التحويلات الأجنبية.. تؤرق المسؤولين وتقض مضاجع العاطلين

الأحد ١٩ يونيو ٢٠١٦ الساعة ٩:٠٤ مساءً
التحويلات الأجنبية.. تؤرق المسؤولين وتقض مضاجع العاطلين

تُشكّل التحويلات المالية الأجنبية إلى خارج المملكة، هاجساً يؤرق الكثير من المسؤولين ويقض مضاجع العاطلين عن العمل ويزيد من حسرتهم في ظل ارتفاع معدلات البطالة؛ إذ يذهب خير البلاد إلى خارجها على مرأى منهم ودون حول لهم ولا قوة.
وتُعتبر المملكة أكثر وجهة مفضلة للعمالة في الشرق الأوسط؛ حسب استطلاع أجراه بنك “إتش إس بي سي”، كما أنها الرابعة عالمياً في استقدام العمالة التي تستحوذ على ما يزيد عن 42% من الوظائف، وتبلغ تحويلاتهم إلى بلادهم من المملكة حوالي 26.6 مليار دولار، علماً أن السعودية ثاني أكبر بلد مُصدر لتحويلات الأجانب بعد الولايات المتحدة الأميركية.
وآخر الإحصاءات، ما أعلنته وزارة العاملين بالخارج الباكستانية، أن العمالة الباكستانية في السعودية حولت 4.83 مليار دولار، خلال الفترة من يوليو 2015 إلى إبريل 2016؛ لتؤكد أن المملكة هي أكبر مصدر لتحويلات العمالة الباكستانية، وتأتي بعدها الإمارات بنحو 3.54 مليار دولار.
وأوضحت الوزارة، أنها تتطلع إلى خطة “التحول الوطني 2020” لزيادة عمالتها في المملكة، وبالتالي زيادة حصيلتها من النقد الأجنبي، دون أن تدرك سعي المملكة الحثيث إلى تقليص هذه العمالة والاعتماد على توطين معظم القطاعات الاقتصادية بالاعتماد على الشبان السعوديين.
أرقام و مفاجآت
وأعرب الباحث والأكاديمي الدكتور محمود المدني، عن دهشته من تقارير “ساما” عن تحويلات العمالة الأجنبية إلى خارج المملكة والتي وصلت إلى مبلغ وقدره 153.3 مليار ريال في عام 2014، وهو أكثر مما تم تحويله في عام 2013 الذي بلغ 147.9 مليار ريال.
وأوضح المدني، أن التوقعات تتحدث عن مبلغ يقترب من 150 مليار ريال كحصيلة لتحويلات العمالة الأجنبية في 2015، مضيفاً أن هذه التحويلات تمثل استنزافاً سنوياً للموارد النقدية بنسبة 6% من الناتج المحلي الإجمالي.
وأضاف أن “هذه الأرقام صادمة جداً، حيث أنها تؤثر على الاقتصاد المحلي، مما يؤدي إلى نقص شديد للتدفقات النقدية في السوق، ولها تأثيرات سلبية أخرى على معدلات البطالة والاستثمار ومعدلات النماء وأسعار العملات وغيرها”.
أشبه بالسرطان
ويُشبّه رئيس المركز السعودي للدراسات والبحوث الاقتصادية ناصر القرعاوي، تحويلات العمالة الأجنبية الكبيرة إلى الخارج بـ”السرطان الخفي” الذي ينهش الاقتصاد السعودي.
وأكد القرعاوي في تصريحات صحفية سابقة: “لا بد من معالجة هذا التشوّه، نتحدث عن 130 مليار ريال تخرج سنوياً من المملكة عبر قنوات غير نظامية لنحو 127 دولة”، مضيفاً أن متوسط تلك التحويلات في السنوات العشر الماضية تجاوز 105 مليارات سنوياً.
وتساءل: “لماذا يخرج هذا المبلغ الكبير من المملكة، وأين الرقابة المالية، وهل هي فعلاً مرتبات ومزايا وظيفية أم أموال غير شرعية ناتجة عن التجارة الخفية التي تضر أسواق المملكة؟!”، موضحاً أن كثيراً من الدول تضع حداً أقصى لتحويلات العاملين الأجانب لا يتجاوز 70% من راتب العامل، ولكن في السعودية السقف مفتوح والعامل يحول أكثر من راتبه.
تضخيم ومبالغة
ويرى أمين عام لجنة الإعلام والتوعية المصرفية طلعت حافظ، أن الحديث عن التحويلات الأجنبية يندرج ضمن أنواع من التضخيم والمبالغة في مدى تأثيرها على الاقتصاد الوطني.
وتابع حافظ: “من الخطأ الاعتقاد بأن تلك التحويلات استنزاف لمقدرات الاقتصاد الوطني؛ لأننا إذا نظرنا إلى الرقم قد يبدو كبيراً، ولكن أيضاً يجب أن نكون منطقيين وموضوعيين في حجم هذا المبلغ بالنسبة للبنية التحتية وحجم ميزانية واستثمارات المملكة”.
واستدرك: “أنا لا أنكر ولا أقلل من التأثيرات الناتجة عن استمرار الحوالات، ولكن الجنوح والمبالغة بأن هذا التأثير مُهدد للاقتصاد المحلي أختلف معه؛ لأن اقتصاد المملكة قوي وكبير، إذ يمثل إنتاج المملكة 40% من الناتج المحلي الإجمالي العربي و56 إلى 58% يمثل من حجم الاقتصاد الخليجي”.
ولفت إلى أن المملكة لديها حجم كبير من الاستثمارات الخارجية وفي مختلف أدوات الاستثمار والاحتياطات الكبيرة نحو 2.5 تريليون ريال سعودي، مضيفاً “لذلك أنا لست قلقاً من هذه المبالغ المحولة، ولكن من دون شك تصغير هذا الرقم سيكون له عوائده الإيجابية على الاقتصاد المحلي”.
حلول جذرية
وأضاف حافظ، أن التغلب على مشكلة تحويلات العمالة الأجنبية والحد من ارتفاعها، يكمن في ابتكار فرص وقنوات استثمارية للأجانب، تحفزهم على استثمار أموالهم وإبقائها داخل الاقتصاد الوطني، بهدف تنميتها والمحافظة عليها، وليس كما يرى البعض بفرض نوع من الرسوم أو الضرائب على الدخول وتقييد حركة تلك التحويلات.
وبيَّن الباحث والخبير في الشؤون الاقتصادية الدكتور بهاء حسين عزي، أنّ الحل الجذري للحد من الحوالات الأجنبية إلى الخارج، يكمن في خلق وتشغيل عمالة سعودية تعمل في القطاعات المختلفة.
وأكد عزي، ضرورة التوجه إلى التصنيع الذاتي وليس الاعتماد على العمالة الوافدة، منوهاً بأنّ مشاريع التصنيع الذاتي من شأنها حل المشكلة وتوفير آلاف فرص العمل وخلقها للسعوديين في القطاعات كافة؛ وعلى رأسها مشاريع الإنتاج والقطاعات الإلكترونية والتقنية.

تعليقك على الخبر
لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني | الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *
  • غير معروف

    ما يتم تحويله الي الخارج يعود اليها بصورة أسعار البنزين التي يدفعا اهل وأقارب المغترب ، فمثلا باكستان يحولون اربع مليارات في حين تدفع باكستان اكثر من ذلك لشراء النفط من السعودية !!!!