بريطانيا تمزّق الاتحاد الأوروبي وتمضي نحو مستقبل مجهول

الجمعة ٢٤ يونيو ٢٠١٦ الساعة ١١:٠٣ مساءً
بريطانيا تمزّق الاتحاد الأوروبي وتمضي نحو مستقبل مجهول

تباينت الآراء وردود الفعل على نتيجة الاستفتاء البريطاني الذي قضى بالانفصال عن الاتحاد الأوروبي؛ ليفتح الباب على مصراعيه أمام جميع التكهنات ويجعل مستقبل المملكة المتحدة، على المحك !
“المواطن” ترصد أبرز ردود الفعل على القرار وتداعياته على مستقبل بريطانيا، ومصير الاتحاد الأوروبي بعد مغادرتها في ضوء معطيات كبيرة تكشف عن دول أخرى تفكر جديًا بالانفصال عن الاتحاد الذي بات مثارًا للشك بين أعضائه في ظل تنامي الأحزاب اليمينية القومية.
وفي مقدمة الردود، كان تقديم رئيس الوزراء ديفيد كاميرون، استقالته أمام الملكة إليزابيث، قائلًا إنه لن يستمر في منصبه بحلول شهر أكتوبر المقبل بعد أن أيّد البريطانيون الخروج من الاتحاد الأوروبي في استفتاء الخميس الماضي.
وقال كاميرون: “لا أعتقد أنه سيكون من الملائم لي أن أمسك بدفة قيادة البلاد إلى وجهتها المقبلة”، مضيفًا أنه يجب إنتخاب رئيس وزراء للتفاوض مع الاتحاد الأوروبي بحلول المؤتمر السنوي لحزب المحافظين بعد ثلاثة أشهر.
ووصف وزير الخارجية الألماني فرانك شتاينماير، يوم التصويت بأنه “يوم حزين” لبريطانيا وأوروبا، بينما دعا وزير الخارجية الفرنسي جان مارك أيرولت، لإتخاذ إجراءات لإعادة الثقة إلى الشعوب.
وصرَّح رئيس البرلمان الأوروبي مارتن شولتز، بأن “بريطانيا اختارت أن يكون لها مسار خاص بها وسيكون مسارًا صعبًا جدًا”، وأكد رئيس اتحاد المصدرين في ألمانيا، أن نتيجة الاستفتاء البريطاني “كارثية لبريطانيا وأوروبا وألمانيا، وخصوصا الإقتصاد الألماني”.
ودعا وزراء خارجية الدول الست المؤسسة للاتحاد الأوروبي، إلى عقد اجتماع بعد يومين من الاستفتاء في برلين، للتباحث في تبعات خروج البريطانيين من الكتلة الأوروبية، مشددين على ضرورة الحفاظ على الاتحاد وضمان عدم انجرار المزيد من الدول الأوروبية نحو الإنفصال.
تمزيق المملكة واستقلال اسكتلندا
واعتبر رئيس الوزراء البريطاني الأسبق توني بلير، أن تصويت البريطانيين للخروج من الاتحاد الأوروبي قد يكون ضغطًا بإتجاه إجراء استفتاء جديد حول استقلال اسكتلندا.
وأضاف بلير: “سيكون للقرار عواقب خطيرة، فسيتجدد الضغط بإتجاه إجراء استفتاء جديد للاستقلال في اسكتلندا في ظروف مختلفة تمامًا عن تلك التي كانت سائدة إبان استفتاء 2014″، موضحًا أن البريطانيين سيكتشفون قريبًا أن اختيارهم الإنفصال عن الاتحاد الأوروبي لن يحل مشاكلهم التي تسببت بها العولمة وليس الاتحاد الأوروبي.
ومخاوف بلير تلك، أعلنتها صراحة رئيسة وزراء اسكتلندا نيكولا ستورجيون، بأن إجراء استفتاء ثان للإنفصال عن بريطانيا هو أفضل حل؛ علمًا أنه سبق أن جرى استفتاء في نوفمبر 2014 أظهر رفض الاسكتلنديين الاستقلال عن بريطانيا بـ55.3% من الأصوات، بفارق كبير عن مؤيدي الاستقلال الذين حصلوا على 44.7%.
تداعيات إقتصادية
ويرى مراقبون، أن الخروج من الاتحاد الأوروبي سيحرم المملكة المتحدة، من الكثير من الإمتيازات الإقتصادية، لاسيما الضرائب التي يسهم بها المهاجرون الأوروبيون في تنمية خزانة الدولة.
وأوضحوا أن الاتحاد الأوروبي هو الشريك الإقتصادي الأول للمملكة المتحدة، وشكل 45% من الصادرات البريطانية و53% من الواردات عام 2014، لافتين إلى أن الانفصال سيؤدي إلى فقدان نفوذ بريطانيا في العالم، ويزيد من إحتمالات استفتاء جديد حول استقلال اسكتلندا التي تؤيد بشدة البقاء في الاتحاد الأوروبي.
غفوة النفط والجنيه الإسترليني
وانعكست نتائج الاستفتاء فورًا على الجنيه الإسترليني الذي هوى بنسبة أكثر من 10% أمام الدولار الأمريكي وهو أدنى مستوى منذ ثلاثين عاما، علمًا بأن الأخير هبط بدوره أمام الين الياباني بنسبة تزيد على 5%، وإلى جانبهما هبطت أسعار النفط بأكثر من 5%.
وسجل سعر الجنيه الإسترليني تراجعًا جديدًا في أسواق آسيا، الجمعة، إلى 1.33 للدولار الواحد، ليخسر بذلك أكثر من 10% من قيمته، الأمر الذي دفع بنك إنجلترا، المركزي إلى الإعلان بأنه سيتخذ جميع الخطوات الضرورية لضمان الاستقرار النقدي والمالي بعد تصويت البريطانيين لصالح الخروج من الاتحاد.
وفي بريطانيا أيضًا، هبط مؤشر فايننشال تايمز 100 أكثر من 8% عند فتح السوق الجمعة بما قلص القيمة السوقية للأسهم القيادية الكبرى في بريطانيا بأكثر من 100 مليار جنيه إسترليني (136.7 مليار دولار)، كما نزل مؤشر فايننشال تايمز 100 البريطاني للأسهم القيادية نحو 7% في أوائل التعاملات، مسجلًا أكبر خسارة يومية بالنسبة المئوية منذ أكتوبر/تشرين الأول 2008.
وهوى مؤشر فايننشال تايمز 205 لأسهم الشركات المتوسطة -الذي تهيمن عليه الشركات المنكشفة على الاقتصاد البريطاني- 11.4%.
وأسعار النفط الأخرى لم تكن أفضل حالًا من الجنيه الإسترليني، فهبطت أكثر من 6%، وانخفض خام القياس العالمي مزيج برنت في العقود الآجلة 2.70 دولار إلى 48.21 دولارا للبرميل، بينما نزل الخام الأمريكي 2.65 دولار إلى 47.46 دولارا للبرميل.
يُذكر أن إجراءات الخروج البريطاني من الاتحاد الأوروبي وترتيباته ستستغرق عامين، ويجب على الحكومة أن تطرح الموضوع على البرلمان للموافقة.