماتة في عقولهم.. عندها تتدهور وتسقط المجتمعات، ويهزم الفرد نفسياً.
هكذا الحالة في جميع المجتمعات الإنسانية، هناك أقطاب تتصارع من أجل كسب أرض الواقع، مجتمع يمثل أنصار الإصلاح والخير والمعروف، وفئة منه تمثل أنصار الشهوات والغرائز والأهواء، والتجارب والخبرات والتاريخ يخبرنا بأن أنصار الرغبات الهوائية لا يترددون في استخدام أي وسيلة ولو غير أخلاقية ضد خصومهم، كما أن التاريخ أيضاً يخبرنا بأن أنصار الإصلاح والخير لا يحاولون تشويه عمل المعروف بممارسات سيئة من قِبل أفراد، فأخلاقياً الكل يمثل نفسه أولاً ثم يمثل جهازه، فإن كان الطبيب سيئ الخُلق أو يخطئ في تشخيصه دوماً لا يعني أن المستشفى أو وزارة الصحة سيئة لدرجة أن يُنادى بإلغائها.
ختام القول: موقف نبيل من سمو أمير منطقة الرياض حين تسمعه يدعم الهيئة بكلمات شامخة وعزيزة.. من خلالها مثَّل قيمة هذا الجهاز وشعيرته وأساس هذا الوطن.. كلمات ستجعل البعض المتأزم ينكفي على وجهه.. ويمنح الكل عزماً على منافحة كل هوائي يثرثر..
[email protected]

تعليقك على الخبر
لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني | الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *
التعليق
الاسم
البريد الإلكتروني

  • سعد

    كيفت ووفيت ألله يجزاك الجنه ووالدينا درر ماذكر ت

  • سعد

    الله يجزاك الجنه ووالدينا كيفت ووفيت حروف من ذهب

  • ابو فهد

    ارى ان يظم عمال الهيئه الي وزارة الداخليه ويطبق بحقهم مايطبق على رجل الأمن

  • اصحى يا عزيزي الكاتب

    شرطة أمريكا تلاحق وتطارد مجرمين! وليس فتاة كشفت وجهها أو أرتدت عباءة ملونة!