تسويق ملتقى جدة للفنون

الأحد ١٤ فبراير ٢٠١٦ الساعة ١١:٣٦ صباحاً
تسويق ملتقى جدة للفنون

ملتقى جدة للفنون البصرية شهر من الجمال والمتعة والثقافة واللقاءات الغنية بمبدعين في مختلف الفنون البصرية، والحوارات الثرية لتجديد الفكر وتطوير الذات. شهر من الفن يشمل جميع الفنون البصرية من رسم ونحت وتركيب في الفراغ وتصوير وفنون رقمية وغيرها، وهذه الدورة الثالثة لملتقى جدة الذي يقام في شهر فبراير من كل عام، ويشمل جميع صالات العرض في جدة ويمتد للأسواق الكبيرة وبيوت البلد.
الجانب الفني والثقافي في الملتقى هو الأهم والأبرز لمحبي تلك الفنون ولأهالي جدة وزوارها، لكنه يمثل مجالا من المجالات الاقتصادية المهمة، ومع ذلك لا يحقق ٣٠٪ من المفترض تحقيقه من عوائد ليس على الفن وأهله فقط بل وعلى جوانب أخرى في الاقتصاد، والسبب أن تسويق تلك الأنشطة الفنية ضعيفاً جداً جداً، ولا يرتقي لحجم ما يُقدم خلال ذلك الملتقى كل عام، والذي يمثل إضافة مهمة للفنون البصرية في المملكة التي شهدت تطوراً كبيراً جداً خلال العشرين سنة الماضية حتى أصبحت علامة مميزة في الفن العربي.
ملتقى جدة ينقصه بعض الأمور ليصبح معلماً ثقافياً وفنياً وسياحياً ونشاطاً اقتصادياً لمدينة جدة وللفن والفنانين في المملكة وللاقتصاد السياحي بشكل عام. وتطوير هذا الملتقى الفني الكبير يتم من جانبين تنظيمي وتسويقي.
ففيما يتعلق بالجانب التنظيمي، لا يحتاج مزيداً من الجهد فما ينقصه برأيي ثلاث أمور هي في الأصل موجودة وبحاجة للتطوير أو تم إيجادها ثم تركت لسبب ما. وهي أولاً إنشاء صالة مزادات فنية متخصصة تخدم محبي الفنون البصرية من فنانين وصالات ومقتنين ومسوقين تعمل وفق الأنظمة والشروط العالمية لتلك الصالات. رفع سقف جودة الأعمال المسموح لها بالمشاركة في المعارض الرئيسية وربطها بشكل مباشر بتجربة طويلة للفنان أو فكرة كبيرة أو مشروع متكامل أو تجربة خلاقة فعلا، وأخيراً استقطاب فنانين عالميين للعرض في الملتقى من مختلف دول العالم. إضافة إلى رفع جودة الندوات والمحاضرات والورش المصاحبة من حيث كفاءة المحاضرين والمدربين.
أما الجانب التسويقي فلا يكاد يذكر حقيقة، وهو أساس التطوير وقاعدته التي تدعم كل جوانب التطوير الأخرى. والمسؤول عن تسويق هذا النشاط الثقافي الكبير عدة جهات.
أولاً الصالات والجهات المنظمة والمسؤولين عنها، وهؤلاء يقع على عاتقهم الجزء الأكبر من المسؤولية لأنهم أكبر المستفيدين والأكثر حاجة ومعرفة بما يجب عمله. ودورهم يشمل إعداد خطط تسويقية شاملة، بما في ذلك العوائد الاقتصادية المتوقع للملتقى المباشرة منها وغير المباشرة، وهنا تبرز إشكالية تتمثل في ضعف التعاون فيما بين المنظمين، وربما كان الصراع هو السائد خصوصاً بين الصالات الكبيرة، ولكي يتم تحقيق أكبر نجاح للملتقى، يجب تقنين الخلاف بتكوين إدارة للملتقى تخطط وتنسق وتروج وتشرف على الفعاليات بما يخدم الجميع، ووجود جهة رسمية يسهم في تحقيق هذا الهدف. ونتيجة لذلك الخلاف لا يوجد مسمى واحد للملتقى يمثل الجميع، فلكل منظم مسماه الخاص ولا يوجد مسمى عام يمكن تسويقه، وهذا خلل تسويقي كبير.
الهيئة العليا للسياحة والآثار التي أثبتت تفوقا كبير في تنظيم ملتقى ألوان السعودية للتصوير الضوئي، تغيب تماماً عن هذا النشاط الفني الكبير رغم علاقته المباشرة بصلب عملها واهتمامها، ورغم وجوده في أهم مدينة سياحية في المملكة، وجدواه من الناحيتين السياحية والاقتصادية أوضح من أن تحتاج إلى دراسة. فعليها تقع مسؤولية كبيرة، وتجاهلها للملتقى غير مبرر، وإن كان المنظمون مقصرين في إشراكها.
إمارة منطقة مكة المكرمة بجميع إداراتها ذات العلاقة تغيب تماماً عن الملتقى، ودورها مقتصر على إعطاء التصاريح ومراقبة الأنشطة، في حين أن حضوراً شرفياً من الإمارة سوف يرفع قيمة الملتقى ويكسبه مكانة كبيرة جداً تسهل تسويقه داخلياً وخارجياً وتدفع به إلى الواجهة لما يمثله من ملتقيات.
الإعلام الرسمي وغير الرسمي حضوره خجول جداً ويعتمد على العلاقات الشخصية للمشرفين على الصالات والمعارض، ولا يمثل اهتماماً حقيقيا بالملتقى، لذلك ليس لتغطيات الإعلام تأثير فعلي ومباشر في التسويق للملتقى. وقليلاً من الاهتمام الإعلامي سيرفع من حجم الدعم الإعلاني وبالتالي العوائد الاقتصادية والثقافية. وفي هذا الجانب يلحظ غياب كتابات المثقفين عن الملتقى وكأنه لا يعنيهم أو أنه ليس جزءاً مهما من الثقافة ورافدا لها، وغيابهم امتد إلى عدم الحضور والمشاركة في الفعاليات إلا القلة منهم.
(آرت دبي) الفني الذي يقام في مارس من كل عام أكتسب شهرة عالمية وله عوائد مادية ودعائية لإمارة دبي كبيرة جدا، والسعوديون من فنانين ومهتمين بالفن ومقتنين ومسوقين يمثلون الركيزة الأساسية له، سبب نجاحه تسويقي بالدرجة الأولى وتنظيمي بالدرجة الثانية. ملتقى جدة بقليل من الاهتمام لن يقل أهمية وتأثيراً عن ملتقى دبي وربما يفوقه لأسباب موضوعية.
فهل نرى اهتماماً أكبر العام المقبل بهذا المحفل الفني الثقافي الكبير والرائع حتى يشتد عوده، أم يُترك للضياع الذي بدأ فعلاً في نهش أوصاله ليموت كما ماتت كثير من المشاريع الإنسانية الرائعة ؟

تويتر @abdulkhalig_ali
[email protected]

تعليقك على الخبر
لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني | الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *
التعليق
الاسم
البريد الإلكتروني