لستَ مؤهلًا للنجاح!!

الأربعاء ١٦ نوفمبر ٢٠١٦ الساعة ١:٠٤ صباحاً
لستَ مؤهلًا للنجاح!!
علي السبيعي

يقف في طريق النجاح الكثير من العثرات، ولا أبالغ إن قلت إن الشعور بضعف القدرة وتواضع الإمكانات هو من أهم هذه العثرات، وإن المقارنة مع الغير هي من أهم أسباب ذلك الشعور، والذي يورث في أنفسنا شعورًا بالشح والضآلة وعدم القدرة، ولو أننا فطنّا لأدركنا عميق ما يحوي الإنسان من نقائص مهما تعددت مزاياه، ولكن جريمة العقل في ذلك أنه يبرز لنا ما يلهمنا الإحباط، ويشح علينا بما يدفعنا للتفاؤل.

تفاوت الإمكانات والقدرات أمر طبيعي، ولكن أن يعدم الإنسان، هذا محال، لا ريب أن فلانًا رُزِق القوة، ولكن ماذا عن البداهة، ولا شك أن فلانًا رُزِق حُسن الحديث، ولكن ماذا عن المظهر، وآخر رُزق الشجاعة، ولكن ماذا عن الذكاء.

سأورد مثالًا بسيطًا يوضح المغزى من حديثي، لن أبتعد كثيرًا؛ فالأجدر أن يكون ذلك في نطاق اهتمامي، في الكتابة مثلًا قد يعزوا البعض نجاح فلان من الكتّاب إلى سعة الاطلاع والذكاء أو الفطنة، وقد يجنح البعض إلى اختصار ذلك في الثقافة وحدها، في حين أن مقومات الكتابة الأصيلة أكبر من ذلك بكثير، ويتولد عن هذه النظرة والاختصار إلى أن يربض البعض في مكانه إحساسًا بالعجز تجاه مَنْ بلغت قراءاتهم مئات بل آلاف الكتب، ومن عاشوا في كنف أبوين أو بيئة تدر عليهم الثقافة مدرارًا منذ نعومة أظفارهم.

فالحقيقة أن الكتابة لها مقومات عديدة، فبالإضافة إلى الثقافة هناك الذكاء أو الفطنة، الذي يمنح صاحبة الفرصة للاستشفاف الأمور، وسبر أغوارها، وتحليلها، وتفكيكها، وتركيبها، ومن المقومات كذلك الخيال الخصب الذي يجول صاحبه في أفق أرحب من المعرفة، يمنحه الإبداع والقدرة على رؤية الروابط بين الأشياء، وقد قال آنشتاين: “الخيال أهم من المعرفة”. ومن المقومات استحمال التفكير والتأمل الطويل الذي لا ينعم بجنانه الكثير، وقد وصفه البعض أنّه من أشق المهام على الإنسان. ومن المقومات أيضًا الحكمة {وَمَن يُؤْتَ الحِكْمَةَ فَقَدْ أُوتِيَ خَيْرًا كَثِيرًا}. ومنها أيضًا الحس الجميل النابع من القلوب الرقيقة الذي يمنح صاحبه عذوبة الأسلوب وجماله. ومن المقومات كذلك التجربة ومعايشة الواقع، ولا يخفي كريم ما يمكن أن تضيفه هذه الصفة لصاحبها.

ولك أن تسأل بعد ذلك من الذي يحظى بكل هذه المقومات، ومن الذي يعلم نقْصَه فيحاول تعزيزه وتقويته، الأمر أكبر من أن نختصره في مقوم أو اثنين، بل هو أكبر مما ذكرت بكثير. ولا ريب أننا فوق ذلك نعتمد على توفيق الله وفضله، فليست الأسباب وحدها كفيلة بإيصالنا إلى غاياتنا.

وأخيرًا.. فإن ما ذكرته في الكتابة ينسحب على مجالات الحياة وصنوف الأعمال -بتعددها وتشعبها- فلا ينبغي أن يكون تركيزنا على ما يورثنا الإحباط والعجز، ولكن لنَكُن منصفين لذواتنا ونرى المشهد بشكله الأكمل، والصورة بوجهها الأبهى والأجمل.

تعليقك على الخبر
لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني | الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *
التعليق
الاسم
البريد الإلكتروني

  • عصام هاني عبد الله الحمصي .

    الكاتب جمع بين التخطيط والتنظيم والتنفيذ والإشراف والرقابه اي ضبط إدارياً علمياً مقومات النجاح فحدث الفكر بإحتياجاته وأشبع النهم بمسالك النور والفائده ليسترشد بها كل من له شبق لتحقيق أهدافه ، إنه سبع زمانه فهل من أستفاد منه وقدره أم تم وضعه تحفه بصدر البيت وأخذ يغسل له أقدامه كي يجعله يسير ويكمل مشوار الزمن رغماُ ليترنم بطرق عرض أعزب ألوان هذا الكاتب ، هل تعوون أم بالمشعاب تفهمون ، هل عرفتم لماذا سابق زمانه ، يا السبيعي يا راكب السحاب أنزل مع المطر لتروي حقول العقول اليأسه فقد أدركها الفناء ولا يأس مع النجاح ، وكل من يحبط التخطيط للبلاد والعباد يجب أن يحاسب وشكراً للكاتب على موضوع الساعه .