الشاعر “الطاهري” يرثي الطالب المنحور على يد والده: اذبحْ بحقدك بُرْعُمًا مسكينا

الخميس ١٨ فبراير ٢٠١٦ الساعة ١٠:٠٢ مساءً
الشاعر “الطاهري” يرثي الطالب المنحور على يد والده: اذبحْ بحقدك بُرْعُمًا مسكينا

تفاعل شاعر “الحزم” الشاعر علي بن حمد طاهري، المعلم في قرية البيض الأعلى بمنطقة جازان، مع الجريمة العظيمة في نحر الأب ابنه “عبدالله” في محافظة أحد المسارحة بعد إخراجه من المدرسة وقيامه بنحره في حوش مهجور قبل يومين.

وكتب “الطاهري” قصيدة رثاء بعنوان “نحر الطفولة”، وجسد الشاعر الطاهري في قصيدته الحزينة القصة المؤلمة التي أنهت طفولة “عبدالله سويدي”.الشاعر علي بن حمد طاهري

وجاء نص القصيدة:

سعِّرْ فؤادك واشحذِ السكينا *** واذبحْ بحقدك بُرْعُمًا مسكينا

يا والدًا ماتت مشاعرُ قلبه *** قتل الحنان.. فمن ترى يحيينا؟!

قد عاشَ عبدالله يحلمُ أن يرى *** حرًّا أباه، ولا يراه سجينا

كم قالَ للطلاب حيٌّ والدي *** وغدًا سيقدمُ حاملًا نسرينا..!

وسيدخلُ الفصلَ الكبيرَ مسائلًا *** عني.. ويمطرُ بهجةً وحنينًا

ويضمني فأشمّ عطرَ أبي الذي *** قد غابَ عن قلبي الجريحِ سنينا

ويسيرُ بي للسوقِ أشري لعبتي *** الأحلى وثوبًا فاخرًا وثمينا

ويعيدُ لي الأحلامَ بعد غيابها *** يهبُ الجمالَ لمسمعي تلحينا

وأكون عملاقًا إذا سرنا معًا *** نطوي الطريقَ..َ وتنظرون إلينا

هذا أبي.. أماه عادَ فزغردي *** ولتصنعي الحلوى لمن يأتينا

وعلى الحمائمِ وزِّعي ألحاننا *** ولتنثري زهرَ الغرامِ علينا

هذا أبي.. يا دارُ عادَ أنيسنا *** وبكأسه معنى الحياة سُقِينا

وينامُ عبدالله في أحلامه *** يرنو صباحًا.. مشرقًا.. ومبينا

ولكمْ تخيَّل شكلَ والده.. ترى *** يأتي نحيلًا، أو يكونُ سمينا؟!

عينايَ لم تشربْ ملامحه.. ولا *** أذني سوى خلف اتصال حينا..!!

ويظلُّ عبدالله يحلم بالذي *** قد غابَ.. إذ كان البريءُ جنينا

وتنامُ عينُ الطفلِ.. لكنْ قلبُه *** متلهفٌ للصبح يشرقُ فينا..

اﻵن بابُ الفصلِ يقرعُ، مرحبًا *** هل هاهنا ولدي؟.. أراه يقينا؟

قفزَ الغلامُ لحضنِ والده، وفي *** ذاك اللقاءِ مشاعرٌ تُبكينا..

ومضى أبوه يقوده وكأنه *** حاز الحياة بطفله تمكينا..!!

ويظل يسأله إلى أينَ الخطا *** يا والدي تمضي؟ وكيف وأين؟

سارا إلى حوشٍ بعيدٍ.. واللظى *** في قلب والده يظل دفينا..!!

أبتاهُ هلْ ضاعَ الطريقُ بدربنا؟ *** أم ذا طريقُ حديقةٍ تسلينا؟

أبتاهُ مال الصمت صار صديقنا *** وعلامَ يا أبتي أرى سكينا؟!

خذها بصدرك.. ذي نهاية لوحة *** سطَّرتَها.. لونتُها تَلْوِينا

خذها بصدرك.. ذي نهاية تائهٍ *** عن دربه.. نسي الهدى، والدِّينا

خذها.. وأغرزْ خنجرًا في قلبه *** ليكونَ طيرًا في الجنانِ طعينا

ومضى.. ولكنْ.. كان درعُ حياته *** كتبًا وثوبًا، مصحفًا، وأنينًا

ويموتُ عبدُالله في أحضانه *** كتبُ الدراسةِ تعلنُ التأبينا

ما ماتَ!! حتى ماتَ قلبُ أبُوَّةٍ*** قتلَ البراءة.َ. واستلذَّ مَشينا

ودماءُ عبدِالله يسألُ نزفُها *** قل لي لماذا يا أبي تُردينا؟

هل كنتُ أنتظرُ المنيةَ؟ أم أبًا *** أم كان قلبُك بالحنينِ ضنينا؟

أم كانَ كفُّك كافرًا بطفولتي *** متجردًا من حبِّه ومَهينا؟

أبتاه.. دعْ أُختي تعيشُ لعلَّها *** تبقى لأمي بَلسمًا، ومعينا

عذرًا رفاقي، مُصحفي، ومدرِّسي *** من حيثُ شئنا أن نعيش.. (بُلينا)!!!

بالله.. يا أمنَ البلاد ترفَّقوا *** بأبي.. فما يُؤذي أبي.. يُؤذينا!!

حتى وإنْ خانَ الأُبوَّةَ وافترى *** فأنا حييتُ ولا أزالُ أمينا

لا لن أخونَ حقوقه إن خانني!! *** ودمي طهور يرفض التخوينا

أماهُ عذرًا إن توسعَ جرحنا *** والدهرُ ضاعفَ حزننا المدفونا..!

والهمُّ والأحزانُ خلفَ جدارها *** فرجٌ وفجرٌ نورُه آتينا

صبرًا أحبتنا قضاءٌ عِشتُه *** وبكلِّ ما يرضى اﻹله رضينا

هذا جزاءُ تشتتٍ، وتفرقٍ *** بعد الطلاق، ومن أضاعَ بنينا

يا رب غادرتُ الحياةَ ولم أذقْ *** أنسًا ولا غيرَ العناء لقينا

واجعلْ ليَ الأخرى وآنسْ وحشتي *** وارحمْ عبيدًا ردَّدوا.. آمينا