الفرق بين علاقة الـ 70 عاماً وتعاون الـ 17 عاماً وحراك الـ 7 أشهر

الثلاثاء ٣٠ أغسطس ٢٠١٦ الساعة ١٢:٢١ مساءً
الفرق بين علاقة الـ 70 عاماً وتعاون الـ 17 عاماً وحراك الـ 7 أشهر

المواطن – ساجد الشريف – الرياض
يشهد التوثيق التاريخي أن العلاقة بين السعودية والصين عمرها 70 عاماً، منذ توقيع أول معاهدة صداقة بين البلدين في جدة بتاريخ 15 نوفمبر 1946، لكنها كانت علاقة “متحفّظة” نوعياً، حتى تأكد ذلك مع غياب التواصل الدبلوماسي خلال 30 عاماً، بين عامي 1949 و1979. وما زاد من التحفُّظ في العلاقة، ما كانت تظنه الصين بحسب تقارير اقتصادية أمريكية، أن المملكة متحفّظة في علاقاتها مع الشرق عموماً، آنذاك.
تبدّل الحال مع مرور السنوات، خصوصاً حينما توغّلت الصين في الاقتصاد العالمي عام 1978، وبدأت عمليات الإصلاح والانفتاح والنمو الاقتصادي السريع، وبدأت الحاجة لتأمين احتياجاتها النفطية، فبدأ التقارب الاقتصادي بين البلدين يعود بدءاً من حقبة ثمانينيات القرن الماضي. وزاد التعاون الثنائي بعد توقيع الطرفين لاتفاق التعاون الإستراتيجي في عام 1999، حينما أصبح النفط السعودي يشكّل أكثر من ربع واردات الصين.

ليس بالنفط وحده تحيا “العلائق”
العلاقة النفطية الوثيقة بين المملكة والصين عمرها 17 عاماً، منذ اتفاق 1999. وعمر النمو الاقتصاد الصيني المتواصل ما بين 8 إلى 10%، بحسب تقارير اقتصادية غربية، نحو 20 عاماً، لهذا كان تأثير الإمداد النفطي السعودي الوافر سبباً في صحوة “التنين الصيني”، وإثباته لحالة “الرعب الاقتصادي” للغرب، حتى أثبت أنه الاقتصاد الثاني في العالم، متخطياً اقتصاديات غربية مثل ألمانيا وبريطانيا وفرنسا وإيطاليا، وشرقية مثل روسيا واليابان.
إلا أن العلاقة الاقتصادية المتفردة بين البلدين لا تحيا بالنفط وحده، فبعد 14 عاماً من اتفاق الطرفين في 1999، عادت الصين لإحياء طريق الحرير القديم، من خلال مبادرتها في سبتمبر 2013 لإنشاء حزام اقتصادي جديد يربط دول آسيا برياً وبحرياً بمنطقة الشرق الأوسط وأوروبا وأفريقيا.
و عبر زيارة الرئيس الصيني شين جين بينغ للمملكة في 19 و20 يناير الماضي، تم توقيع مذكرة تفاهم لتعزيز التعاون المشترك بشأن “الحزام الاقتصادي لطريق الحرير” ومبادرة “طريق الحرير البحري للقرن الـ21”.
وهذا يدل على أن المرحلة الاقتصادية المستقبلية المقبلة، ستمر من خلال منعطف “عودة الحرير”، خصوصاً مع ما ستفرزه الزيارة الراهنة لولي ولي العهد صاحب السمو الملكي الأمير محمد بن سلمان بن عبدالعزيز إلى الصين.

مدلولات رفع نسبة التجارة إلى 150%
عبر مساعي الصين بشأن “الحزام الاقتصادي لطريق الحرير” و”طريق الحرير البحري للقرن الـ21″، وبلغة الأرقام فإن من أهم أهداف الصين من ذلك الطريق، رفع نسبة تجارتها مع الدول العربية إلى 150%، من 240 مليار دولار إلى 600 مليار دولار.
وبحسب دراسة حديثة عن استقصاء العوائد الاقتصادية لعودة طريق الحرير، اتضح أنه يمر بـ 65 دولة، وافقت 50 منها حتى الآن، للربط بين القارات القديمة الثلاث (آسيا وأفريقيا وأوروبا). ومن بين الدول الـ 65 عبر القارات الثلاث، يبرز الحضور السعودي كموقع جغرافي ومكانة سياسية وقوة اقتصادية، في تنفيذ النسبة الأبرز من إستراتيجيات تجارة طريق الحرير، وهذا يعني أن أحلام نسبة مضاعفة التجارة العربية والشرق أوسطية إلى 150%، تقدم مدلولات واضحة بعمق الفائدة الاقتصادية الواضحة للمملكة من رفع تلك النسبة، من خلال استثمار معابرها البرية والبحرية لذلك الطريق، خصوصاً مع إنشاء جسر الملك سلمان الذي يربط آسيا بأفريقيا، يقرب أوروبا إليهما معاً.

“رؤية 2030” تؤصل لاستثمار الموقع والمكانة
من بين المرتكزات الثلاثة لـ “رؤية المملكة 2030″، الإفادة من الموقع الجغرافي الإستراتيجي كبوابة عالمية للربط بين القارات الثلاث، إلى جانب المرتكزين الآخرين: العمق العربي والإسلامي، وامتلاك قدرات استثمارية ضخمة.
ويبدو أن ما تبحث عنه المملكة عبر “رؤيتها”، والصين من خلال “طريق حريرها”، سيلتقيان في أكثر من محطة استثمارية مهمة خلال السنوات القريبة المقبلة. وهذا يعني إمكانية تعزيز الاستثمارات المشتركة، وفتح الأبواب لأبرز شركات الصين للاستثمار في الداخل السعودي، ومن ثم الانطلاق إلى الأسواق القريبة، خصوصاً في مجالات البتروكيماويات والطاقة المتجددة والتقنية وتجارة التجزئة.
هذا يعني فرصة إضافية لتدعيم مكانة الاقتصاد السعودي عالمياً، من خلال ما ستسفر عنه مباحثات ولي ولي العهد، عبر اجتماعات اللجنة العليا المشتركة بين البلدين.
وهذا يعني أيضاً أن عمر الـ 70 عاماً للعلاقة السعودية مع الصين شيء، وعمر الـ 17 عاماً بعد تعزيز التعاون النفطي الإستراتيجي شيء آخر، وعمر الـ 7 أشهر الأخيرة عقب زيارة الرئيس الصيني للرياض وتوقيع 14 اتفاقية تاريخية شيء مختلف تماماً، يمكن أن تبدأ معه الانطلاقة الأقوى للاقتصاد السعودي عالمياً.

تعليقك على الخبر
لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني | الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *
  • Mamdouh

    اللة يطرح القبول والخير للبلدين