رئيس ديوان المظالم يدشن الإصدار الأول لمجموعة الأحكام والمبادئ التجارية حتى 1423

الأربعاء ٢٤ فبراير ٢٠١٦ الساعة ١٠:١٢ مساءً
رئيس ديوان المظالم يدشن الإصدار الأول لمجموعة الأحكام والمبادئ التجارية حتى 1423

رعى رئيس ديوان المظالم رئيس مجلس القضاء الإداري الشيخ الدكتور خالد بن محمد اليوسف، صباح اليوم، بمقر مركز الملك فهد الثقافي بالرياض، حفل تدشين الإصدار الأول لمجموعة الأحكام والمبادئ التجارية للأعوام من (1408هـ) حتى (1423هـ)، وذلك بحضور مستشار خادم الحرمين الشريفين صاحب السمو الملكي الأمير الدكتور عبدالعزيز بن سطام بن عبدالعزيز آل سعود، ووزير العدل رئيس المجلس الأعلى للقضاء الشيخ الدكتور وليد بن محمد الصمعاني.
وقد بدأ الحفل بآيات من الذكر الحكيم، بعد ذلك تم عرض فيلم تعريفي عن الديوان ونشأته ومراحل تطوره وأبرز مراحل عمل مجموعة الأحكام والمبادئ التجارية، تلا ذلك كلمة لرئيس فريق تصنيف الأحكام التجارية الشيخ الدكتور طارق العمر أورد فيها: أن القضاء فريضة محكمة، وخطة مرسومة، يتحقق به النصفة، وتطمئن بقيامه النفوس، وتاجه وعنوانه الحكم القضائي، المؤسس على أحسن الطّرائق وأجمل القواعد، فهو الخاتمة المبتغاة، تطرح في قبة مجالسه الاجتهاد العلمي الرصين، وتنزل حكايات الواقعات على مناسباتها وحالها، مؤطرًا ذلك بشرع مطهر، ووفق قواعد عادلة، يستوي فيها الجميع.
وأضاف: هو مبتغى الباحثين يسترشدون به، وينهلون من مخرجاته، وأسبابه؛ إذ هو الواقع العملي التطبيقي على مدونات فقهية ونظامية تناولتها الجهات الأكاديمية بالبحث والدراسة، وإدراكًا لأهمية التمحيص والتحقيق العلمي، القائم على الأطر والمناهج الرصينة؛ فقد دأب ديوانُ المظالم على نشر مبادئ أحكامه القضائية، وذلك من عام (1397هـ)، ثم تتابعت مدوناتُه ومجموعاتُه.
وتابع الدكتور العمر: واستكمالًا للمسيرة، واستشعارًا بعظم المسؤولية، وامتثالًا لاستحقاق نظامي؛ صدر قرارُ رئيس ديوان المظالم، بتشكيل فريق قضائي، بإشراف مباشر منه، يتولى تصنيف الأحكام القضائية التجارية ونشرها، وذلك من حين إسناد ولاية القضاء التجاري إلى ديوان المظالم، في بداية السنة المالية لعام (1408هـ) بموجب المرسوم الملكي رقم (٦٣) الصادر بتاريخ ٢٦/ ١١/ ١٤٠٧هـ.
وأكمل: وقد بدأ الفريق هذه المهمة- مستعينًا بتوفيق الله وتسديده- بالتأكيد على مناط الأحكام القضائية المراد نشرها، والتي يتطلب الوصول إليها البحث المستقصي في فترة ممتدة قاربت الثلاثة عقود، فكان منطلق البحث أحكام دوائر التدقيق؛ بهدف الوصول إلى ما انتهى إلى موافقة الحكم الصادر من الدوائر الابتدائية في نتيجته وسببه، والذي تطلب مجهودًا مضاعفًا وعملًا مضنيًا في البحث عن ركام أرشيف تطاول عهده؛ حيث كان صدور أول حكم قضائي من هيئة تدقيق القضايا (الدائرة الرابعة) بتاريخ الحادي عشر من شهر شعبان لعام ألفٍ وأربعمائة وثمانية هجرية (11/ 8/ 1408هـ).
وبيّن الشيخ العمر: قد أصدرت دوائر التدقيق في الفترة الزمنية الأولى التي خرجت بها هذه المجموعة والكائنة من بداية عام (1408هـ) وحتى عام (1423هـ)، ما يقارب الثلاثة آلاف حكم تدقيقي، نظمتها في عشرين ألف وثيقة، كان المؤيد منها يربو على ألفي حكمٍ مؤيّدٍ لأحكامٍ ابتدائية صادرة من دوائر قضائية تجارية، هي نواة هذه المدونة، ومحل عمل الفريق، قراءة، ومراجعة، وتصنيفًا، والتي باشر ترتيبها وفق منهج منطقي تراتيبي، مبتدئًا بالأبواب المتعلقة بالجانب الشكلي من اختصاص ودعوى، ثم التطرق للأحكام التي فُصل في موضوعها، والتي روعي في ترتيبها موافقةُ التقديم والتأخير في النص النظامي الحاكم، حيث استُهل بالأحكام التي تناولت عقودًا تجارية، ثم المنازعات الداخلة في نظام الشركات، ثم تصنيف الأحكام والمبادئ المتعلقة بالتحكيم التجاري والملكية الفكرية، وختمت بفهارس تفصيلية شاملة كاشفة لما احتوته المجموعة من أحكام وموضوعات، موصلة لمراد الباحثين.
وأضاف في كلمته: وقد تم رصد ذلك وتسطيره وفق منهج درجت عليه مدونات الديوان، وذلك بعرض أحكام الدوائر الابتدائية المؤيدة بوقائعها وأسبابها، معنونًا ببيانات الحكم التي توضح بدقة الظرف الزمني الواقع فيه الاجتهادُ القضائي؛ باعتبار أنه منذ ذلك التاريخ أصبح نافذًا يحمل الحجة بذاته، ثم الكشف عما تضمنه الحكم من أنظمة ولوائح وموضوعات رئيسة تُعد أساسًا في التصنيف والفهرسة، ومفتاحًا للوصول لما تضمنته الأحكام. مع عرض ملخص للقضية يوجز موضوعات الدعوى، والأسباب التي قام عليها الحكم.
وذكر أن الفريق، ومن قبلهم رئاسة الديوان، حرصوا أن يكون هذا الإصدار متوخيًا لأدق أساليب التدوين المعاصر، في رصدٍ ثمين متين، ورصفٍ بديع مستبين. مع رصدها إلكترونيًّا في وسائط حاسوبية يسهل حملها وقراءتها، إضافة إلى إتاحة الوصول إليها عبر بوابة ديوان المظالم على الشبكة العالمية؛ لتكون هذه المدونة وتلك المجموعة دليلًا على مرفق قضائي، أولاه ملوك هذه البلاد المباركة الرعاية والاهتمام، من بداية نشأتها على يد الملك عبدالعزيز (طيب الله ثراه)، وتتابع على ذلك أبناؤه البررة، وهو ما أكد عليه ورسّخه خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبدالعزيز- أيّد الله سلطانه- وجعل ذلك في ميزان حسناته، وجزاه خير الجزاء وأوفاه؛ فله جزيل الشكر والامتنان والعرفان.
واختتم “العمر” كلمته قائلًا: أقول أيها القضاة هذا نتاجكم أخرجتموه رغبة في إيصال الحق إلى أهله، وقد كان ذلك بإذن الله وهو اليوم مدونة علمية باقية يتداولها الجميع دراسة وقراءة. وختامًا فالحمد لله رب العالمين ابتداء وانتهاء، والصلاة والسلام على أشرف الأنبياء والمرسلين.
بعد ذلك ألقى معالي رئيس ديوان المظالم الكلمة التالية:
بسم الله الرحمن الرحيم
الحمد لله وكفى، والصلاة والسلام على النبي المصطفى، محمد وعلى آله وصحبه ومن اقتفى، وبعد:
أصحاب السمو والفضيلة والمعالي والسعادة…
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته…
إنه لمن دواعي السرور أن أرحب بكم كل الترحيب، أصالةً عني ونيابةً عن منسوبي ديوان المظالم، بمناسبة تدشين الإصدار الأول لمدونة الأحكام والمبادئ التجارية.
إن درجات التطور التي يشهدها مرفق القضاء اليوم في كل المجالات، يرسم للعيان أنموذجًا لمدى الاهتمام الكبير الذي توليه القيادة الحكيمة- وفقها الله- لمرفق القضاء؛ إذ يأتي هذا النشاط كحلقة وصل مكملة لعِقد التطوير فيه.
أيها الحفل الكريم…
إن للقضاء مكانة عليَّة، ودرجة رفيعة؛ فهو الملاذ الذي يفزع إليه المتقاضون؛ إذ تمثل الخاتمة القضائية بمبادئها وأركانها الشاهد العدل في كيان الدولة، وقد كانت هذه الدولة المباركة منذ تأسيسها على يد الملك عبدالعزيز بن عبدالرحمن- طيب الله ثراه- أنموذجًا فريدًا في العناية بهذا الخاتم القضائي العادل، حيث حملت على عاتقها بإيمان ويقين أن تكون الشريعة الإسلامية الحاكمة على كل أنظمتها وكافة شؤونها. وقد كان مرفق القضاء بسيرته ومسيرته شاهدًا في تماسك لافت قوي من ملوك هذه الدولة المباركة على الرعاية والعناية الفائقة بهذه الأصول، متمسكة بثبات استمدادها من الكتاب وسنة رسول الله صلى الله عليه وسلم، استذكارًا لأصل تأسيسها وسمو كيانها، حافظة لهذا المرفق استقلاله وقوته؛ ليكون سلطانًا عادلًا حازمًا.
ولما كان القضاء ذا رسالة مستقلة سامية، فإن له خاتمة هي المنتهى والمطلب وهي (الحكم القضائي)؛ فهو الغاية المنشودة للعملية القضائية، والمطلب الثمين لكل الباحثين في الشأن القضائي، يرومون مطالعته وقراءته معرفيًّا ونقديًّا، ولا يتأتي ذلك إلا بتصنيف هذا الحكم القضائي ونشره أمام الكافة، شاهدًا على كيان حضاري قضائي محكم لمبادئ دولة حكيمة؛ لتكون بصيرة القضاة والفقهاء والباحثين، ممتدة له بما يثري ويرتقي بالاجتهاد القضائي، مضيفًا وعيًا حقوقيًّا لدى الكافة.
وإدراكًا لأهمية التمحيص والتحقيق والنقد العلمي القائم على الأطر والمناهج العلمية الرصينة؛ وامتثالًا لنص المادة الحادية والعشرين من نظام ديوان المظالم المتضمنة تصنيف الأحكام الصادرة من الدوائر القضائية التابعة له ونشرها؛ فقد اضطلع الديوان بهذه المهمة، وتحمل مسؤولياته- وفق خطة مرسومة- على أن تكون كل الأحكام التي أصدرها، منشورة مصنفة، بين يدي المختص، وقريبة من الباحث، وتحت نظر القارئ، بإخراج مبسط، وحلة في متناول الجميع؛ مستلهمًا في هذا العمل استكمال النهضة القضائية غير المسبوقة، التي اهتم بها استقلالًا ودعمًا خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبدالعزيز- أدام الله توفيقه.
وقد حمل ديوان المظالم على عاتقه ولاية القضاء التجاري من عام (1408هـ)، مما تنامت معه ثروة قضائية مميزة من الأحكام، وكانت جديرة بالحصر والقراءة الفاحصة، ثم التصنيف والنشر؛ سعيًا لإكمال المنظومة القضائية العلمية في هذه المرحلة الرائدة من تاريخنا القضائي المعاصر.
واليوم يطلق ديوان المظالم أول مدونة للقضاء التجاري بحلة متخصصة في المملكة شملت ما يربو على العقد والنصف من الزمن كإصدار أول إلى عام 1423هـ؛ وستليها- بإذن الله تعالى- المرحلة الثانية التي سترى النور بإذن الله قريبًا. حتى يكتمل عقد مدونات ديوان المظالم تباعًا إلى عامنا الحالي بإذن الله.
والديوان وهو يضع هذه الأحكام والمبادئ بين يدي ذوي الشأن يرجو أن يكون عمله متوجًا برضا الله، وموضع قبول، وفائدة متحصلة، مسهمًا في اكتمال المنظومة العلمية القضائية، والثراء المعرفي الشرعي والنظامي؛ أداءً للأمانة التي حُمِّلْناها، ثم للثقة الكريمة التي أولانا إياها خادم الحرمين الشريفين (حفظه الله)، وختامًا فالحمد لله رب العالمين وحده.
أدام الله على بلادنا وولاة أمرنا عفوه وعافيته في الدين والدنيا؛ حفظًا للأمن ورعاية للشريعة الإسلامية الخالدة. والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته…
وفي ختام الحفل سلّم رئيس ديوان المظالم دروعًا تكريمية لكلٍّ من سمو الأمير عبدالعزبز بن سطام ووزير العدل.