تخمة المعروض تزيد الضغوط على أسواق النفط قبل اجتماع الجزائر

الثلاثاء ١٣ سبتمبر ٢٠١٦ الساعة ١:٤٠ مساءً
تخمة المعروض تزيد الضغوط على أسواق النفط قبل اجتماع الجزائر

استهل النفط تعاملات الأسبوع في الأسواق الدولية على تسجيل انخفاضات بنحو 1.5 في المائة بدعم من زيادة الحفارات النفطية الأمريكية، الذي يعكس استمرار وفرة المعروض، في ضوء تمكن بعض منتجي النفط الصخري من التأقلم مع المستويات المنخفضة لأسعار الخام.

وتجيء زيادة الإنتاج الأمريكي لتضيف مزيدا من الأعباء والضغوط على أسعار النفط الخام قبل أقل من أسبوعين من عقد اجتماع المنتجين المرتقب في الجزائر، ما يتطلب من المنتجين اللجوء إلى الخيارات الصعبة لمنع تدهور الأسعار، خاصة السعي حثيثا لتمرير مبادرة تثبيت الإنتاج.

ويثير نشاط الإنتاج الأمريكي المخاوف مجددا من اتساع الفجوة بين العرض والطلب مرة أخرى وتعزيز حالة وفرة المعروض على حساب ضعف الطلب، التي أرهقت الأسعار على مدى العامين الماضيين، خاصة في ضوء تخوفات بعض المراقبين من احتمال هبوط الأسعار إلى ما دون 40 دولارا للبرميل.

كما يعزز حالة وفرة المعروض ارتفاع إنتاج دول “أوبك” إلى مستويات قياسية وتوقع ارتفاع الإنتاج الروسي بنحو 2.2 في المائة قبل نهاية العام ليسجل أعلى مستوى في 30 عاما.

وفي هذا الإطار، أوضح لـ “الاقتصادية”، الدكتور بيرنارد ماير أستاذ الجيولوجيا في جامعة كاليجاري في كندا، أن شركات إنتاج النفطين الصخري والرملي في الولايات المتحدة وكندا تعملان منذ فترة طويلة على التوصل إلى تكنولوجيات متطورة وتقنيات حديثه تمكن من الإنتاج في ظل أسعار منخفضة للنفط الخام، ويبدو أنها نجحت في تحقيق ذلك لأننا أمام حقيقة أن الحفارات الأمريكية تواصل التزايد وبمعدلات مرتفعة في مؤشر على عودة مستويات الإنتاج العالية.

وأشار ماير إلى أن الإنتاج الصخري أصبح له دور مستقر في منظومة الطاقة، وعندما ينمو الطلب للمستويات الكبيرة المتوقعة سنصبح في حاجة أكبر إلى كل موارد الطاقة، لافتا إلى أن حالة تخمة المعروض الحالية لن تستمر كثيرا وأن معدلات النمو خاصة في الدول كثيفة السكان تتطلب تأمينا واسعا لإمدادات الطاقة في ضوء احتياجات مستقبلية واسعة.

وأضاف ماير أن الأسعار قد تكون مرشحة للهبوط في المرحلة الحالية، وهو ما قد يمثل ضغطا أكبر على المنتجين خلال اجتماعهم المقبل في الجزائر لاتخاذ خطوات وبرامج عمل مشتركة تصب في مصلحة تعزيز الأسعار، والحفاظ على الاستقرار توازن السوق، وقد يكون تثبيت الإنتاج إحدى الأليات المهمة الملائمة للمرحلة الراهنة.

من ناحيته، يقول لـ “الاقتصادية”، سبنسر دال كبير الاقتصادييين في عملاق الطاقة بريتيش بتروليوم “بي بي”، إنه على الرغم من أن النفط الصخري الأمريكي لا يمثل إلا 5 في المائة فقط من حصة السوق، ولكن تنوع موارد إنتاجه وكل أشكال النفط الضيق تتسم بالديناميكية وسرعة التغير، ما يجعل تأثيرها واسعا ومتناميا على السوق.

وأضاف دال أنه من الطبيعي أن نشهد تراجعا في الأسعار بمجرد انتعاش إنتاج النفط الصخري ربما لعوامل نفسية في السوق لأن وفرة الإمدادات من النفط الصخري كانت سببا رئيسا في انهيار أسعار الخام اعتبارا من منتصف عام 2014، وإضافة إلى ذلك يعزز هذا الإنتاج تخمة المعروض التي لم يتعاف منها السوق بعد، على الرغم من تقلص الاستثمارات وتحسن مؤشرات الطلب.

وأشار دال إلى أن النفط الضيق أصبح مكونا مهما من المعروض النفطي العالمي، وسيزداد في السنوات المقبلة، وكلما تحسن مستوى الأسعار سواء بفعل الطلب أو عوامل أخرى سيكون في المقابل انتعاش في إنتاج النفط الصخري الأمريكي الذي كان البعض قد راهن على خروجه نهائيا من السوق، ولكن ذلك لم يحدث، بل حدث على العكس عملية تأقلم سريع مع مستوى الأسعار المنخفض.

من ناحيته، أوضح خوسيه أجناسيو سانز المدير التنفيذي لشركة “توتال” العملاقة للطاقة، أن انتعاش إنتاج النفط الصخري سيقود دون شك لاتساع الفجوة بين العرض والطلب ومن ثم عودة الأسعار المنخفضة التي تتسبب في تباطؤ الاستثمارات، ولذا يجب أن تتمتع الاستثمارات بدرجات مرونة عالية وقدرة على تحمل مستويات منخفضة من الأسعار. وأشار سانز إلى أن “توتال” تولي أهمية لمشاريع النفط والغاز الصخريين في الولايات المتحدة، حيث تم خلال الفترة الماضية التركيز على الاستعانة بالتكنولوجيا المتطورة في الإنتاج من بعض الحقول العملاقة مثل بارنيت.

وذكر سانز أن الاستثمارات النفطية في مجال النفط الصخري الضيق نجحت في الفترة الماضية في تطوير الموارد ورفع قيم عملية الاستخراج وزيادة كفاءة التشغيل في مشاريع المنبع، منوها إلى أن مخاوف تخمة المعروض مؤقتة في ضوء زيادة الطلب المتوقعة، كما أن السوق تتوقع الكثير من اجتماع الجزائر في تخفيف حدة المعروض، خاصة مع وصول أغلب المنتجين التقليديين إلى مستويات قصوى في الإنتاج.

وأضاف سانز أن موارد الطاقة التقليدية ستظل المهيمنة على السوق وموضع جذب الاستثمارات، خاصة في منطقة الشرق الأوسط، ولكن ذلك لا يتناقض مع سعي “توتال” لزيادة حصتها في الغاز الصخري بحقل بارنيت الأمريكي بهدف دعم استراتيجية الشركة الفرنسية لتكون رائدة في مجال الغاز الطبيعي.

ومن ناحية أخرى وفيما يخص الأسعار، فقد هبطت أسعار النفط أكثر من 1.5 في المائة، أمس بعد أن أضافت شركات التنقيب في الولايات المتحدة مزيدا من الحفارات في الوقت الذي تأقلم فيه منتجو الخام مع انخفاض الأسعار.

وبحسب “رويترز”، فقد بلغ سعر التعاقدات الآجلة لخام القياس العالمي مزيج برنت 47.19 دولار للبرميل بانخفاض قدره 82 سنتا أو ما يعادل 1.71 في المائة عن سعر التسوية السابقة.

وتراجع سعر التعاقدات الآجلة لخام غرب تكساس الأمريكي الوسيط 86 سنتا أو ما يعادل 1.87 في المائة إلى 45.02 دولار للبرميل، وقال تجار إن هبوط سعر النفط كان نتيجة زيادة نشاط عمليات الحفر عن النفط في الولايات المتحدة، وهو ما يشير إلى أن المنتجين يمكنهم العمل وتحقيق ربح في نطاق المستويات الحالية للأسعار.

وأضافت شركات التنقيب الأمريكية مزيدا من الحفارات للأسبوع العاشر في 11 أسبوعا بحسب تقرير شركة بيكر هيوز الذي نشر نهاية الأسبوع الماضي في أطول موجة تشهد عدم تخفيض عدد المنصات منذ 2011.

وأشارت الشركة في تقريرها الأسبوعي الذي يحظى بمتابعة وثيقة إلى أن عدد منصات الحفر النفطية الأمريكية قيد التشغيل ارتفع بواقع سبع منصات إلى 414 منصة في الأسبوع المنتهي في التاسع من أيلول (سبتمبر).

ويقل هذا الرقم عن عدد المنصات التي كانت تعمل في الأسبوع المقابل من العام الماضي البالغ 652 منصة، لكنه أعلى من المستوى الأدنى الذي جرى تسجيله في الآونة الأخيرة، الذي بلغ 316 منصة في أيار (مايو).