فيصل بن معمر: الحوار أفضل وسيلة لتعزيز التعايش

الأربعاء ٣ فبراير ٢٠١٦ الساعة ١١:٠٢ مساءً
فيصل بن معمر: الحوار أفضل وسيلة لتعزيز التعايش

أوضح الأمين العام لمركز الملك عبدالله العالمي للحوار بين أتباع الأديان والثقافات- الأستاذ فيصل بن عبدالرحمن بن معمر- أن المركز يعمل وفق قناعة راسخة بأن الحوار هو أفضل وسيلة لتعزيز التعايش والاحترام المتبادل لترسيخ السلام، وأن المركز يحاول أن يسهم في بناء جسور من التفاهم بين أتباع الأديان من خلال الحوار. مؤكدًا على دور القيادات الدينية في التأثير على مجتمعاتهم من خلال مكافحة التطرف والإرهاب ورفض الكراهية، ومؤكدًا كذلك على أهمية عدم ربط أي دين بالإرهاب أو التطرف والحذر من استخدام الدين أو الانتماء السياسي لنشر التطرف والكراهية.

جاء ذلك خلال كلمته الترحيبية التي ألقاها مساء الثلاثاء 2 فبراير الجاري، والتي رحب فيها بزيارة الرئيس النمساوي الدكتور هاينز فيشر لمركز الملك عبدالله العالمي للحوار بين أتباع الأديان والثقافات، بالعاصمة النمساوية فيينا وأشاد فيها بالتزام الرئيس النمساوي بدعم الحوار والتعايش بين الشعوب والحفاظ على التماسك الاجتماعي، محييًا ممثلي الطوائف الدينية بالنمسا الذين يساهمون في تعزيز التفاهم بين أتباع الأديان في العالم، وفي النمسا بصفة خاصة.

وقد عرض الأمين العام الأستاذ فيصل بن معمر- في مستهل كلمته- لمسيرة تأسيس مركز الملك عبدالله العالمي للحوار بين أتباع الأديان والثقافات قائلًا: يعرف الكثيرون منكم أنه قد تم تأسيس المركز من قبل: المملكة العربية السعودية والنمسا وإسبانيا، بالإضافة إلى الفاتيكان كعضو مراقب. إذ تشكل هذه الدول مجلس الأطراف. وتتم إدارة المركز من قبل مجلس الإدارة المكون؛ من قيادات دينية من خمس ديانات وثقافات عالمية رئيسية، وهي: الإسلام والمسيحية واليهودية والبوذية والهندوسية، وجميع أعضاء مجلس الإدارة خبراء في الحوار بين أتباع الأديان حيث نتشرف اليوم بوجود ستة منهم.

وأوضح أن إدارة المركز تتم من قبل صناع القرار وقيادات دينية متنوعة بحيث لا يمثل المركز أتباع دين واحد أو دولة واحدة، ومجلس الإدارة يحدد برامجنا بناءً على القناعة بأن الحوار هو أفضل وسيلة لتعزيز التعايش والتفاهم وترسيخ المشتركات البشرية لبناء الأمن والسلام.

وأوضح “ابن معمر” في كلمته طبيعة الدور الذي يقوم به المركز؛ حيث أكد أن المركز يساهم في حل المشكلات العالمية من خلال الحوار واستنهاض جهود المؤسسات الدينية. فعندما نعزز جهود القيادات الدينية في التواصل مع صناع السياسات، فإننا تستطيع أن تحقق تغييرًا ونجاحات في تطبيق مبادرات وتوصيات المؤتمرات وورش العمل، ويمكن للقيادات الدينية التأثير على مجتمعاتهم من خلال مقاومة ورفض الكراهية والعنف باسم الدين.

وأضاف “ابن معمر”: لقد استطعنا تكوين شراكات عالمية؛ مثل: برنامج الأمم المتحدة الإنمائي واليونسكو والإتحاد الإفريقي والمنظمة الإسلامية الدولية للتربية والثقافة والعلوم. كما نتعاون أيضًا مع منظمة الأمن والتعاون في أوروبا ومنظمة التعاون الإسلامي والعديد من المنظمات غير الحكومية الأخرى.

ونحن نؤيد هذا التعاون؛ لأنه يشكل جزءًا أساسيًّا في بناء السلام حيث تتشارك الأمم المتحدة والمنظمات الدولية والمنظمات غير الحكومية هذه الرؤية، وهم شركاؤنا في هذه المبادرات.

ورأى “ابن معمر” في كلمته أن مشكلة اللاجئين بالعالم تشكل مصدر قلق دائم، ولكي يستطيع اللاجئون العودة إلى أوطانهم، أو الاندماج في أوضاعهم الجديدة. فينبغي علينا أن نجد وسيلة لمساعدة الناس على قبول بعضهم البعض وعدم الخوف من الاختلافات. فالحوار يساعدنا على تحقيق ذلك. ومن خلال الحوار نستطيع إزالة الخوف وبناء الثقة وبناء قيم جوهرية مشتركة للتعايش والتفاهم. موضحًا أن الطوائف الدينية النمساوية أظهرت التزامًا وعزيمة في مساعد اللاجئين على الاندماج هنا في النمسا. ونحن نحاول من خلال برامج الحوار أن نؤدي دورنا في دعم هذه الجهود لمساعدة اللاجئين على الاندماج والتفاهم والتعايش مع الآخرين في بيئتهم الجديدة، ونعمل على التواصل مع القيادات الدينية لتنمية مهارات الحوار والتواصل، كما نعمل على الصعيد العالمي في مناطق الصراع التي يتم فيها استخدام التعاليم الدينية لتبرير العنف؛ كما هو الحال في العراق وسوريا وفي نيجيريا وفي جمهورية إفريقيا الوسطى.

واستعرض الأمين العام للمركز عددًا من الجهود التي قام بها المركز، حيث أطلق المركز في العام 2014م مبادرة “متحدون لمناهضة العنف باسم الدين” وتعزيز قيم المواطنة المشتركة ودعم التنوع والمحافظة على حقوق الطوائف الدينية. كما عقد المركز عدة مؤتمرات بمشاركة أكثر من 300 من القيادات الدينية من الدول العربية وعقدت عدة اجتماعات في بيروت والقاهرة وعمان وفيينا، ويُعتبر لقاء فيينا أول لقاء يتم خلال العشرين عامًا الماضية بين القيادات الدينية المتنوعة لترسيخ التعايش على أساس المواطنة.

وفي سبتمبر 2015، في أثينا، عقد المركز لقاءً رفيع المستوى بين قيادات دينية إسلامية ومسيحية بالشرق الأوسط. وتم تتويجه بإعلان أثينا (لدعم حقوق المواطنة والقبول بالتنوع). ولقد كان هذا الإعلان بمثابة خارطة طريق، وأوضح معاليه أن في هذا العام سيتم التركيز على دعم شبكة من الخبراء الدينيين من مختلف المجتمعات والطوائف الدينية؛ لإشراك صانعي السياسات في دعم جهود القيادات الدينية لمكافحة التطرف والإرهاب.

وفي ديسمبر 2015 أقام المركز أول شبكة من نوعها بين المعاهد الدينية الإسلامية والمسيحية. حيث تُعتبر مثل هذه الشبكة خطوة أولى مهمة لترسيخ ثقافة الحوار والتعايش كقيمة أساسية في التعليم الديني.

كما درب المركز 150 شابًّا من القيادات الدينية الشابة المتخصصين في شبكات التواصل الاجتماعي العربية. وسوف يقومون بإطلاق حملات في وسائل الإعلام الاجتماعية؛ لمواجهة خطابات الكراهية والتحريض.

كما قام المركز بتدريب أكثر من 3000 من قيادات اجتماعية في مجال الحوار. ومن خلال برنامج الزمالة درب المركز 39 من الرجال والنساء على مدى العامين الماضيين، وتم التركيز على اختيار المشاركين في مناطق الصراعات.

واختتم “ابن معمر” كلمته بالتأكيد على ضرورة العمل المشترك في بناء السلام وتعزيز دور الحوار ودور مركز الملك عبدالله العالمي للحوار بين أتباع الأديان والثقافات في تحقيق ذلك، على اعتبار أن الحوار وسيلة ناجحة وذات مصداقية لبناء السلام والوئام.

واختتم حديثه برفع خالص الشكر والتقدير لمقام خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبدالعزيز؛ لما تقدمه المملكة العربية السعودية من دعم ومساندة، ولجمهورية النمسا ومملكة إسبانيا الدول المشاركة في تأسيس المركز، وإلى الفاتيكان العضو المراقب على الدعم والمساندة، وإلى أعضاء مجلس الإدارة من مختلف الأديان والثقافات، وإلى الرئيس النمساوي على إلقاء الكلمة الرئيسية في المركز ودعم جهود المركز، وإلى الكاردينال شونبرن على دعمه لجهود المركز، وإلى جميع القيادات الدينية في النمسا: المسلمين والمسيحيين واليهود والهندوس والبوذيين.